مقالات سياسية

حزام الفتن المؤجلة..!!؟ا

حزام الفتن المؤجلة..!!؟

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected],

الراحل الدكتور/جون قرنق.. حينما سئل مرة عن شرح فزورة ما يسمي بالمشورة الشعبية التي تضمنتها اتفاقية نيفاشا فيما يتعلق بمستقبل مناطق النيل الأزرق..وجنوب كردفان وجبال النوبة..أجاب بسخريته الحكيمة..أو حكمته الساخرة ..قائلا ..هي فيل صغير..ثم سكت عن تفسير الباقي ..ومضي في رحاب الله..
ومن الواضح أن اللعب علي ورقة كسب الزمن التي اتبعها الشريكان في تأجيل عدد من المشاكل في المناطق التي تأخذ موضع الحزام من الجسد بين الشمال والجنوب ..هي بالضبط هروب الي الامام وفي الاتجاه الذي وجدا فيه الان تلك المشاكل تقف امامهما وجها لوجه كحزام ناري اشتعل بعنف في طرفي الجسد .. وهو ما تاكد لهما الان ومن خلال وقائع الشد والجذب التي تفجرت مع انتخابات ولاية جنوب كردفان الدستورية والتشريعية..
فالجانب المنظور منها ذلك التصعيد المركز ومن خلال الاعلام الرسمي لادارة الحملة من جانب المؤتمر الوطني وتسخير كافة الامكانات. لها ولصالح طرف بعينه.شخوصا وادوات..بدءا من رئيس الجمهورية الذي كسر كل القواعد المرعية التي تحتم عليه كراع للكل او يفترض ..ان يلتزم الحياد ..بدلا من صب الزيت علي وميض النار التي تتحرك في جنبات ذلك الحزام في خصر الوطن..فذهب ليعلن الحرب في غمرة حملة انتخابية مسعورة ومتضاربة النتائج..
ولانري ايضا بالمقابل ماذا تحمل الحركة لها من مواد مشتعلة في صفيحة ورودها للآزمة…
الآن تتجلي كل تبعات الغموض في العبارات الهلامية التي تركها انفصال الجنوب خلف بوابات الغيب والتي يستعصي فهمها بالنسبة حتي لاساطين القانون ومراجع فقه النزاعات فما بالك من عامة الناس الطيبين..
ولعل التعبير الذي أوردناه عن الراحل قرنق فيه بلاغة قائد مشبع بثقافة اهل الجنوب الذين يعرفون من خلال حياتهم في الغابة مقدار الضرر الذي يحدثه الفيل من تخريب ودمار في الحقول والأشجار والثمار اذا ما كبر جسده وطال خرطومه…
ولعل ذلك التفسير لخطورة تاجيل المسائل التي يتحدد فيها مصير شعب وبقاء وطن من عدمه ..قدعبر عنها أيضا أحد مثقفي النيل الازرق حينما ساله اخوته المزارعون البسطاء ليشرح لهم ما معني المشورة الشعبية فاجابهم بلغة يفهمونها ربما تصب بصورة او باخري في مجرى وصف الدكتور قرنق لها..
فاجاب الاخ المثقف أخوته..شارحا بالقول..
..مثلا انا أحمد وانت زكريا وهذا اخونا اسماعيل نعيش مع والدنا الحاج اسحق في هذا الحوش ..كل منا له قطيه..اخونا اسماعيل طلب من الوالد ان يبني له قطية بحوش منفصل وعمل مشاكل..وتم له ما أراد..جاء الوالد يسالنا هل قطية اسماعيل جميلة ؟
فشب له أخوه زكريا سائلا ..طيب قلنا جميلة ولا شينة .. وهو الذي رضي بها ..فما دخلنا نحن ؟..
فقال له أحمد ..صبرا..لان الوالد بعدين سيسألك انت ويسالني انا .. هل انتم مرتاحون في قطياتكم .. أم لا..؟ هنا انفرجت اسارير زكريا وقال له ..طيب ده الكلام التمام..! واذا أنا قلت مثلا مرتاح..؟
قال أحمد في هذه الحالة ..خليك في مكانك..
فقال زكريا ولو قلت للوالد أنا ما مرتاح واريد قطية بحوش منفصل..مثل اسماعيل ..؟
هنا اسقط في يد الأخ المثقف أحمد ..وقال لزكريا ضاحكا هذا السؤال كان يجب أن تقوله قبل وفاة الوالد ..اذ لا أملك لك انا جوابا..!!؟

