العلاقات القبلية تعقد الاوضاع في ليبيا بعد القذافي

طرابلس (رويترز) – عندما استولى معمر القذافي على السلطة عام 1969 تعهد بالقضاء على القبلية وتوحيد ليبيا.
لكن طوال حكمه الذي استمر 42 عاما وخاصة عندما اهتزت شعبيته استسلم القذافي لاغراءات اللعب على الولاء القبلي والخصومات لتشديد قبضته.
والان وبعد وفاته يشعر الليبيون الذين يأملون في ان تجلب انتفاضتهم ديمقراطية حديثة بالقلق من دور القبائل الكثيرة والتي مازالت بالنسبة لكثيرين منهم مهمة لهويتهم الشخصية.
وهناك مجموعات مسلحة مشكلة من رجال القبائل ضمن مئات الميليشيات التي تقوض الخصومات بينها سلطة الزعماء الانتقاليين وهم يستعدون لانتخابات وعندما يصل الامر الى التصويت فان الولاءات القبلية التي كان يدفع ثمنها القذافي ربما تساعد بعض الموالين القدامى له في الفوز في الانتخابات.
لكن ضعف الروابط العائلية القديمة الذي نجم عن الحياة المدنية والاستياء من شخصيات قبلية أخذت اموال القذافي لتعزيز مطالبها بتولي الزعامة ربما يؤدي الى تقلص دور القبائل في ليبيا الجديدة.
ولا يوجد كثير من القبائل التي يمكنها ان تثير تساؤلات أكثر من قبيلة ورفلة التي تقول انها أكبر قبيلة في ليبيا. واجتذبت القبيلة العناوين الرئيسية لوسائل الاعلام في الشهر الماضي عندما هاجم مقاتلون في معقلها الصحراوي بني وليد ميليشيا موالية للحكومة وقتلوا ستة وطردوا القادمين من طرابلس خارج المدينة ونصبوا مجلسا محليا تهيمن عليه القبيلة.
واتهم خصومها مقاتليها في بني وليد بالقتال من اجل عودة النظام القديم وهو اتهام نفوه بشدة.
والولاءات القبلية التي تم التعبير عنها في المعركة ربما تنعكس قريبا على صندوق الاقتراع. وعلى الاقل هذه شكوى من يحاولون طرح احزاب سياسية في انتخابات ستجري في يونيو حزيران يخشون أن تساعد قواعدها افرادا يمكنهم ان يستخدموا التعاطف التقليدي داخل قبائلهم للفوز في الانتخابات.
وقالت وسيلة العاشق التي تتزعم حزبا اسلاميا يدعى الامة تصفه بأنه معتدل ان القذافي استخدم المال لضمان ولاء القبائل.
وقالت لرويترز ان مبعث قلقها هو أن يتم انتخاب من جعلهم القذافي زعماء لتلك القبائل لانهم يتمتعون بالنفوذ مضيفة أن بعض من تولوا زعامة القبائل في عهد القذافي يدينون في بروزهم الى الولاء له وليس للقواعد التقليدية.
وبموجب قانون الانتخابات الجديد تم تخصيص 60 في المئة من مقاعد الجمعية الوطنية للمستقلين. وتتنافس الاحزاب التي تكافح لصياغة سياسات وتعريف نفسها للناخبين بعد اربعة عقود من حكم الرجل الواحد على 40 في المئة فقط من المقاعد.
وقالت وسيلة العاشق ان الشخصيات القبلية مازالت تتمتع بميزة على الاحزاب السياسية. واضافت ان السياسة الحزبية فكرة جديدة في عقول الليبيين وان القذافي كان يصف من ينضمون الى احزاب بالخونة.
والافراد الذين يتمتعون بمكانة محلية لا تستند الى الولاء القبلي من المتوقع أيضا أن يحققوا نتائج جيدة في ظل نظام التصويت اذ أن التنافس بين المدن الليبية والبلدات والمناطق يعد عاملا قويا في السياسة بعد الحرب.
لكن في انحاء البلاد فان القبائل ما زال ينظر اليها بعين الاعتبار.
غير أن حجم السلطة الحقيقية لزعماء القبائل على الليبيين العاديين ومدى توحد هذه القبائل مسألة غير محسومة.
ويرى كثيرون أن الانتماءات القبلية تساعد فقط في الحصول على الوظائف والخدمات العامة اذ أن الوظائف والرعاية الاجتماعية في ليبيا تعتمد بدرجة كبيرة على الدولة الغنية بالنفط.
وصلات القرابة القبلية آخذة في التراجع مثلما هو الحال في اجزاء اخرى من العالم بسبب انتشار التعليم والتحضر الذي فصل الاشخاص عن مناطق يمكن للقبائل فيها ان تقتفي أثر خطوط القرابة الى اعماق التاريخ الليبي.
ويقول عمر المجدوب وهو مؤرخ ليبي ان زمن ليبيا القبلية قد ولي وخاصة بالنسبة لقبيلة ورفلة وان الانتفاضة في بني وليد كانت حدثا محدودا ومعزولا.
وقال في مقابلة انه لم يعد يوجد ما يمكن أن يوصف بأنه زعامة لورفلة الان وان الظروف الاجتماعية والاقتصادية ابعدت الجماعة عن مركزها الجغرافي.
وعدد افراد قبيلة ورفلة مثل القبائل الاخرى محل نزاع. ويزعم كثيرون من أبناء القبيلة أن عدد افرادها يبلغ نحو مليون نسمة او سدس عدد سكان ليبيا.
وقال جريرة زرقون ناصر وهو استاذ بجامعة طرابلس ينتمي نفسه للقبيلة ان ما يقال عن تعداد القبيلة مبالغ فيه وان العدد الحقيقي يبلغ نحو 400 الف فرد وان كان الاحصاء ليس سهلا وخاصة بسبب الزواج المختلط وتراجع الارتباط بالهوية القبلية في المدن الكبرى.
وقال ناصر ان النظام السابق حاول تضخيم اهمية هذه القبيلة التي اعتبرها حليف له