مقالات سياسية

الضعف والفشل السياسي لحكومة حمدوك

وائل محجوب

• إذا تم تقييم أداء الحكومة الانتقالية وتحالفها السياسي فقط بما جرى في كسلا، منذ بدء تفجر هذه الخلافات بتعيين الوالي، انتهاء بتحولها لقنبلة موقوتة تنذر بحرب قبلية بقرار إقالته الكارثي، وما تلاه اليوم من سقوط للشهداء والجرحى في تظاهرات سلمية، لكان هذا لوحده كافيا لدمغ الحكومة بالفشل، وتأكيدا على انفصامها وانفصالها عن واقع وتاريخ وجغرافيا البلاد، بولاياتها وقبائلها وانسانها، وجهلها الفاضح بشئون السياسة وحسن إدارتها، وبالحكمة السياسية والشعبية والأهلية السودانية التي تحقن الدماء، ولعكست اساليب الفهلوة والتلاعب التي شابت اختيار الولاة من قبل الحاضنة السياسية التي عرضنا لها في وقتها وحذرنا من عواقبها الوخيمة، ومحاولة فرضهم بواسطة القلة المتنفذة وشلتها داخل الحرية والتغيير.

• هذه الأزمة المتفجرة هي نتاج لسلسلة من الأخطاء الكارثية، بدءا من ترجيح كفة الوالي على ترشيحات أخرى كانت تتقدم عليه، ومرورا بالتعامل المتعامي عنها بعد تفجر الخلافات والتصعيد، وانتهاء بالتوقيت غير المبرر لعزله عن منصبه، دون تفسير أو تبرير والبلاد تنتظر تغييرا للوزارة والولاة.. فأي أنواع العباقرة الذين ابتلينا بهم،
يمكن ان يحولوا الأزمة لكارثة، ثم يحيلوها لمقدمة لحريق يبدأ بالشرق، ويمتد لكل انحاء البلاد بسبب قصر النظر والجهل السياسي الفاضح.

• هذه الحكومة لا تتحدث للناس، ولا تستمتع اليهم، فقد بحت الاصوات بنصحها في محنة الشرق بلا جدوى، وليس لديها استعداد لتنفيذ مطالبهم، وقد صبر الناس عليها طويلا قفلا للأبواب امام المتربصين، وساندوها بالدعم والرأي والنقد بلا طائل.. وتفتقر للقدرة على إدارة الأزمات، وهي بضعفها وهيمنة العسكر على شأنها، وتقاصر همتها عن التمسك بشعارات الثورة بما فيها تفكيك التمكين، وملاحقة مجرمي ومفسدي العهد البائد، تعرض البلاد لمخاطر تتجمع نذرها، وما يجري حاليا في الشرق، وما حدث قبله من صراعات قبلية دموية في عدد من الولايات، ومع ضعف وتفكك قوى الحرية والتغيير وعزلتها عن الشارع الذي بلغ مرحلة متقدمة من الغضب بعد ان صار يتطاول عليه انصار العهد البائد بينما تحاصره الأزمات المعيشية المتفاقمة، هي مقدمات الانهيار الشامل للدول، والانزلاق في الحرب القبلية، ويمكن فقط تأمل تجربة رواندا لنرى كيف يمكن ان تجرف العنصرية والقبلية الدول للمحارق.

• والمتأمل فقط لبيانات الوالي المقال منذ صدور القرار، وحتى الأن يدرك بلا ريب خطل قرار اختياره للمنصب، ففي هذا الوقت الحساس الذي يحتاج للحكمة لا غيرها لحقن الدماء ووقف التصعيد فضل الانتصار للذات بسبب الكرسي الذي فقده، والذي لم ينتخبه له أحد وبعد أن عزلته ذات القلة التي عينته، وربما أفضل ما يمكن أن يفعله هو الصمت فالحديث نتيجته المزيد من الخراب.

• هذه الفتنة تحتاج حاليا لجهد قومي يستنفر كافة القدرات والمبادرات الشعبية والأهلية والدينية، قبل أن تحرق كل الوطن..
أنني أدعو لمبادرة سياسية شعبية يتقدمها زعماء الطرق الصوفية وشخصيات قومية ذات صلة بشرق السودان وتحظى بالاحترام والقبول وتقود للتوصل لعهد بنبذ العنف، وتقديم المتورطين في القتل سواء من أجهزة نظامية أو أفراد للعدالة، وللتوافق على والي للولاية من خارجها، ومجلس استشاري مصغر بتمثيل لمختلف الكيانات بكسلا.

وأخيرا؛
• يتوجب مغادرة هذه الحكومة بضعفها الماثل لمقاعدها في التشكيل الوزاري القادم، وأن توضع معايير واشتراطات صارمة ومعلنة، وأن تعلن للرأي العام اللجان التي تحدد المرشحين للمقاعد الوزارية وأسماء المرشحين وخبراتهم، وأهم معيار توفر الخبرة بالعمل في جهاز الدولة، وتكفي تجربة أختيار هذه الحكومة، فهي أقل قامة من الوطن ومن التحديات التي يواجهها، ومن الثورة وأهدافها وشعاراتها ومطالبها الواضحة.

• اما تحالف قوى الحرية والتغيير، فاما أن يكون تحالف للثورة يضم ممثليها، ويقود حكومتها ويدافع عنها، ويقوم بتقييم حصاد ما جرى منذ الثورة وحتى اليوم، ويطرح خارطة طريق سياسية، وبرنامجا واضحا للتعامل مع الفترة الانتقالية بكل قضاياها، وبرؤية كاملة للحكومة القادمة، أو سينهار على رؤوس القلة التي اختطفته، مثلما تخاطفت المناصب والمواقع، ووزعتها كالعطايا، وهاهو حصادها يوشك ان يغرق البلاد في الفوضى والانهيار.

تعليق واحد

  1. كلامك صحيح مائة في المائة يا استاذ وائل، حكومة ضعيفة ورئيس وزراء خيب آمالنا وسدنة النظام البائد يسرحون ويمرحون. عجائب آخر الزمان واضف اليهم عجائب فيصل محمد صالح ولقمان بتسميتهم لاستديو في التلفزين بأسم علي شمو ربيب الدكتاوريات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..