(محجوب عروة والإسراف في التفاؤل!) -3-

أواصل اليوم في العنوان أعلاه الذي تكرم به علىّ الأخ محمد خالد.. قلت أمس إن آباءنا المؤسسين للاستقلال رغم ما أنجزوه من استقلال وتوحدوا حوله بعد خلاف مرير كاد يعصف بوحدتنا سيادتنا إلا أنهم والجيل الذي جاء بعدهم فشلوا في إجراء حوار هادئ وصادق وجاد بعد الاستقلال ليكرسوا أحلام السودانيين من سلام واستقرار ووحدة وحكم رشيد وديمقراطية ناجحة وازدهار اقتصادي فكانت الدورة السياسية الخبيثة المعروفة..كانت الحوارات السابقة منذ الاستقلال قليلة ومبتسرة تفتقر إلى الصبر والصدقية وقوة الإرادة فباءت جميعها بالفشل والآن نحاول أن نتحاور نرجو أن نتفاءل وننجح.. كان أول حوار جاد فى مؤتمر المائدة المستديرة عقب ثورة أكتوبر لبضعة أيام فقط انتهت الى لا شئ بل الى مزيد من الخلافات والصراعات البائسة لدرجة خرق الدستور وحل حزب شرعي كالحزب الشيوعي السوداني وطرد نواب منتخبون من البرلمان، الحوار الثاني في مشروع دستور1968 استمر بضع سنوات وانتهى بسبب الخلافات الحادة والتدخلات الأجنبية الى انقلاب مايو 1969 الذي أوقف التطور السياسي والدستوري وقاد البلاد الى مزيد من الصراعات والعنف لدرجة أن أدخل السياسة الداخلية لأول مرة في الصراع العسكري المكشوف العربي والدولي على أرضه، مثال (الجزيرة أبا 1970، الغزو من ليبيا 1976…الخ). الحوار الثالث كان في بورتسودان بين المهدي والنميري عقب حركة يونيو 1976 وانتهى الى لا شئ رغم بعض استقرار مؤقت حتى انتفاضة أبريل 1985 بسبب مصالحة ومشاركة الإسلاميين الذين دعموا النميري، الحوار الرابع في عام 1982 عندما حل النميري مؤسسات الاتحاد الاشتراكي العليا ودعا الى حوار سياسي وعسكري انتهى الى فصل بعض القيادات العسكرية العليا التي حاولت أن تنصحه وتحدثت عن الفساد ظناً خاطئاً من النميري وبإيعاز من اللواء عمر الطيب أن هدفهم الإطاحة به ولم يكن ذلك صحيحاً، كما أوقف النميري الحوار السياسي الوطني بإيعاز من صقور الاتحاد الاشتراكي ظنا خاطئاً بأن ذلك سيؤدي الى انهيار النظام.. والحقيقة أن النظام أنهار بعد عامين بسبب عدم جدية تلك الحوارات وانتكاس النميري عن الاستمرار فيها وعدم استماعه للنصائح الغالية.. ومما يجدر ذكره أن القوى اليسارية التي جاءت بانقلاب مايو 1969 لم تفكر في حوار مع القوى اليمينية حيث كان الشعار والمنهج هو عكس ذلك تماماً (إقصاء و ضرب القوى الرجعية) الأمر الذي أفضى الى المزيد من الصراعات الدامية ودفع الآخرين للاستعانة بالخارج بدءاً” بالسعودية وإثيوبيا هيلاسلاسي عام 1970 وانتهاءً” بالقذافي وصدام حسين ومنقستو هايلي مريام وإسرائيل وكل ذلك موثق ويعرفه كل من عايشه مثلنا.. إذن يا صديقي محمد فشلنا جميعا منذ الاستقلال في حسن إدارة التنوع وحسن إدارة بلد غنى وفشلنا في إجراء حوارات صادقة وجادة وشفافة ومخلصة ومنتجة، مثلما فشلنا في تحقيق أهداف الثورات والانتفاضات والانقلابات فماذا عسانا نفعل؟ هل نأتي بآخرين من دول العالم يحكموننا ومنهم من استعمرنا أم نستدعي الملائكة ليديروا شؤوننا؟ قل لي بربك.. بل (قوووول) أننا الآن رفضنا الحوار وتمسكنا بالانتفاضة مدنية أم مسلحة هل تضمن لي نجاحها ابتداءً” مثلما حدث في أحداث سبتمبر التي ذكرتها؟ اعلم يا صديقي أنه لن تنجح انتفاضة بدون تدخل القوات النظامية لتستلم السلطة فالعالمون بإحداث ثورة أكتوبر 1964 يعلم أنه لولا تدخل بعض القيادات العسكرية والضغط على الرئيس عبود من خلف الكواليس لما نجحت الثورة وهذا ما حدث بوضوح في انتفاضة أبريل 1985 بقيادة المشير سوار الدهب بعد ضغط الضباط صباح السبت الباكر.. لا بديل يا صديقي الا الحوار الحقيقي والصادق والجاد والمنتج ولو استمر شهوراً وسنين عدداً بدلاً عما حدث من فشل للحوارات السابقة التي كان سبب فشلها عدم الصبر والاستعجال للسلطة والضغوط الخفية والمصالح الشخصية والحزبية والسطحية الفكرية والسياسية والقبول بالتدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية للأسف الشديد لدفع الفواتير السياسية لمن ظل يدعم إبان المعارضة وله مطامع في هذا السودان العظيم الغني بموارده وثرواته وتميزه الجيواستراتيجي.. وفوق ذلك لعدم الثقة بين الجميع.. نعم عدم الثقة، ودعني غداً أفصّل أكثر.. مع تحياتي.. (المتفائل أبداً.. محجوب عروة)
الجريدة