الان وبعد وفاة الراحل قرنق..واقتسام الشريكان لورقة الوطن بمقص مشتعل .. نري النار تمسك في طرفي الورقة وتزحف الي بقية المساحات في الاتجاهين.. واصبح ما بينهما حزاما من النار يبدأ من الشرق المتاخم للجنوب في ناحية النيل الأزرق الي اتجاه الغرب جنوب كردفان وابيى منعطفا ناحية الشمال الغربي في دارفور ليشكل مشروع خارطة دولة هذا ان لم يكن أكثر منها..متمددا بحريقه اللاهب من تحت سياسة التاجيل التي تأججت خلالها النيران..
..فهل تطفيها المزيد من التقسيمات..في جسد وطن وجده الشريكان وفيه نسبة من التعايش كان من الممكن تطوريها الي توافق كامل لو انهما كانا خارج اللعبة ..
وكان الزمن كفيلا بتضميد جراحات كل الخلافات ببلسم الصبر والعلاج المتأني بالحكمة وتشاور الجميع..
بيدأن شريكي الغفلة جعلا الخسارة مضاعفة باتباع سياسة التأجيل وكسب الزمن الذي خانهما في اصعب المنعطفات .. وتعقدت عليهما وعلينا طلاسم لغة النصوص الغامضة.. في معا لجة جراحات المناطق التي ازيحت جانبا ليمر موكب الآنفصال مخلفا وراءه هذه الهالة من الغبار التي تملاء العيون وتسد الأفق..
ثم كبر الفيل وعاث فسادا في الزرع .. ومات والد الجماعة وترك الأمور معلقة علي حبال المجهول.. وكل منهم عينه علي قطية اسماعيل..
وها هو الحزام الناري يزداد لهيبا في خصر الوطن الذي بات يستغيث .. بالمولي عز وجل لاخماد فتن المؤتمر والحركة المؤجلة والتي اطلت براسها قبل ان يكمل طلاق الجنوب فترة العدة..انه المستعان ….وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. Dear Mohammed,
    That is cleverest article about North / South dilemma! Baby elephant has grown up, and will soon consume crops and obliterate small huts and big houses on both sides unless we all work hard to kill it!

  2. اه يابرقاوى
    الله يستر—- ربنا يكفى مابقى من بلدنا شر الفتن اذا انفجر هذا الحزام الناسف— فسندخل مرحلة المحن والتى دخلناها اساسا بسبب هؤلاء المفسدين : الذين فرقوا بيننا بين الجنوب والشمال والشرق والغرب- مثلما ذكرت كان يمكن عبر الزمن ان ننصهر كلنا فى انسان سودانى واحد-

    والله يابرقاوى استغرب جدا: كيف انصهر الاقارقة فى اوروبا وامريكا والذين اتت بهم امريكا عبيدا وفرقت بينهم!! ولكن حصل التعايش والتزاوج وحتى اصبح السود يتبوأوون مراكز مرموقة– مع ان ديننا الاسلامى هو من باب اولى له القدرة على صهر المجتمع الانسانى فيما بينه– هذا دليل لادعاءهم الدين

    *كانت هنالك مدارس قومية مثل حنتوب خورطقت وخور عمر: كانت تجمع بكل ابناء الشعب فهذه المدارس كانت نموذج لسودان مصغر كان ممكن ان يكون اجمل لغد افضل نلبس فيه كلنا الجلابية والعمة والتوب— اخير من لبسنا الان البنطلون المشحط والحزام…والذى يضايق المناطق الداخلية ويلهب المناطق الحساسة..فاما ان نخلع البنطلون ونمشى ام فكو ونرجع نلبس الجلابية سريع لمداراة عورتنا او ان ينفجر الحزام وساعتها كل الجسم حيضيع
    لك التحية استاذى برقاوى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..