(المكتفون) في الارض..!

تفاءل الجميع بحملة جمع السلاح التي شهدتها الولايات الغربيه خلال الاشهر الماضيه.. ولو انهم يقولون ان قرار الحكومه بهذا الصدد جاء متاخرا جدا ،لكن (ان تاتي متاخرا خيرا من ان لاتاتي) كما يقولون.
القرار كان شجاعا.. لانه جاء بعد ان جرت مياها كثيرة (تحت الجسر) حيث بات من يمتلكون السلاح يهددون الدوله في عقر دارها .. بعد ان قويت شوكتهم واصبح لهم راي سياسي (واضح ومافاضح)..!.  
بالطبع ادت ظروف الحرب التي شهدتها البلاد طوال السنوات الماضيه الى ان تستعين الدوله بالقبائل والمجموعات المختلفه لمساندتها في صد العدوان ..ولكن عندما شعرت الحكومه بسيطرتها على الاوضاع اتخذت قرارها بجمع السلاح .
المراقبون فهموا بعد هذه الحملة الشعواء للحكومه على القبائل والجماعات في ولايات كردفان ودارفور بان الدوله (خلاص مامحتاجه) لمساندة من احد وان قواتها النظاميه الرسميه كفيلة برد العدوان متى ما اطل براسه على حدود البلاد.
استمعت امس لا استغاثه من احد ابناء المسيريه المشهورين عبر تسجيلاتهم الصوتيه على الواتس اب.. وهو الفاضل حامد الجبوري والذي كثيرا مايعلق على الراهن السياسي في البلاد بلغة بسيطه وساخره .. قال فيه ان ولايتهم غرب كردفان  والتي استهدفتها حملة جمع السلاح الاخيره ..تعرضت لهجمات منظمه من جيش نظامي ويقصد جيش دولة جنوب السودان..وكشف حامد عن خسائر كبيره في الارواح والممتلكات واوضح ان اهله المسيريه يواجهون هذه الهجمات بعد ان جمعت منهم الحكومه السلاح الذي كانوا يدافعون به عن انفسهم وتركتهم (مكتوفي) الايدي! .
معاناة اهلنا المسيرية تشبه الى حد بعيد معاناة بعض المصريين في الاربعينات من القرن الماضي  التي حكى عنها الكاتب المصري الشهير الدكتور طه حسين في مجموعته القصصيه (المعذبون في الارض ).. وتلك معاناة (اخف)فهي تتمثل في الفقر والجوع والمرض.. ولكن هذه معاناة (اشد) لانها معاناة الحرب والموت..!.. فالمسيريه ظلوا لعشرات السنين يدفعون ثمن دفاعهم عن ارضهم وعرضهم ..وقد عانوا كثيرا جراء ذلك خاصة بعد انفصال الجنوب حيث صارت قبيلة واحده تواجه دولة كامله بعدتها وعتادها ،وبالواقع الذي تحدث عنه الجبوري في تسجيله الصوتي اللاذع فانهم (معذبون ومكتفون!!) في الارض.
النائب البرلماني واحد ابناء ولاية غرب كردفان صالح جمعه كان قد صرح للصحفيين الاحد الماضي متهما قوات من جنوب السودان بالتوغل داخل الحدود السودانيه مسافة 50 كليو متر وقتل 36 مواطنا من ابناء المسيريه ونهب حوالي 1300 راس من الماشيه.
مايحدث في ولاية غرب كردفان من هجوم متكرر لجيش منظم يملك جميع انواع الاسلحة الثقيله والخفيفه ويوجهه نحو (صدور ) مواطنين عزل ..يحتم على الدوله ان تتحرك سريعا وسريعا جدا ..لصد هذه الهجمات وملاحقة  القوات المعتديه لارجاع المنهوبات والاخذ بالثار ورد الاعتبار لااهلنا المسيريه. 
ان عدم الاسراع في حسم هذه الغزوات الخطيره سيجعل فكرة الحكومه من جمع السلاح في المحك..لانه ليس منطقيا ان تترك دوله مواطنيها (عزلا) في مواجهة جيش يملك جميع انواع الاسلحه التي لو ضغط على زر اي واحد منها سيلقي بعشرات القتلى في اللحظهةوالحين.
على الحكومه السودانيه ان تبدا با استدعاء سفير دولة جنوب السودان اولا واستفساره عن هذا الهجوم الغاشم ..واعطاءه مهله لتبليغ دولته ..لكي توقف انتهاكاتها  المتكرره لاراضي السودان  وقتلها في وضح النهار  لعدد كبير من المواطنين ..وذلك قبل ان تخرج الاوضاع السيطره ومن ثم يصعب على الدولتين احتواءها.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..