الشخصية المزدوجة.. إنسان واحد بوجوه متعددة.. ويبقى الودُّ ما بقيَ اللقاءُ

الخرطوم ـ طيبة سرالله
تعرف الشخصية المزدوجة بأنها متناقضة الدواخل، أقرب ما تكون الى المنافقين الذين يظهرون عكس ما يخفون، وأقرب الشخصيات إليها المزاجية وهذه يصعب التعامل معها ، إذ تأتي كل يوم برأي مغاير وجديد وتتحول في لحظة من موقف لآخر، شخصية غير ثابته، ترى صاحبها كل يوم في شأن، لا يكاد يستقر على شيء فيغدو التعامل معه صعباً، وفي اغلب الأحيان يضطر الناس إلى تجنبه بسبب مزاجيته وتقلب شخصيته. وهناك شخصيات كثيرة تدخل في الشخصية المزدوجة، فلنرَ ما هي الآثار الاجتماعية التي تترتب على تلك الشخصيات:
ذو الوجهين
وفي ذات الصدد يقول “أنس عبد الصمد”، إنه معجب بالأبيات التي تقول: إما أن تكون أخي بحق لأعرف منك غثي عن سميني/ وإلا فأطرحني واتَّخِــذْنِــــي عدواً أتقيك وتتقيني). وأكد أنس أن من أخطر الناس هم أصحاب الوجهين، وأن هنالك قصة (عبد الله بن سلول) وعده الله بعذاب عظيم، وأن أغلبية الناس أصبحت لهم شخصيات مزدوجة، وهي ظاهرة انتشرت بكثرة في زماننا هذا، واستطرد: الحل المناسب عند اكتشافك لهم لابد أن تبعد عنهم، كما أوضح أن هنالك أشخاصاً كثيرين عندما يتحدثون إليك عبر الهاتف يقولون لك: “مافي عوجة وتعبك راحة وما إن تنتهي المكالمة حتى يرددوا ” دا مكرهنا ذاتو أوالزول دا (معاط)”. وأضاف أن هنالك مثل يقول: “صاحب بالين كذاب” فكيف هو صاحب الوجهين؟، هذا ينبغي التعامل معه بحذر شديد وعدم إفشاء الأسرار له، والابتعاد عنه بشتى الطرق. وزاد أنه دائماً يظهر الصفات الحميدة الذوق والادب والاحترام ومن بعدك يظهر السب والشتم والتطاول على الآخرين، وعندما يكتشفه الناس يصبح شخص غير مرغوب فيه من الجميع.
آثار نفسية ونفاق اجتماعي
وفي السياق أضاف “محمد أبو شيبة” موظف، بأن الشخص ذا الوجهين عادة ما يكون مزاجياً في التعامل مع الآخرين، بجانب ذلك نجده في أغلب الاحيان عندما يكون له علاقة صداقة مع شخصين فيختلف تماماً في التعامل مع طرف دون الآخر، وذكر أنه دائماً يتحدث معك بطيبة وأريحية وعندما يكون بعيد عنك تجده يروي للآخرين عن شخصك أموراً سلبية وغير واقعية، تكاد ﻻ تصدقها، وأكد أن الشخصية المزدوجة تعاني أمراضاً نفسية وتحاول دائماً أن تروح عن نفسها بقضايا الآخرين.
من جهتها قالت “ناهد السر” إن الشخصية المزدوجة أصبحت موجودة بكثرة لدى من يؤمنون بمبدأ النفاق الاجتماعي. ووصفتها بأنها تعاني خللاً نفسياً يسمى بـ(مركب النقص)، وهي بالتالي شخصية جبانة ومشوهة، تنتقدك بطريقة سيئة خلف ظهرك، بينما تظهر لك في حضورك محاسنك وتكيل لك المديح، وهي ضعيفة ومعقدة وليست لها القدرة على المواجهة.
ضمير المجتمع
إلى ذلك وعن التكوين النفسي تلك الشخصية يقول نصر الدين أحمد إدريس الدومة، رئيس قسم علم النفس جامعة أفريقيا العالمية، إنه محصلة لعوامل التنشئة والتربية التي تبدأ من بنية الرحم كاستعدادت وراثية إلى ما بعد الولادة، حيث تستمر عملية التشكل من قبل الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الكبيرة الممتدة إلى المجتمع حولنا والزملاء والرفاق ودور التعليم المختلفة والمؤسسات الدينية وما تعرف بوكالات التنشئة أو التطبيع الإجتماعي، وأضاف أن معالم الشخصية تبدأ في التشكل وتظهر كلما تعامل الشخص مع البيئة الخارجية (الآخرين) عبر احتكاكه معهم، ولذلك فإن الشخصية هي تلك القيم والمثل، والشخصية تتكون من مجموعة سمات كالكرم والشجاعة والصدق والإخلاص والعدل وما إلى ذلك، وهناك سمات أخرى مثل الكذب والبخل والجبن وغيرها، وأوضح أن الاختلاف في مسألة التنشئة سلباً أو إيجاباً ينعكس على طبيعة الشخصية ومجموعة هذه السمات المتعددة تكون في شكل (دوائر) متداخلة كدائرة كل منها مرتبط بالأخرى، وتباين هذه الارتباطات بشكل مختلف مع بعضها البعض وهو مايعرف بـ(تداخل السمات) عند بعض الأشخاص قوية وعند الأخرين ضعيفة حسب مواد التنشئة والتربية وهي التي تشكل وتكون ضمير المجتمع. وقال “الدومة” أن مايحدث عند البعض من ممارسة الغيبة والنميمة وعدم مواجهة الأخرين وأحياناً الكذب، وكل هذه الصفات السالبة ماهي إلا تعبير عن ذلك الضعف في طبائع الأفراد وسماتهم وأحياناً يكون ضعف في (ضمير المجتمع) من خلال تقبل الآخرين لهذا السلوك. وفي ختام حديثه أوضح أن معالجة هذه الظاهرة يتم من خلال رفض المجتمع لهذا السلوك

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..