أخبار السودان

السودانيون يتجرعون “الدواء المر” في 2021 .. ما النتيجة؟

يرى كثيرون في السودان أن العام 2021 يمثل الأشد قسوة عليهم، كونه شهد إجراء جراحات مؤلمة لإنقاذ اقتصاد البلاد المتدهور.

ومع إقتراب 2021 من النهاية وإستقبال عام جديد، ما يزال السودانيين ينتظرون نتائج روشتة الإصلاح الإقتصادي التي جرى تطبيقها بإشراف صندوق النقد الدولي، أن تنعكس على واقعهم المرير وتخفف وطأة المعاناة.

روشتة صندوق النقد الدولي والتي أصطلع على تسميتها إعلامياً بـ”الدواء المر” أشعلت نيران التضخم في السودان وقادت الى موجة غلاء طاحنة في أسعار السلع مما ألقى بأعباء كبيرة على المواطنين خاصة الشرائح الضعيفة، بينما بدت السلطات المعنية في البلاد واثقة من نتائج جيدة سوف تتحقق خلال المدى المتوسط والطويل.

موجة غلاء
ورغم إستمرار موجة الغلاء الطاحن في السودان، يعتقد خبراء أن الإصلاحات الإقتصادية حققت كثير من الفوائد المرضية حتى الآن، فهي أسهمت في عودة الخرطوم الى مجتمع التنمية الدولي وتخفيف ديونها الخارجية، فضلاً حدوث إستقرار في سعر الصرف ومعدلات التضخم، الشي الذي يستوجب المضي قدماً فيها خلال موازنة العام المقبل.

وبدأ مشوار الإصلاح الإقتصادي في السودان مع حلول العام 2021، بقرار قاسٍ قضى بتحريك السعر الرسمي للعملة الوطنية حيث تم رفع سعر الدولار الأمريكي من 55 جنيهاً إلى 375 جنيها، إجراء وصف يومها بالتعويم الجزئي للجنيه.

ولم يمض طويلاً، قررت الحكومة السودانية خفض الدعم الموجه للوقود “البنزين، الجازولين” قبل أن تلغي دعم المحروقات كليا في شهر يوليو الماضي، في خطوة وجدت إستهجاناً من الشارع يومها.

خفض الدعم
وتبع هذه الخطوة خفض الدعم الحكومي الموجه للقمح والكهرباء ما أدى لظهور خبز تجاري غالي الثمن وبجودة عالية، وآخر مدعوم شحيح وغير متوفر.

وسبق ذلك إلغاء مايسمى بالدولار الجمركي وهو تعرفة محددة لإحتساب قيمة السلع المستوردة وضعتها سلطات التخليص في المطارات والمواني السودانية، وكان واحد من أبرز التشوهات في الإقتصاد وفق وزارة المالية.

تدابير قاسية أقدمت عليها الحكومة السودانية بشجاعة متناهية، تسبب في ضائقة معيشية ومعاناة بالغة تجلت في إرتفاع جنوني في أسعار مجمل السلع الإستهلاكية والخدمات.

وتضاعفت أسعار بعض السلع عشرات المرات، حيث إرتفعت سعر الخبزة من جنيهان إلى 35 جنيها في المخابز التجارية، بينما تباع بـ5 جنيهات في مخابز مدعومة لكن بجودة أقل فضلاً ندرة يواجهها الرغيف في هذا القطاع.

وإلى جانب ذلك إرتفع معدل التضخم ووصل إلى أرقام قياسية حيث سجل 422.78% خلال يوليو الماضي، قبل أن يتراجع لأول مرة بمقدار 35 نقطة في سبتمبر إذ سجل 365.82% في مؤشر لبدء التعافي الإقتصادي.

شح السلع
ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فرغم الغلاء كانت هناك ندرة وشح في بعض السلع خاصة الخبز والمحروقات والتي تضطر السودانيون للوقوف في طوابير أمام المخابز ومحطات الوقود لساعات طوال للتذود بهذه المنتجات.

ويقول الخبير الإقتصادي علي إبراهيم إن روشتة صندوق النقد الدولي كانت مهمة لإزالة التشوهات عن الإقتصاد السوداني وكسر عزلة البلاد وإعادتها لمجتمع التنمية الدولي.

وأشار إبراهيم في حديثه لـ”العين الإخبارية” الى تطبيق هذه الإصلاحات فتح أبواب الدعم المالي الدولي على السودان، بجانب خفض الدين الخارجي بالاستفادة من مبادرة هيبك، وفتحت آفاقاً للإستثمار.

ورأى أن الإخفاق التي حدثت بعد تطبيق هذه الإجراءات خاص تصاعد التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية كان بسبب شح التمويل الخارجي، فكانت هذه الإصلاحات بحاجة إلى إحنتياطي نقدي لا يقل عن 5 مليارات دولار على الأقل بخزينة البنك المركزي.

دول عربية داعمة
وتعهد دول غربية وعربية بتقديم دعم عيني لبرنامج “ثمرات” الذي تبنته الحكومة السودانية لمساعدة الأسر الفقيرة، بجانب تعهدات مماثل بدعم مشروعات برامج الإنتقال الديمقراطي.

لكن تلك البلدان بما فيها البنك الدولي أعلنت وقف هذه المساعدات إعتراضاً على قرارات إتخذها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان قضت بفرض الطواري في البلاد وحل مجلسي السيادة والوزراء وإنهاء الشراكة السياسية مع تحالف الحرية والتغيير الإئتلاف المدني الحاكم سابقاً.

ورغم توقيع إتفاق سياسي في السودان أعاد الدكتور عبدالله حمدوك إلى منصبه رئيساً للوزراء الإ أنه لم يطرأ جديد بشأن إستئناف المساعدات الدولية الى البلاد، وهو ما أثار القلق على مستقبل الإصلاحات الإقتصادية.

ويرى الخبير الإقتصادي “أحمد خليل” ضرورة المضي قدماً في برنامج الإصلاح الإقتصادي خلال العام القبل 2022م نظراً للنتائج التي تحققت من هذه السياسات.

وقال خليل في حديثه لـ”العين الإخبارية” إن هذه الإصلاحات سيكون مصيرها الفشل إذا لم تستأنف المساعدات الدولية والمضي في مساعي إعفاء الدين الخارجي.

وأضاف “عودة المساعدات الدولية مرتبط بضمان إستئناف مسار الإنتقال الديمقراطي في السودان والذي يتوقف عند حد عودة الدكتور عبدالله حمدوك لرئاسة الورزاء”.

عامُ ينقضي بأزماته الإقتصادية الطاحنة، بينما لازال الأمل يحدوا لكثيرون بأن تحمل السنة الجديدة بشريات الرخاء المعيشي ووداع الضوائق إلى الأبد”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..