
تعريف الصرافة فى قاموموس المعانى الجامع لها عدة معانى و دلالات ولكن ما يهمنا هنا الصرافة التى تعنى فى معناها تغيير العملة و جمعها ليس صرافات كما هو شائع وإنما هى صروف – فهى مهنة الصراف – الصرافة هى من يبدل النقود بنقود وهى تعمل فى كثير من الدول بواسطة تصريح من البنوك المركزية بمزاولة مهنة الصيرفة – وهى إيضا جاءت منها كلمة مصرف وتعنى بنك .
ظهرت مكاتب الصرف الخاصة فى السودان لاول مرة فى عهد وزير المالية الاسبق بدرالدين سليمان الذى تولى الوزارة فى عهد الرئيس جعفر محمد نميرى ، للفترة ما بين(17/8/79- 24/11/1981) ، بدر الدين سليمان الذى درس القانون بجمهورية مصر العربية يصبح وزيرا للمالية لا نقدح فى تقافة الرجل وعلمه الغزير ولكننا نعيب النظم الشمولية بتكليف وزراء خارج التخصص و قليلى التجربة فى المجال !!! وبما أن مكاتب الصرف فى ذلك الوقت لم تكن كثيرة واذكر منها على سبيل المثال صرافة النصر لصاحبها جورج سامى دلال وصرافة اولاد عدلان لصاحبها عثمان عبداهقر عدلان وربما لم تكن مزعجة كثيرا بسبب عدم و جود مراسلين لهم فى الدول الخارجية ، أضف الى ذلك لصعوبة تقنية الاتصالات فى ذلك الوقت ورغما عن ذلك قرار فتح الصروف فى تلك الفترة بدون دراسات و افية نتجت عنه مايسمى تجارة العملات و الذى فاقم من الوضع كون العملات الاجنبية صار جزءكبير منها يدور خارج منظومة وقنوات الدولة الرسمية وهى شرارة السوق الموازى و العمود الفقرى فيما بعد !!!
وعندما تقلد الاقتصادى الضليع الدكتور ابراهيم منعم منصور مقاليد الوزراة فى الفترة (24/11/81- 24/12/84 ) ، قام الرجل بإغلاق ووقف مكاتب الصرف الخاصة وارجع الامر للوضع الطبيعى ، بقرار صائب أغلقت الصرافات الخاصة !!! الجدير بالذكر بأن السيد ابراهيم منعم منصور سبق أن تقلد منصب وزير المالية فى الفترة (10/5/73- 25/1/75) وقد خلفه فى المنصب السيد/ مامون بحيرى للفترة ما بين 10/2/76- 9/2/77)!!
نشاهد فى كثير من بلاد العالم تواجد مكاتب الصرف الخاصة بالعملات مثل دبى و السعودية على سبيل المثال ، و هى تعمل بطريقة رسمية وفق تصديق البنك المركزى أو مؤسسة النقد السعودى فى تلك الدول وهى تعمل بتنسيق كامل فى منظومة الدولة الافتصادية !!!!
فما الفرق بين مكاتب الصرف لدينا ومكاتب الصرف فى تلك الدول؟!!!
نتفق تماما بأن مكاتب الصرف لديهم و مكاتب الصرف لدينا قطاع خاص !!!
فالفرق الواضح الذى لا يعلمه الكثيرون بأن البنوك المركزية فى تلك الدول لديها إحتياطيات كبيرة من النقد الاجنبى لا يجرؤ أحدا من مكاتب الصرف الخاصة بزيادة سعر الصرف المعلن من البنك المركزى بمعنى السعودية مثلا سعر صرف الريال السعودى المعلن من البنك المركزى مقابل 1دولار يساوى 75ر3ريال كسعر للشراء 77ر3 ريال كسعر للبيع فى هذه الحدود ما يقارب من 60 عاما لا يستطيع أى مكتب صرف خاص بزيادة هذه الاسعار الرسمية والتى ربما تحتم التدخل الفورى من مؤسسة النقد السعودى بالتدخل لتثبيت سعر الصرف بحكم وفرة إقتصادياتها من النقد الاجنبى و نفس الوضع يتطابق فى جميع الدول التى تحتفظ بنوكها المركزية بإحتياطيات نقد أجتبى و فير ، هذا هو ما يمثل الفرق بيننا وبينهم فى هذه الجزئية وهى مربط الفرس !!!
