ماذا فعل الكناري ليحكم عليه بالصمت؟

٭ أخذت اسأل نفسي ما هو السر في أن الفنان ينال ما يشتهيه في الحياة من كتف البرتقالة، والشاعر لا ينال من هذه البرتقالة إلا عطرها، يذهب الفنان إلى الحفل فيقدم له صحن من العسل المصفى، أما الشاعر فلا ينال إلا قليلاً من الجبن وقطعة من الخبز، يتجه الفنان إلى الحفل مثل مليك متوج، والشاعر المغلوب على أمره يأتي إلى الحفل فيجلس هناك متوارياً بين الظلال، إنها أقدار مقدرة وما علينا إلا أن نقبل بها، حتى يأتي يوم لا يسمع فيه صوت لكمنجات أو رنين لأوتار أو تأوهات من معجبات، في هذا اليوم العظيم سنكون سواسية على خط مستقيم ولا يكون الفائز منا إلا من أتى الله بقلب سليم.
٭ نظرت إلى شقيقتي ذات الخمسة أعوام من خلال نافذة القطار المتجه من كسلا إلى الخرطوم، فلمحتها عن بعد وهي تضع يديها الصغيريتين على عينيها وهي في حالة من بكاء يوجع القلب، كان ذلك نتيجة وعد قطعته لها أن تسافر معي إلى الخرطوم، كان مجرد وعد من أخ كبير لأخت صغيرة، إلا أنها جعلت من هذا الوعد حقيقة تمكست بها، أخذت أنظر إليها بألم إلى أن غاب القطار وسط دوائر من الدخان، عندها أمسكت بقلمي لأكتب (مشي أمرك يا قدر) التي يتغنى بها الفنان الكبير صلاح مصطفى، كثيرون لا يعلمون أن هذه الأغنية كانت من وحي شقيقتي التي كان عمرها خمس سنوات والتي هي الآن على أعتاب الخمسين.
٭ بعض القنوات الفضائية أصبحت هذه الأيام لا هم لها إلا التركيز على ألوان من البرامج منها السياسية والاقتصادية والرمادية، دون أن تتذكر هذه القنوات أن المواطن دافع الضرائب المسكين يتحرق شوقاً إلى شيء من الموسيقى، تأخذه بين أنغامها الرقيقة إلى اتكاءة صغيرة تزيل عنه رهق العمل اليومي تحت شمس حارقة، ترى ما الذي فعله كناري الصباحات الجميلة حتى يحكم عليه بالصمت في كثير من قنواتنا الفضائية، قال لي المستر (أوشان) الأستاذ السابق في معهد الموسيقى والمسرح، إن المواطن الكوري الذي لا يملك آلة للبيانو داخل منزله لا يستحق أن يكون من كوريا إلا بالاسم فقط.
٭ كان مدير الإذاعة السودانية الراحل محمد خوجلي صالحين لا يرفض طلباً لعازف (الكمنجة) المعروف (بابكر المحامي)، كان إذا تأخر عازف عن عمله أو سافر بدون إذن أو عاد متأخراً عن إجازته ذهب إلى (بابكر المحامي) ليتوسط له لدى صالحين فيخرج من مكتب السيد المدير مبتسماً، ذات يوم ادعى صالحين أمام صديقه (المحامي) أنه مطلوب لدى معالي السيد الوزير للتحقيق معه حول خطأ كبير ورد ضمن إحدى النشرات، قال له صالحين بماذا تنصحني حتى أخرج من هذا الموقف سالماً، فأجابه المحامي: إن عليك أن تؤمن كمية كبيرة من الباسطة ثم تعمل على توزيعها على الأحباب من المريدين لمعالي الوزير، وبذلك ستضمن مقعدك في الإذاعة السودانية سيظل مستمراً دون أن يتعرض إلى مهددات الصالح العام، فأطلق صالحين ضحكة عالية.. عالية.
٭ قال لي الفنان الراحل العاقب محمد حسن إن الفنانة الراحلة عائشة الفلاتية، تعرضت لإطلاق رصاص وهي على خشبة المسرح، وبالرغم من ذلك لم تتوقف هذه الفنانة العملاقة عن الغناء، ظلت الفلاتية تقف شامخة على خشبة المسرح تواصل تغريدها متحدية أولئك الذين يروجون إلى أن الفن حالة من الأنفلونزا تأخذ أيامها ثم تمضي دون أن تترك أثراً، إلا بقايا من زكام، قال عنها الفنان الكبير محمد عبد الوهاب إن الفلاتية تعد في رأيه أعظم فنانة تتميز بعبقرية في الصوت.
٭ هدية البستان:
بيك أيامي الرايحة لقيتا وبيك أبواب الهم سديتا
ولو حنية قلبي أبيتا وجيت بالدمعة المرة سقيتا
أنا ما بنسى حنانك ليّا أصلي وراك أيامي رميتا

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. بيك أيامي الرايحة لقيتا وبيك أبواب الهم سديتا
    ولو حنية قلبي أبيتا وجيت بالدمعة المرة سقيتا
    أنا ما بنسى حنانك ليّا أصلي وراك أيامي رميتا

    ابداع لا نهائي
    شكرا حلنقي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..