الجاتك في مالك سامحتَك … ؟ !!

سفينة بَوْح
الجاتك في مالك سامحتَك … ؟ !!
سكك حديد السودان , الخطوط الجوية السودانية , الخطوط البحرية السودانيه , مشروع الجزيرة , شركة الصمغ العربي .. صروح إقتصادية وطنية إنفلت أمر رعايتها و إدارتها حتى سقطت إلى القاع و لا مستفسر رسمي و لا رقيب و لا حسيب يسأل و يتقصى و يحقق ليحاسب من باع ضميرة أو قصّر عن أداء واجبه و كذلك ليستفيد القادمون من عثرات الماضي في بناء الحاضر و المستقبل ( من باب عدم الوقوع في ذات الحفرة ) .. هكذا عندنا الأشياء تتساوى جميعاً عند حدوث الفاجعة كبيرةً كانت أم صغيرة , نحشرها بلا وجل ولا حياء تحت قائمة الأقدار و لا نتبع فيها المنهج التطبيقي لعلوم الإدارة و الإقتصاد .. نحشرها حشراً في أضابير قواميس أمثالنا العامية التي تكرس فقه الإستسلام وعدم المحاسبة والتحليل واللذان هما مع المعرفة والتجريب أدوات البناء الإداري و الإقتصادي الحصيف , ( الجاتَك في مالك سامحتك ) .. هل يعقل أن لا يكون للمصاب في المال ضرر .. مثل هذا المثل تنبني عليه كثير من توجهاتنا الفلسفيه الإجتماعية و الإقتصادية المتعلقة بالتقبل النفسي للضرر و الذي في كثير من الأحيان يكون وجهاً آخراً لآفة الفشل .. ما يصيب مؤسسات الدوله الكبرى و التي أُطلق على مثيلاتها في كثير من البلدان مصطلح ( وطني ) , بما يفيد الإشارة إلى إرتفاع مستوى أهميتها لتتعلق بمكتسبات الأمة التاريخية على مر الأزمان , ما يصيبها من ضرر و تخريب و إبادة بفعل سوء إدارتها عن فساد أو جهل هو مسئولية تاريخية يجب أن تتولاها المؤسسات المحاسبيه و الإداريه القانونيه للدولة بجدية وحزم و حياد , لا لشي غير أن المتضرر من إنهيار مثل تلك المؤسسات إنما هي الأمة و تاريخها على مستوى الإنجازات الوطنيه التي كنا نمني النفس بالتفاخر بها إسوةً بما بفاخر بها آخرون في دول تعتبر في عداد المتأخرة من حيث أسبقية إنتشار الإستنارة العلمية و الفكرية و الثقافيه , لماذا نحن السودانيين نبدأ متقدمين ثم يمضي بنا قطار المستقبل إلى محطات ( التأخر و التخلف ) .. إلا يلفت الإنتباه إلى هذا المبدأ حديث المتقدمين في العمر من جيل الأربعينات و الخمسينات عندما يتحسرون على الماضي و ينعتونه بالأفضل و الأجدى و الأكثر إبهاراً عن حاضرنا الحالي و ربما ( لا قدر الله عن ما ينتظر مستقبل أجيال قادمه) .. يحدثك كهول الأمس عن شوارع العاصمة التي كانت تُغسل مساءاً , وعن إلتزام قطاراتنا و طائراتنا بأعلى مستويات الجودة في الخدمة و المواعيد .. و عن إوتفاع مستوى الإعداد الإداري و الفني و الأكاديمي و اللوجستي لخدمات التعليم بكافة إتجاهاته بالإضافة إلى مجانيته و إنتشاره الجغرافي ليسع كافة الأقاليم و الأصقاع .. لماذا لا يقوم باحثون متخصصون بتقصي الحقائق الفعليه لثقافة الواقع الإداري و الإجتماعي و المهني لهذا الشعب لغرض الدراسة والتحليل و الوصول إلى معالجات تفيد الخروج من دائرة ( خطوة ورا .. وخطوة قدام .. محلك سر .. وربما خطوتين إلى الخلف في أغلب الأحيان .
هيثم الفضل
[email][email protected][/email] الجريدة