تعليق واحد

  1. الأخ محجوب عروة اختصر بطريقة مخلة مراحل الحوار الوطني في عدد قليل من الجلسات التي عقدت بين النخب الشمالية بعضهم بعضاً وسماها حوارات وطنية، باستثناء مؤتمر المائدة المستديرة، بينما تجاهل حوارات حقيقية بين النخب الشمالية الحاكمة ومنافسيهم الحقيقيين في جنوب السودان سابقاً تمثلت في اتفاقية أديس أبابا التي وقرت للبلاد فترة عشر سنوات من الاستقرار ابتداءً من 1972م – 1983م. كما تجاهل حوارات حكومات الخرطوم مع قيادة الحركة الشعبية لتحرير للسودان (دكتور جون قرنق) لما يزي عن عشرين سنة افضت إلى اتفاقية السلام الشامل المشهور في عام 2005م وكأنها هذه لم تكن مفاصل مهمة في التاريخ السياسي السوداني. لعله نسي الجنوب طبعاً بمجرد أن انفصل عن الجسد السوداني وكأنه أصبح تاريخاً منسياً. بل أن الأستاذ لا يبدو عليه أنه يعتبر أية حوارات أخرى مع سودانيين آخرين خارج إطار السودان النيلي مثل تلك التي تحدث مع أهل دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ، بل وحتى مع أهل الشرق حوارات تستحق أن توثق في التاريخ السوداني ولذلك لم يشر إليها أبداً ضمن محاولات الحوار السوداني المنشود. إنها الذاكرة الخربة والميل الغريزي لاقصاء الآخر المختلف من الشأن الوطني المشترك!

  2. نعم الاستاذ عروة نتجرع اليوم حنظل مر ما جنيناه من ساستنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا .. دول وامم استقلت بعدنا وهى اليوم فى العلالى ونحن نتامر وندبر المكائد من حزب الى اخر وما اسوأ ابداعات هذه المكائد تسليم السلطة الى العسكر ثرثة مرات فحكمونا سنينا عجوفا ومن غرائب ما يحكى التنمية بقدر ما انها لا ترقى الى طموحنا قام بها العسكر وبما انك من عائلة عروة وان كان كل نفس بما كسبت رهينة .. وفى المثل كل شاة معلقة من عصبتها فواحد من هؤلاء العسكر عمل فينا ما لم يعمله النجار فى الخشب فهلهل كل السودان الا وهو محمد احمد عروة الذى كان المعول الاول فى حكومة عبود باهداء حلفا العريقة للمصريين ولم ياخذ منهم ضمانا كما ادعو بكهربة الشمالية ولا بألا يتطرقوا الى حلايب ليس بالاحتلال بل ولو همسا انما اضافوا اليها ارقين اقولها لابين لك مواسينا من ساستنا واقاربنا كمثل قريبك هذا …. ومع ذلك ساستنا الكبار أى العجائر يركضون وراء الحكم حتى الان وقد تعدى اصغرهم من العمر للكم وثمانون عاما مما يدل ويبشر بمستقبل مظلم للسودان واحد عمره تعدى الثامنون عاما ولسع لاصق فيها وعايز يحكم هو انت فى شبابك عملت شنو حتى تحكمنا وانت على اعتاب القبر والاعمار بيد الله ولكن تاكد يا عروة لن تقوم لنا قائمة ما لم يلزم هؤلاء منازلهم … الصادق المهدى … الترابى مولانا محمد عثمان الميرغنى وان كان اكثرهم هدوءا اى لم نتائى من صنيعه … اذا سالتنى كيف ساقول لك الصادق غزو ليبيا ولم نجنى من ثمار حكمه ثلاثة مرات سواء هلمجرا … الترابى فرية اقتيال حسنى اللامبارك فهد اقتصاد البلد من توابع ذلك وما ال اليه حالنا واحدة من اسباب ومسببات صنيعه والكثيير على اقلها ادخال الشيعة او من انتسسسسسسسسبوا اليها من السودانيين اما الميرغنى فلا فى التور ولا فى الطحين ونحمد له بان اذيته داخلى اى اخذ نصف حصاد الشايقية همبتة ساى وجعل اتباعه يشبه يعبدونه باعتقادهم فيه لذا ربنا يحلنا منهم فالاولى تسليم مقاليد الحكم الى الشباب والعجاييز يلزموا المساجد ويراقبوا من بعيد لبعيد وكفى ربنا يكفينا شرهم

  3. First of all if this peace talk going on right now and nobody knows when it is going to end and even the suggestions from the chosen members of ElMutamar Gair ElWatani were denied by this Tyrant Regime. Do you suggest that the people just sit and wait for Hugwat umdibabinah to come to an end and when do you think?

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..