أخبار المنوعات

الاستشارات الأسرية عبر وسائل التواصل… هل تعد (كشف حال)؟

د: بلدو من يلجأون للاستشارا ت عبر وسائل التواصل "فاقدين حنان"

استشاري نفسي: الاستشارات عبر وسائل التواصل ظاهرة أخلاقية تهدد جوهر الإنسان

د. ابتسام: استشارات “الحمل غير الشرعي أصبحت من أكثر الاستشارات عبر وسائل التواصل

الاستشارات عبر وسائل التواصل تبعد الفرد من القيود الاجتماعية مما يجنبه الخجل الفطري

الخرطوم: فايزة أباهولو

لم يعد عالم السوشيال ميديا وسيلة للبحث والتواصل فقط، ولكن أصبح بوابة مفتوحة على مصراعيها للحصول على استشارات سريعة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والنفسية والصحية، وأصبحت الاستشارات عبر الإنترنت واقعاً وملجأً لكثيرين من الأشخاص يرون فيها السهولة واليسر، من ناحية ضيق ذات يدهم، أو ضعف إمكاناتهم المادية، تغنيهم عن اللجوء مباشرة إلى مستشارين نفسيين وقانونيين للحصول على استشارة بحلول قانونية لمشكلات يعانونها، في ضوء تدني قيمة أتعاب الاستشارين الإلكترونية عن غيرها، فضلاً عن السرعة في الحصول عليها، عبر الجهاز الإلكتروني، مقارنة بالوقت والجهد الذي قد يبذله الفرد حال التوجه لمكتب هذا المستشار أو ذاك.

تناولت صحيفة (اليوم التالي) تأثير انتشار ظاهرة الاستشارات العاطفية أو الأسرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية في الأثر الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي في الأسرة وعلى العلاقة بين الزوجين وبين الأبناء أنفسهم وبين الوالدين والأبناء وكذلك التعرف على الأسباب التي تدفع الأشخاص للجوء للاستشارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية.

اسأل مجرب ما تسأل طبيباً

قالت د. ابتسام محمود استشاري نفسي لصحيفة (اليوم التالي): نحن في عهد الانفتاح الإسفيري من غير ضوابط تربوية خطيرة تنعكس على حياة الناس ومن ضمنها الاستشارات عبر وسائل التواصل “فيس بوك”.

وقالت ابتسام: حسب اطلاعي على الاستشارات الموجودة نجد أن الردود عليها غير علمية وغير مهنية وتؤذي صاحب الاستشارة وكثيراً من الردود وردود متناقضة مثل عرض استشارة إحدى الأخوات وسردها لمشكلة بينها وبين زوجها فهناك من يقول لها “اصبري وآخرون اطلبي الطلاق واشردي، وهناك من يقول لها اذهبي الى المحكمة”.

وذكرت ابتسام: يوجد بوسائل التواصل أفراد متخصصين في الاستشارات، ولكن اللجوء يكون لغير المتخصصين موضحة أنه لم تكن الاستشارات نفسية، بل هناك استشارات طبية ويكون بعض الرد عليها بوصف علاجات حسب استخدام الفرد مما يؤدي الى ضرر للمريض عند اتباع الاستشارة غير المتخصصة.

وأشارت ابتسام الى أن بعضهم لديه استشارات قانونية من اختصاص قانوني والآخر اقتصادي مثلاً من “أجل إنشاء مشروع وهي استشارات تسبب ضرراً كبيراً.

وقالت إن الشعب السوداني يفتي في أي شيء على أساس أنه صح ويقول لك “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب”.

وقالت ابتسام إنه يوجد أشخاص محرضين وأيضاً أشخاص يسيئون لأصحاب الاستشارات ويؤذونهم نفسياً أكثر مما يعانون.

