كَتَلَك شريف أهلو في الريف !!

كان أهلنا قديماً يعتقدون إعتقاداً جازماً أن الحيّة تأخذ بثأر أحبائها الذين يقتلون على أيدي بني آدم لذا فقد كان الرجل منهم إذا أضطر لقتل ثعبان يقول بصوت جهور وقبل ان تنهال عصاه عليه :” كتلك شريف أهلو في الريف.. كتلك هِنايْ أهلو في الناي ” وهو يقصد بذلك أن يخادع فينسب جريمة القتل إلى شخص وهمي ليس له وجود فيزيائي فإذ ا ما أراد وريث الدم أن يأخذ بالثأر يظل يبحث عن ذلك الشريف او ذلك الهِناي دون طائل فينجو القاتل الحقيقي من الثأر ويسلم من أذي ذلك الثعبان الذي يتربّص به . ويبدو ان خط مطار هيثرو أضحى كالثعبان الذي لا يترك ثأره مهما طال الزمن فقد روى السلف ان راعياً قتل ثعبانا أثناء تجواله في الخلاء وكان القتيل حين لقى حتفه على يد ذلك الراعي عريساً فظلت أنثاه (العروسة) تسعى خلف ذلك الراعي الذي ربما كان قد نسي ترديد تلك العبارة المعهودة قبل ان يقوم بجريمته او ربما قالها عقب ذلك بحيث لم تعد مجدية او ذات نفع.. ويبدو ان الراعي قد فطن إلي ذلك الخطأ من جانبه فكان شديد الحذر ..ينفض حذاءه قبل أن يلبسه وكذلك ملابسه قبل أن يرتديها ويتفحص المكان الذي يحل به جيدا قبل ان يحط رحاله ولعله في كثير من المرات لا يتردد وبصوت جهور في إلقاء اللوم على الذين يقتلون الأفاعي والثعابين قائلاً أنها مخلوقات وديعة وجميلة ولكن رغم كل تلك الإحتياطات وذلك النفاق لم ينج صاحبنا من كيد تلك الأنثى التي بعد ان باءت كل محاولاتها بالفشل حالفها النجاح بفكرة ثاقبة ألا وهي ان تباغت ذلك الراعي من حيث لا يحتسب وان تأتيه من خلال أحب الأشياء إليه فكان أن رأت مزماره مسنداً إلى أحد أركان بيته فلم تتردد في الإنزلاق عبره لتستقر بداخله في إنتظار الفرصة التي ظلت ترنو إليها منذ أمد طويل لتنفث سمها الزعاف داخل فم قاتل رفيق عمرها .

فها هو خط مطار هيثرو وبعد خمسة أعوام من إغتياله على يد من لايخاف مذمة من أحد ولا لعنة وطن ولا إنحطاط ذمة ولا سوء سمعة .. يعود ليكشف عن قاتله فيتحدى كل المحاولات التي قامت بها جهات عدة لطمس معالم الجريمة بتكميم الأفواه وتصفيد الأقلام وإنشاء ستار من العتمة يحول دون الوصول إلى الحقيقة فلم تثمر مجهودات لجنة البرلمان ولا مساعي كثير من اللجان الوزارية ذات العلاقة ولا أي من المسؤولين و الشخصيات التي ربما كانت تخشى أن تظهر آثار بصماتها على جسد الضحية او ان تصيبها شظية .. فالجريمة الآن أصبحت أكبر من أن يحجبها ستار او يخفيها رئيس او وزير فأهل الضحية جميعهم يقفون بالمرصاد لأي محاولات طمس للحقائق فخط هيثرو معلم لا يقل أهمية عن معالمنا و موروثاتنا الأخرى التي نسعى لصونها والمحافظة عليها لأنها جزء من تاريخنا تماماً كإهرامات البجراوية وكافة آثار ممالك النوبة القديمة فهو منحة للسودان من ملكة بريطانيا ومنذ العام 1947 وهو بالتالي يشكل إمتيازاً خاصاً لشركة كانت ذات شأن قبل حلول البلاء وهو خط إستراتيجي له دلالاته الإقتاصدية التي لا يستهان بها … آن الآن للحقيقة أن تظهر وأن نعرف المجرم الحقيقي ما إذا كان فلان او علاّن او كان ذلك الشريف او ذلك الهِنايْ !!.. فنحن في إنتظار أن نرى مصداقية الدولة او بالأحرى ما تبقّى من مصداقية الدولة !!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ههههههههههههههههه ها ها ها هههههههههه استغر الله……سيد محمود الحاج يا رائع…..رجعتنا للزمن الجميل ايام خط هيثرو والخطوط السودانيه رحم الله تلك الايام و رجم الله بالشهب والاحجار والطير الابابيل كل من تسبب في فقدنا الجلل………….سودان الكرامه…………

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..