التعدديه الرشيده كيف؟

منكم

الانظمه الديكتاتوريه القابضه لاتعيش الا في ظل اختلاف رؤى الاخرين ..ولذلك تحاول بكل ما اوتيت من قوة على شق القوى السياسيه المؤثره لاضعافها حتى يخلو لها الجو وتستمر في سدة الحكم لأطول فتره ممكنه .
النموذج لمثل هذه الانظمه نجده حاضرا في كل دول العالم الثالث ،ويتضح بصوره اكثر في الدول الافريقيه التي تكاد تنعدم الممارسه الديمقراطيه في غالبية دولها .
في مقابل هذه الصوره (المشوهه) لشكل الحياة السياسيه ..تاتي ممارسة العمل السياسي عبر احزاب وكيانات سياسيه منظمه تطرح افكارها ويقبل عليها افراد الشعب ليقدموا من يقتنعون با افكاره وبرامجه للحكم ويكون تداول السلطه سلميا ..وهذه هي الحاله الطبيعيه التي تم تجريبها وادت الى نهضة دول العالم الاول في كل المناحي .

الاسبوع الماضي ادلى الامين العام لمجلس شؤون الاحزاب السفير عبدالرحمن ضرار بتصريح صحفي حذر فيه الاحزاب التي لم تعقد مؤتمراتها بمهله حددها بنهاية العام او ستواجه خطر التجميد ،وهذا الخبر في اعتقادي مؤشر قوي على نية الدوله في اصلاح الحياة السياسيه التي افسدها الحزب الحاكم من خلال استراتيجته السابقه حينما عمل على تمزيق وشق الاحزاب السياسيه الكبيره والتاريخيه خوفا منها وطمعا في الحكم .
لعل النظريه السابقه كانت نتيجتها عكسيه بحسابات من يديرون الدوله ،حيث ان المحصله كانت هذا التشتت والتشرزم المجتمعي الذي تشهده الساحه ، وكان ينبغي ان يكون الفهم هو انه مهما كان الاختلاف تظل الاحزاب الوطنيه هي ضامن لحماية الدوله والمجتمع من كوارث وازمات كبيره .
المؤتمر الوطني شئنا ام ابينا هو الحزب الحاكم الان ،ورغم المراحل السياسيه التي ظل يبتدعها في كل مره عبر شراكاته مع بقية القوى السياسيه المختلفه لكنه لايسمح بتمرير اي اجنده تخالف او تتقاطع مع اجندته السياسيه واستطاع ان يحكم البلاد بمفهوم الحزب الواحد وينفرد بالسلطه وكان قادة احزاب المعارضه الذين يدخلون معه شراكه بين الفينه والاخرى يكونون مجرد (كومبارس) ولايستطيعون اضافة اي شي جديد ويخرجون من حكومته كما( دخلوها اول مره)،ولذلك الوطني يتحمل كل النتائج الكارثيه التي حدثت في البلاد خلال الثلاث عقود الماضيه.
ان اصلاح الحياة السياسيه يبدا من حيث انتهج افسادها وذلك بعودة الكيانات السياسيه الكبيره لسابق عهدها وياليت لو صدق السيد الامين العام لمجلس شؤون الاحزاب وقام بشطب كل تلك الاحزاب الكرتونيه التي ليست لديها وجهه او فكره او برامج ،حتى تعود العافيه للسياسه السودانيه و(يستعدل) هذا الحال المعوج ،وهذا لايتاتي الا بقناعة الحزب الحاكم الذي ما انفك يخشى قوة الاحزاب الجماهيريه حتى هذه اللحظه .
انفراد اي حزب بالحكم بطريقه غير شرعيه يحجب بصوره تلقائيه ارادة الشعوب ويغيب رؤاها ويقف سدا منيعا في طريق تحقيق تطلعاتها ، وبالتالي فان مثل هذا الوضع يؤدي الى قطع حركة النهضة الفكريه والتنمويه في اي بلد يتعرض لمثل هذا النموذج من الحكم .
التجربة اثبتت بان غالبية الانظمة الديكاتوريه المتسلطه تقع رهينه لتنفيذ اجندات خارجيه ،لان خوفها الدائم من المعارضه في الداخل يجعلها لاتتردد ابدا الخروج عن الخط الوطني لكي تحمي نفسها من السقوط .
الخروج من هذا النفق يكمن في عودة الثقه للساحه السياسيه السودانيه واعتراف الجميع بالاخطاء التي (ارتكبوها) في حق الوطن ..والاتعاظ من التجارب الفاشله ولتكن البدايه من خطوة السفير عبدالرحمن ضرار بشطب الاحزاب التي نشات في ظل حكم المؤتمر الوطني والابقاء على الاحزاب التي شهدت اخر انتخابات ديمقراطيه حقيقيه في العام 1986 ، والامثله امامكم في الدول المتقدمه التي يتنافس على الحكم فيها حزبان او ثلاث فقط (فالحكاية ) لاتحتاج الى (درس عصر) فهي بائنه وواضحه… فقط تتطلب توفر الاراده السياسيه من (لدن) من (خرب) الحياة العامه في السودان.

[email][email protected][/email]

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..