وقالت ابتسام: الجرأة في الاستشارات مثل عرض استشارات “الحمل غير الشرعي أصبحت من أكثر الاستشارات عبر وسائل التواصل وبمثل هذه الاستشارات فقد الشعب السوداني الكثير من الخصائص “الخجل وحياء المرأة والحدود الاجتماعية في التفاعل الديني”.

الحالة النفسية

ومن جانبه قال دكتور علي بلدو اختصاصي الطب النفسي لـ(اليوم التالي) إن ظاهرة انتشار الاستشارات أصبحت في عدة أماكن منها السوشيال ميديا والكوافير وأماكن المقاهي والحلاقة والمواصلات وغيرها من الأماكن ومن أسباب انتشارها الحالة النفسية للشعب السوداني التي جعلت الاستشارات بصورة عامة وجعلت (الميديا) متنفساً وملجأً لهم باستخدامهم أسماء مستعارة للتحدث عن مشاكلهم بكل جرأة وصراحة والتخلص من الخجل الاجتماعي.

وأضاف: من أسباب الاستشارات عبر وسائل التواصل عدم قدرة الفرد عرض نفسه الى استشاري نفسي بسبب العجز المادي أو الخوف من استخدام الأدوية والعقاقير وتكون الاستشارات عبر وسائل التواصل كوسيلة تعويضية يلجأ لها الأشخاص المحبطون التائهون الذين فقدوا البوصلة ويشعرون بحالات ضيق شديد واكتئاب وعدم توازن نفسي وفقد الثقة عند الآخرين والتوجس من الحياة العامة.

فاقدو حنان

وقال بلدو إن الاستشارات عبر وسائل التواصل سببها حب الشهرة وإثارة الجدل عن طريق خلق مشاكل وبثها عبر وسائل التواصل.

وذكر بلدو أن الذين يلجأون الى الاستشارات عبر وسائل التواصل هم “فاقدين حنان بامتياز”، وقد تكون الاستشارات لأشخاص مريضين يتعاملون مع استشاري نفسي وانقطع عن مواصلة العلاج وأشار الى أنها قد تكون عبارة عن ثرثرة للخروج من حالة الملل لبعض الأشخاص والضجر وروح الحياة والرتابة اليومية.

وقال إن ظاهرة الاستشارات عبر السوشيال ميديا يكون الرد عليها من أشخاص غير مختصين وتقود إلى تدهور الحالة الصحية لطالب الاستشارة وبعضهم يحاولون الانتحار أو الهرب من المنزل ويتعرضون الى العنف الإسفيري.

 

استشارات مرفوضة

وفي ذات السياق قالت الباحثة الاجتماعية سمية دفع الله البصير لـ(اليوم التالي) إن الاستشارات الأسرية عبر السوشيال ميديا مرفوضة جملة وتفصيلاً.

وقالت إن الاستشارة هي شكوى وعرض مشكلة وتعد عدم صبر لابتلاء الله على الشخص الذي يعرض استشارته ووصفت الاستشارات عبر وسائل التواصل بالفضيحة.

تفكك الأسر

وقالت سمية إن أي استشارة عن أسرار المنزل عبر وسائل التواصل تزيد من المشاكل وتؤدي الى تفككها موضحة أن تزايد الاستشارات الإلكترونية مؤشر خطير لتفكك الأسر السودانية وانحلال المجتمع وأنها عادات دخيلة على المجتمع السوداني.

وقالت سمية: “بدل الميديا تسهم في التعليم وتطوير أنفسنا أصبحنا نستخدمها في هدم الأسر والمجتمع”.

تربية قاسية

وقالت دكتورة نعمة إبراهيم محمد الاستشاري النفسي إن سبب انتشار الاستشارات عبر السوشيل ميديا هي التربية القاسية التي يسلكها الآباء مع أبنائهم فتضعف شخصيتهم وتجعلهم كثيري الخجل، قليلي الكلام، وقد يصاب بالتأتأة من شدة خوفهم، تصيبهم متاعب كبيرة جداً وعقد نفسية لا تعد ولا تحصى قد تقود الطفل الى الانحراف والضياع.

