مقالات سياسية

مخاطرة جمع السلاح

مخاطرة جمع السلاح

كشف والي جنوب دارفور المهندس آدم الفكي عن مجموعة من القرارات، أصدرتها اللجنة العليا بالمركز لجمع السلاح بولايات دارفور، يبدأ العمل بها ابتداءً من السادس من أغسطس المُقبل سيتم تنفيذها في دارفور أولاً، وقال إنّ الأجهزة الأمنية ستستخدم القوة اللازمة لجمع السلاح حال عدم استجابة القبائل لقرار الجمع الطوعي، داعياً الإدارات الأهلية الى ضرورة التعاون لإنجاح العملية، وقال إن الحكومة لن تدفع مبالغ مالية لأيِّ شخص يصادر منه سلاحه لأنه سيكون لصالح الدولة.

هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن عزمها على جمع السلاح في دارفور، وتقوم بعمل ورش عمل وتكوِّن لجاناً وتصدر توجيهاتها وسرعان ما يتلاشى كل ذلك في الهواء.. آخر مرة كانت في شهر مايو الماضي حيث أعلنت عن تشكيل لجنة عليا لجمع السلاح على مراحل، من بينها ?الجمع مقابل المال?، ووجّه الرئيس وزارة المالية، لتخصيص ميزانية إضافية لإغراء الأهالي لتسليم سلاحهم طوعاً، وطوعاً هذه لن تتحقق إلا بعد أن يرى المواطن الدولة بكل قيمها حاضرة أمامه وما تفكر فيه الحكومة الآن مخاطرة.

السلاح في دارفور انتشر منذ ثمانينات القرن الماضي في فترة الحربين الليبية التشادية، والتشادية التشادية بالإضافة إلى حرب الجنوب، ثُمّ ازدهر مع استمرار عدم الاستقرار في المنطقة والإهمال الرسمي الذي واجهته درفور وتعطل التنمية فيها وانهيار مواردها الاقتصادية، حيث بدأت الصراعات القبلية تتسارع، ومع وصول حكومة الإنقاذ إلى السلطة نهاية الثمانينات ازداد الأمر سوءاً وتعقيداً وبدأ انتشار السلاح يأخذ منحىً أكثر خُطورةً نتيجة للاستغلال السياسي للقبائل، وتطور الأمر حتى أصبحت الدولة تستنصر بالقبائل بدلاً عن العكس، ومثل هذا الوضع لا يُمكن علاجه من غير خُطة مُحكمة تعدل الصورة المقلوبة ثم بعد ذلك يأتي الحديث عن جمع السلاح، وعلى قول أهل دارفور (الشوكة بتطلعوها بدربها)، فما لم تختفِ أسباب انتشار السلاح فلن تستطيع الحكومة جمعه من القبائل التي تُعتبر الآن أكثر تسليحاً منها هي نفسها، فقد اعترف والي جنوب دارفور نفسه بأن هناك أكثر من مائتي ألف قطعة سلاح تنتشر بأيدي القبائل، وأن العديد منها صارت تمتلك أسلحة ثقيلة: مدافع ورشاشات ? بالإضافة إلى امتلاك سيارات الدفع الرباعي، السؤال كيف تقنع الحكومة هؤلاء بتسليم سلاحهم وهو بالنسبة لهم الحكومة التي يلجأون إليها ظالمين أو مظلومين.

الحكومة تقوم بهذه الخطوة ليس من أجل الاستقرار في المنطقة وإنما لتعجل بخروج قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التي تشترط الاستقرار لخروجها كما قال الوالي، وعليه ستقوم الحكومة بخطوة غير محسوبة العواقب، فالقبائل تعلم تماماً أن الحكومة لن تحميها وهي لن تسلم سلاحها لحكومة تستنجد بها ولن تستطيع الحكومة فعل شيء فهي (هوشة) وستمر مثل كل مرة.

لا أعتقد أنّ أهل دارفور سعداء بانتشار السلاح في الإقليم، بل سيكونون أكثر الناس سَعادةً حين يختفي من أيدي الناس، ولكن هذا الوضع لا يتأتى بين عشية وضحاها أو بالقوة، والقيام بهذه الخطوة قبل أن تزال أسباب انتشار السلاح سيُفجِّر أزمة جديدة لم تتحسّب لها الحكومة، وهي بذلك ستفتح الباب مشرعاً أمام الأمم المتحدة و?يوناميد? لتبقى.. هذا إن لم يتم تعزيزها بقوة أخرى.

التيار

تعليق واحد

  1. السلاح المنتشر الان في دار فور تم توزيعه من قبل النظام بواسطة زعماء القبائل والقيادات السياسية التابعين للنظام وبذات الكيفية اذا كانت الحكومة صادقة في قرارها يمكن ان تجمع السلاح .لا حرب شادية ليبية ولا دول الجوار يا بت محمد جمعة

  2. السلاح المنتشر الان في دار فور تم توزيعه من قبل النظام بواسطة زعماء القبائل والقيادات السياسية التابعين للنظام وبذات الكيفية اذا كانت الحكومة صادقة في قرارها يمكن ان تجمع السلاح .لا حرب شادية ليبية ولا دول الجوار يا بت محمد جمعة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..