سعودي سبعيني يجوب العالم بطائرة

جدة: علي شراية
من المدينة المنورة إلى أرجاء العالم، بدأ «الكابتن» سامي رفة، ابن السنوات السبعين، مغامرة الطيران حول الكرة الأرضية على متن طائرة صغيرة ذات محرك واحد خط عليها أسماء مدربيه ومعلميه أصول الطيران في أوروبا وأميركا قبل 53 سنة. وذلك كما قال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقائها معه: «امتنانا لهم، وتأكيدا وإعجابا برسالة خادم الحرمين الشريفين الداعية لحوار الحضارات وتبادل الخبرات».

«رحلة الامتنان» التي انطلقت قبل أيام من المدينة المنورة هي المحاولة الثالثة من نوعها لـ«الكابتن» سامي، بعد محاولتين سابقتين توقفتا في القاهرة عامي 1961 و1962 بسبب مشاركة الجيش المصري في حرب اليمن في تلك الفترة.

رفة، وهو أب لابنين وبنتين، من مواليد مكة المكرمة عام 1943، ولقد درس الطيران في النمسا وسويسرا، ومن ثم أكمل دراسته الأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية، وبعدها عمل طيارا مدنيا لمدة 35 سنة، وتقاعد قبطانا من الخطوط الجوية السعودية على طائرة الـ«جامبو». ثم اتجه بعد ذلك لتدريس الطيران في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة على مدى 6 سنوات.

خلال الحوار مع «الشرق الأوسط» قال الكابتن سامي رفة: «منذ عام 1962 وبعد تعذر إكمالي المحاولتين السابقتين وهذه الفكرة تراودني من وقت لآخر، غير أن انشغالي بظروفي العملية والعائلية حال دون تنفيذها. أما الآن، بعدما كبر أولادي وبعد تقاعدي من الخطوط الجوية السعودية فقد بدأت عملية الإعداد لهذه الرحلة منذ خمس سنوات وسط تشجيع كبير من أولادي وزملائي، الذين رحبوا بالفكرة وأسهموا معي في دفع نفقاتها لما تحمله من رسالة سامية، خصوصا لنا نحن الطيارين بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001».

وعن تفاصيل الرحلة قال «الكابتن» شارحا: «ستستغرق نحو 20 يوما وقد تزيد على ذلك بسبب ظروف الطيران والصيانة من موقع لآخر. والمخطط هو أن أجوب خلالها نحو 22 بلدا على متن طائرة ذات محرك واحد، من نوع (موني)، اقتنيتها بعد سنوات من البحث وأضفت لها كثيرا من التجهيزات الخاصة برحلتي. وتشمل هذه التجهيزات مخازن إضافية للوقود وأجهزة رادار خاصة وأجهزة التواصل والطيران الآلي وجهاز خاص لإذابة الثلج على الأجنحة. أما سرعة هذه الطائرة فتبلغ 400 كلم في الساعة ويبلغ طول الجناح 36 قدما».

رفة لفتنا إلى أن خط سير الرحلة يبدأ من المدينة المنورة ومنها إلى جدة ومن ثم إلى باريس، ومن ثم تتواصل لتشمل 22 بلدا حول العالم «وما زالت المداولات مستمرة للمرور على القطب الجنوبي، وستستغرق بعض أجزاء الرحلة الطيران لمدة 17 ساعة».

وعن الإجراءات التي اتخذها سواء من الناحية الطبية والاحترازية التي يأمل أن تساعده على إكمال الرحلة، قال «الكابتن» سامي رفة إنه استشار عددا من المتخصصين بينهم شقيقاه عدنان وحسان، طبيب القلب المعروف، وأخذ منهما المشورة اللازمة حول الراحة الجسدية وطرق التغذية «ولقد وصفا لي بعض الأدوية والأطعمة الخاصة التي لا يحتاج إعدادها إلى جهد كبير، لكنها تفي بالغرض في الرحلات الطويلة، منها بعض الأطعمة التي تتناول على شكل كبسولات وتمثل وجبات طبية متكاملة، وتقلل من نسب إفرازات الجسم». وأردف مستدركا «بالمناسبة، أنا في كل رحلاتي أعتبر تمر العجوة الغذاء الرئيسي لي لما يحمله من المواد المغذية المهمة».

وتابع رفة مشيرا إلى أنه استعان بنوع خاص من بدلات الطيران المقاومة للاحتراق لفترة طويلة بالإضافة إلى معدات للإنقاذ والسلامة داخل الطائرة وفي حالة الهبوط الاضطراري على المياه الباردة.

وعن توثيق الرحلة وكيفية التواصل مع الجهات المشرّعة لها، قال رفة: «هذا النوع من الرحلات يتم بالتنسيق مع منظمة الطيران العالمية التي تشترط على الطيارين تحديد مطارات الهبوط والإقلاع، وهي تتواصل معهم بعد ذلك وهي لا تهتم بالأهداف بقدر ما تهتم بالوسيلة.. ولقد قام برحلات مشابهة كثير من الطيارين العالميين، لكنني أعد الأول على مستوى المنطقة العربية الذي يقوم برحلة من هذا النوع على متن طائرة بمحرك واحد».

بعدها سألناه عن التحدي، كون الرحلة عملا فرديا، فأجاب: «أتمنى أن أجد الصفّة الرسمية، وهناك بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى تفاوض لشراء الرحلة بالكامل وتوثيقها. إلا أن رحلتي هذه هي رحلة امتنان وشكر أهديها لبلدي ولخادم الحرمين الشريفين وأهديها للعالم أقول لهم فيها (نحن لسنا أقل من غيرنا).. وهي أيضا تأتي امتنانا مني لمن علّموني ولزملائي في مجال الطيران وعبرها أقول لهم شكرا.. وكذلك أوجه عبرها شكري لزملائي والمدربين الذين درّبوني في السعودية الذين خطّيت أسماءهم على الطائرة، ومنهم مثلي الأعلى (الكابتن) نهار نصار الذي لقب بـ(النسر الراحل) و(الكابتن) عبد العزيز سمعان..».

وأخيرا، عن الأهداف المرجوّة من هذه الرحلة اختتم رفة كلامه بالقول: «أنا عملت في مجال الطيران منذ 52 سنة، وانتهيت من توثيق كتابين حول الطيران وكتاب آخر حول الطيران الخاص. وسأوثق هذه الرحلة صوتا وصورة بواسطة أجهزة خاصة حملتها معي خصيصا لهذه الغاية، وسأبث من خلالها رسائل وصورا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكل من يتابعني من أصدقائي وزملائي».

الشرق الاوسط

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..