وأبدت نعمة أسفها قائلة: “عالم التواصل الاجتماعي ساء البعض استخدامه بسبب الوقاحة والجرأة المفرطة وأصبحت علاقات بين أشخاص إلكترونيين قد تنتقل الى لقاء في الواقع”.

وقالت نعمة: من أخطاء التربية هي عدم إعطاء الأطفال الثقة في إبداء رأيهم أمام الحضور من الأهل أو غيرهم، أو عدم تقبل آرائهم وتأنيبهم أو التقليل من قيمة كلماتهم التي يقولونها، أو إبعاد الأطفال من المناسبات العائلية أو الأنشطة الثقافية والتي من شأنها أن تقوي معرفتهم ومهاراتهم وهي الفترة التي يكون لديه شغف التعرف والنقاش في جميع الأشياء عندما يصبح ذلك الطفل كبيراً يجد فضاء جاهزاً له بعيد عن اللوم أو الانتقاد أمام أناس ضمن عالم الإنترنت قد يكون يعرفونه أو لا يعرفونه فهنا يجد له مساحة كافية للتحرك وإخراج ما بداخله من المهارات والمعارف.

وقالت: الآن نعيش “أزمة أخلاق” في كل مفاصل المجتمع، فلم نعد نشاهد أباً حريصاً على أبنائه أو أماً متابعة أولادها أو زوج متابع زوجته، الجميع غارقون في وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت نعمة الى أن الكثير من الناس يحاول أن يكون مثالياً عبر وسائل التواصل وآخرون يظهرون أبشع ما لديهم لكي يظهروا بأنهم لا يخافون ولا يهابون أحداً.

 

 ظاهرة خطيرة

وذكرت نعمة أن انتشار الاستشارات عبر وسائل التواصل أصبح مخيفاً وسط المجتمع ومتداول بصورة كبيرة لا يقتصر على الكبار فقط، بل تعدى الى الصغار والعنصر النسائي بصورة أوسع، موضحة بأن النساء بتت ينشرن استشارات جريئة مما جعل الكثيرين ينادون الى التحرك لإنقاذ المجتمع من ظاهرة أخلاقية خطيرة تهدد ذوق وجوهر الإنسان.

موضحة أن الاستشارات عبر وسائل التواصل تبعد الفرد من القيود الاجتماعية مما يجنبه الخجل الفطري الذي يعاني منه عند لقاءات الواقع، وكذلك عملية الكتابة تعطي وقتاً لصياغة الكلام بطريقة ذكية محسوبة في الكينونة النفسية للإنسان ثمة خجل فطري لا يمكن التخلص منه في لقاءات التعارف الأولى، لكن التواصل الإلكتروني كفيل بكسر الحواجز وتسهيل آلية التواصل لأن في العملية الكتابية لن ترتبك وتنشغل الحواس جميعها كما في الواقع.

نافذة دون حارس

وقالت نعمة إن الشبكة العنكبوتية هي العالم الذي نتوجه له حين تضيق بنا السبل، فهو كالبيت الذي يضمنا بنوافذه الكثيرة التي نختارها للتواصل مع العالم الخارجي بشتى توجهاتنا، فمنا من يختار برنامج الفيس بوك ومنا من يفضل الانستغرام وآخرون مغرمون بالتلجرام والبعض يعشق التيك توك بسبب اتجاه الناس له رغم خطورته الواسعة وتظل جميع هذه المواقع الإلكترونية نافذة دون حارس أو رادع ومن أمن العقاب ساء الأدب.

 

إباحة المحظور

وقالت نعمة إن وسائل التواصل ترى فيها وقاحة كثيرين من الناس مبالغ فيها لأنهم يرون فيها حرية التعبير الذي يرون أنهم محرومين منه في الواقع، قائلة: “إن إباحة المحظور يولد إسفاف القول”، وكما يقال: “كل ممنوع مرغوب “فكيف به أصبح جائزاً.. ومن هنا أصبح لدينا أبطال كيبورد منهم من عين نفسه مصلحاً اجتماعياً وقد يكون فاسداً، وقد تكون حياته الأسرية خربة، ومنهم من عين نفسه محامياً لجهة معينة وهو مشكوك في أمره.

