تقصير مخزٍ..!

لا أدري كيف استطاع المسؤولون في عدد من الولايات أن يتناولوا إفطارهم طوال شهر رمضان، دون أن يطرف لهم جفن، بينما تضور من يقعون داخل مسؤوليتهم جوعاً وعطشاً..! ولا أعلم من أين أتى هؤلاء بكل تلك المقدرة التي تجعلهم يأكلون ويشربون، بينما هناك من لم يأكل ولم يشرب من الرعية، بسبب تقصيرهم وفشلهم في أداء دورهم.

فمثلاً، كيف تسنى لمسؤولي المياه في سواكن أن يهنأوا بما يأكلونه ويشربونه، في الوقت الذي عاشت فيه المدينة حالة من البؤس بسبب غياب المياه وانقطاعها عن المدينة في فترة طويلة من أيام شهر رمضان المعظّم..! وكيف تمكّن المسؤولون عن المياه في النهود من ممارسة حياتهم الطبيعية، مع أن الظمأ أنهك ? وينهك -أنحاءً واسعة من المنطقة وضواحيها، الأمر الذي رفع قيمة سعر برميل الماء الى أكثر من (25) جنيهاً.

وقطعا سيقول قائل، إنه لا عجب في هذا الأمر لأن غالبية مدن السودان، بما فيها بعض أحياء العاصمة الخرطوم، تعاني من مشكلات في مياه الشرب تصل في أحايين كثيرة إلى مرحلة الانعدام التام لشهور طويلة. وبدرونا نتفق كلياً مع هؤلاء، ولكن الحالة المزرية التي وصلت إليها أزمة مياه الشرب في بعض المدن، كفيلة بمحاسبة المتورطين فيها، لو أن هناك من يحاسب أو يسأل، خاصة أن الأمر يأتي في شهر رمضان، الذي تزداد فيه الحاجة الى المياه، وخاصة النقية. ولكن مع ذلك هناك من المسؤولين من لا يبدو مهتماً بهذا الأمر، وتراه سادراً في غيه منصرفاً عن مهامه الموكولة إليه إلى مهام أخرى، بما فيها العمل في وظائف رديفة، أو العمل في السوق، مع أن ذلك يتعارض مع وظيفته الأساسية أـخلاقيا وقانونياً، وربما يضعه في طائلة المساءلة.

المحزن في الأمر، ان النقائص والتقصير الحكومي خلال شهر رمضان تجاوز المعقول، ولم يعد محتملاً حتى لمناصري الحكومة نفسها، فمن كان يصدق الطريقة التي تعاملت بها وتتعامل بها الحكومة مع موجة الاسهالات المائية، ومن كان يصدق أـن هناك مدناً رئيسية في البلاد يمكن أن تعاني من أزمة المياه خلال شهر رمضان. لكن ذلك ما حدث فعلاً، فقد سقطت الحكومة في هذا الامتحان، مع أنها نجحت في امتحانات أخرى كانت ترسب فيها كل عام، وهي أزمة السكر الذي يظل ينعدم او يزداد سعره بصورة جنونية مع اقتراب رمضان. ويبدو أن الحكومة تفطنت إلى أن العبثية والمحاباة التي كانت يُدار بها أمر السكر، وخصوصاً قبيل شهر رمضان ، هي السبب وراء الكارثة، ولذلك سارعت الى وضع سياسات وموجهات جديدة أسهمت في تقليل الظاهرة، على أمل أن تنتهي كلياً.

وودننا لو أن الحكومة انتهجت هذا النهج في مسألة مياه الشرب وغيرها، خلال شهر رمضان، ولكن للأسف ها هو الشهر الفضيل يمضي ويصل الى خواتيمه، بينما غبن الناس على الحكومة يظل في ازدياد بسبب ما جرى من تقصير في كثير من المسؤوليات خلال الشهر المعظّم.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..