الغريـــق

عادل سيد أحمد

ما شُفتَ عوض تابع النجمات
فات لي قدَّام يا ســــاري الليل
ــــــــــــــــــــــــ

كان طارقٌ، شقياً مُنذ نعومة أظافره، لا تنفكُ أفعال الشيطنة تتحدث عنه، وكان مِن بين جميع رفاقه الأطفال… مُتسائلا على الدوام عن جوهر الأشياء، بطريقة كانت أكبر مِن سنه!…
فإذا ما أتى الخريف، يقوم باصطياد الحشرات… والضفادع، ويقوم بتشريحِها تشريحاً بدائياً طفولياً… ليعرف ما بداخلها، وكيف تطير؟ وما هي المُقومات التي تجعلها حية؟؟ وإذا ما صادفته علب أو كراتين فإنه لا يتواني عن تمزيقها، ليعرف مما تتكون؟ أو ليصنع منها لعبا بسيطة تتواءم مع سنه…
وكان يكسر الدُوم، بعد أن يفرُغ مِن (كده) ويزرع البعو… ويفتت حجر البطارية… ليحول عَمود الكربون فيه إلى طباشير… ويُدشدش البلي للحصول على الصَفقات الثلاث الملونة بداخله… ويصنع شراك للطيور مِن الأسلاك التي تلقى على قارعة الطريق، ويطلع رأس البيت… حيثُ يخزِّن، هُناك، بعضاً مِن الأشياء التي تكَون دنياه السحرية…
وبإختصار، لم يكن يدع حجراً، يقع في عينه، إلا وقلبه…
وفي اليوم المَشئوم، حين قررت الأسرة قضاء النهار على شاطئ النيل، دفعهُ فضوله العارم وحماسه للمعرفة، للدخول في عرض النهر… ليتسنى له أن يقبض بيديه صورةَ عين الشمس، المُتكونة بالإنكسار على سطح مياه النهر…
و كان هذا، التهوُّر، بعيداً حتى عن توقعات و خارج إحتمالات مغامرات طارقٍ التي تحسبت لها الأسرة، و أقفلت أمامها ألف باب.
وهبَّ الحُضور عَن بِكرة أبيه لنجدته، ولكن كان قدرُه أسرع، فقد إكتملت الثلاثة غطسات، وإمتلاء جوفُهُ الصغير بالماء… وغاص جسمُهُ، ثقيلاً، إلى قاع النهر!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..