يا للاسف و الحسرة بنك السودان المركزى (عريان و لا بس سديرى ) يسمح بتصريح للصروف الخاصة بمزاولة عمل الصيرفة و ليس لديه أى إحتياطى من النقد الاجنبى لمواجهة السوق السرطانى الموازى للعملات يستطيع من خلاله إستقرار و ضبط سعر الصرف لذلك نرى معظم تجار و أصحاب مصانع و جامعات وسماسرة عربات و عطالة و عمال غسيل العربات تعلموا مهنة و تجارة العملات و اثروا فيها ثراءا فاحشا وهم السبب الرئيسى فى زيادة اسعار السلع و المنتجات المحلية و الخارجية بسبب المضاربة فى العملات بسبب سياساة الدولة الفقيرة ممثلة فى وزارة المالية و بنك السودان!!!
كثير من مكاتب الصرف الخاصة يملكها رموز النظام السابق وهى السوق الموازى الحقيقى وهم المضاربون فى سعر العملات الصعبة هى عصابات مكتملة الاركان ، شارك فى تأسيسها و تقويتها النظام البائد سئ الذكر على يد عراب الانقاذ المندحر المدعو عبد الرحيم حمدى عندما أتى و ضرب الاقتصاد السودانى فى القلب!!! فى فبرائر من العام 1992 تحت ذريعة سياسة التحرير !!!و قاموا بإنشاء و إحياء الصروف مرة آخرى بطريقة أشد تحررا حيث برعوا فى تأسيس فروع فى جميع دول المهجر بما فيها بريطانيا و كند و امريكا ويجميع الدول العربية لديهم مراسلون (Foreign Corresponds) وبهذا قد خلقوا بنوك موازية يديرها أفراد من التنظيم فى إبتكارات حديثة لتهريب العملات الاجنبية بعيدا عن منظومة الدولة الاقتصادية دون رقيب و لا حسيب !!!و أجلسوا البنوك صاحبة الجلد و الراس فى دكة وكنبة الاحتياط !!! الجدير بالذكر بأن الصروف فى عهد النظام البائد بلغت حوالى 20 مكتب صرف لديهم مراسلون فى جميع أنحاء العالم !!!حربوا الاقتصاد السودانى ودمروه تماما لم يجنى السودان أو الاقتصاد السودانى من مكاتب الصرف هذه أى فائدة و إنما كانت جل أعمالهم فى المضاربة ورفع سعر العملات الاجنبية لمقابلة عمليات الاستيراد للبضائع و السلع المستوردة بما فيها الادوية ومعاش الناس مما كان له الاثر السلبى على واقع الاسعار فى السوق السودانى !!!
حقيقة لقد أعجبنى كثيرا قرار لجنة تفكيك التمكين و أثلج صدرى وهو السبب الذى دعانى لكتابة هذا المقال وعلى بنك السودان المركزى أن يكمل هذا المشوار و يقوم بإغلاق كل مكاتب الصرف الخاصة وتؤول كل اعمالها كما كانت ضمن و اجبات و إختصاصات البنوك !!! الى حين أن يأتى الرواب (النقد الاجنبى )من صندوق النقد الدولى كما يريد السيد وزير مالية الثورة !!!! أو كما نريد نحن من عوائد حصائل الصادرات السودانية رد الله غربتها !!! والتى لا تقل تشبيها بمكاتب الصرف الخاصة والتى تحتاج لتفكيك و معالجة ، خاصة فيما يتعلق بمنشور بنك السودان 4/2020 و الخاص بإجراءآت الصادرات !!!ونحن فى إنتظار من يأتى ليعيد لبنك السودان هيبته وصولاته وجولاته و مكانته الطبيعية فى السيطرة و الهيمنة على سعر صرف الجنيه السودانى مقابل العملات الحرة !!!!
تقديم /
عبد المنعم على التوم