أولياء الأمور في قفص الاتهام

وذكرت نعمة أن أولياء الأمور هم المسؤولين عن تلبية احتياجات أبنائهم وهي التربية السليمة التي أكد عليها ديننا الإسلامي، كذلك الاهتمام بها ومساعدتهم في شق طريقهم نحو الأفضل وعدم تركهم أسرى للعالم الافتراضي لأنهم سيتفاعلون مع هذا العالم، وقالت: الآباء والأمهات في قفص الاتهام والأبناء يقطفون سموم الشارع حيث أن الإنسان هو ابن بيئته يتفاعل معها إيجابياً أو سلبياً.

 

الجرأة الزائدة

وفي سياق متصل قال الداعية الإسلامي د. سالم حامد إن موضوع الاستشارات في الفيس أصبح خطراً ومن صفات المرأة والزوجة الصالحة أنها كثيرة الحياء، بعيدة عن الجرأة ومخالطة الرجال سواء كان ذلك مباشرة أو عبر وسائل التواصل المختلفة، تحفظ زوجها في نفسها وماله وتطيعه ولا تفشي سره.

ومما ابتلينا به في هذا العصر إرسال كثير من النساء استشارات على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك، وقد تذكر المرأة في الاستشارة أدق تفاصيل الحياة الزوجية، ولربما أفشت أسراراً زوجية لا ينبغي ذكرها إلا للحاجة الضرورية، والضرورة تقدر بقدرها.

ولا تعلم هذه المرأة المسكينة أن (قروبات) الفيس بوك ومن كانوا فيها ليسو أهلاً للاستشارة، ففيها كل من هب ودب ينظر إليها، ويتيح لكل من يتابع حسابها أن يكتب ما يُريد من عبارات غزلية وما شاكل ذلك، وهذا لا يليق بالمرأة المسلمة المحتشمة، ولربما وقعت في شراك بعض الذئاب البشرية من حيث لا تشعر فتُضيع دينها وتخرب بيتها.

وقال: من أسباب انتشار الاستشارات على قروبات الفيس بوك ضعف الوازع الديني والجهل بالعواقب الوخيمة التي تنتج من هذه الاستشارات، لأنها وضعتها في غير موضعها وبالتالي ستسمع نصيحة كل من هب ودب والجرأة الزائدة وقلة الحياء، وعدم مراقبة الله تعالى.

 

نصائح

وقال د. سالم إنه ينصح أي امرأة أو زوجة تريد السعادة الزوجية والحياة الطيبة عليها بقوة الإيمان والعمل الصالح؛ فإن ذلك مما يُستجلب به الحياة الطيبة.

 

كشف عورة البيوت

ومن جانبه قال الداعيه الإسلامي السني مصطفى الحميدي إن من الخزي والعار ما نراه في الآونة الأخيرة منتشراً في وسائل التواصل الاجتماعي من كشف لعورات البيوت التي أمر الله بسترها وعدم البوح بما فيها تقديساً لها وحفاظاً على هيبتها.

وذكر السني أن كثيراً من النساء شرعن في هتك هذا الستر وإبداء ما ووري من الناس وذلك بغرض الاستشارات وأحياناً بغرض التباهي وإثارة الجدل فأياً كان الحال نقول لهن: “يا إماء الله اتقين الله في حرمة بيوتكن وراعين لذلكم الميثاق الغليظ الذي أخذه ربكم عليكن ميثاق الزواج فإن إفشاء أسرار البيوت أمر محرم ومنهي عنه فتلك البيوت جعلها الله سكناً أي ستراً وغطاءً.

=-=-=-

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..