مقالات سياسية

الزراعة يا مولانا

أوشك طريق الصادر الذي سيربط بارا بأم درمان على الاكتمال في مقبل الأيام بإذن الله تعالى. وجميل جداً أن يطلق على هذا الطريق الحيوي مسمى “طريق الصادر” تفاؤلاً وواقعاً؛ فإذا كان السودان هو “سلة غذاء العالم” كما يقال؛ فإن كردفان، وخاصة شمالها، يمكن أن تكون سلة غذاء السودان بلا منازع من حيث الموارد الطبيعية وتنوع المنتجات من بستانية مروية ومطرية وحيوانية تشمل الأنعام من غنم وإبل، والأيدي العاملة وجودة المنتج الذي لا يزال عضوياً، إذا توفرت معطيات محددة بشرياً وفنياً ولوجستياً. ولكن يا ترى إذا استمر وضع الزراعة والثروة الحيوانية، في ولايتنا الحبيبة، شمال كردفان، على ما هو عليه فماذا عسانا نصدر عبر هذا الطريق، هل سنصدر الرمال الذهبية التي يشقها طريق الصادر من مشارف بارا حتى قوز أبو ضلوع بالقرب من العاصمة القومية، أم سيكون لدينا فائض إنتاج فعلي يمكن أن ينافس في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية؟ التصدير يعني ببساطة زيادة الإنتاج وفق مواصفات معينة تؤهل السلعة المنتجة لكي تحظ بالقبول لدى المستهلك المستهدف داخلياً وخارجياً. ولقد نجحت ولاية شمال كردفان، عبر مشروع نفير النهضة، في تحقيق بعض طموحات أهل الولاية التي من ضمنها الطريق المشار إليه، ولكن هنالك ثمة أمور ينبغي الالتفات إليها على وجه السرعة وإعطائها الأولوية القصوى في سلم اهتمامات حكومة الولاية ومشاريعها التنموية. ونحن إذا لم نهتم بالزراعة، بشقيها النباتي والحيواني، ونوفر لها مدخلات الإنتاج ووسائل مكافحة الآفات والإشراف الزراعي والبيطري والتمويل اللازم والكادر البشري المؤهل علمياً وعملياً، ومواعين التخزين المناسبة ومنافذ التسويق فعن أي نهضة وتنمية نتحدث إذن؟ مبدئياً، هنالك دراسات وافية من شأنها أن تصلح لتكون منطلقاً لنهضة زراعية حقيقية تستهدف صغار المزارعين الذين هم بحاجة للدعم والمساعدة أكثر من المستثمرين في مشروع خور أبو حبل ومشروع نادك بالقرب من أم مندرابة؛ فهؤلاء ليسوا بحاجة لعون مادي أو فني حتى يحققوا أهدافهم، ولكن هنالك الغالبية من المزارعين الذين ظلوا يفلحون أرضهم منذ مئات السنين دون أن يتغير وضعهم؛ نظراً لانعدام من يمد لهم يد العون سوى البنك الزراعي الذي أوشك أن يدخلهم في غيابات السجون لولا استجابة حكومة الولاية التي وافقت على تسديد ما على هؤلاء المزارعين من التزامات للبنك. ونحن إذ نتحدث عن الزراعة نود من مولانا أحمد هارون شخصياً أن يرمي بثقله في هذا المجال ويولي الزراعة والثروة الحيوانية من اهتمامه مثلما فعل مع كثير من الأنشطة، ضمن نفير نهضة الولاية، حتى أصبح ذلك مصدر إعزاز وفخر لنا جميعاً. عموماً، هنالك الآن مبادرة تهدف إلى جعل شمال كردفان؛ خاصة منطقة الخيران وما شابهها من مناطق، وجهة للمنتجات العضوية ذات الجودة العالية التي يمكن أن تربط الإنسان بالأرض وتحقق له دخلاً معقولاً وترفد خزينة الولاية بقدر لا بأس به من العائدات، وتتمثل المبادرة في زراعة الخضروات والتوابل والحمضيات وإدخال الحيوان في الدورة الزراعية بحيث يستفيد المزارع من مخلفات الزراعة في تغذية الحيوان ويستفيد من روث البهائم في السماد العضوي حتى تكتمل منظومة الإنتاج العضوي تماماً. هذه المبادرة تهدف في المقام الأول إلى ربط المزارع بالأرض وتغيير الدورة الزراعية بحيث تشمل الحيوان حتى يزيد من دخل المواطن ويوفر له غذاءً متكاملاً يشمل الحليب ومشتقاته الأخرى من العناصر الضرورية. ونعتقد أن أهم خطوة يجب اتخاذها الآن هي إدخال أنواع جديدة من الخضروات والفواكه وسلالات محسنة وعالية الإنتاجية من الحيوانات. ولا يمكن أن يتحقق الهدف المنشود بدون إرادة سياسية من لدن حكومة الولاية وعلى رأسها مولانا أحمد هارون راعي نهضة الولاية وحادي ركبها! ومن جانب آخر يمكن تكوين جمعيات منتجين من المزارعين والرعاة وملاك الأراضي والتجار ويمكن كذلك تكوين شراكات مع هؤلاء حتى يتوفر الدعم اللازم للمزارع ومربي الماشية بطريقة لا ترهقه ولا تعرضه لأي نوع من المضايقات التي قد تضطره لفقد ما يملك من أرض أو قطيع. وولاية شمال كردفان لديها وزارة زراعة على رأسها الآن رجل مختص في مجاله هو المهندس النور عوض الكريم الذي نرجو منه أن يخرج رجاله من الظل إلى الحرور ومناطق الإنتاج ويزودهم بما أتيح لوزارته من وسائل نقل وآليات زراعية وأن يجعل اهتمامه ينصب على الصغار قبل الكبار؛ إن هو أراد أن يكون للزراعة مستقبل في هذه الولاية. ومن أجل تضافر الجهود، حتى يتحقق الهدف المنشود، نأمل أيضاً مشاركة اتحاد أصحاب العمل والمؤسسات المالية والبنوك العاملة في الولاية، التي نعلم أن لديها فائضاً هائلاً من الأموال، حتى يوفروا مدخلات الإنتاج من بذور ووقود ومواد لمكافحة الآفات بقروض ميسرة وضمانات بسيطة تضمن لهم حقوقهم وتساعد صغار المنتجين من مزارعين ورعاة على تحقيق الحد الأدنى من الدخل حتى تكون لدينا زيادة إنتاج فعلية تؤهلنا لتصدير منتج يمكن أن ينافس عالمياً. مولانا هارون، المزارعون والرعاة هم غالبية رعيتك، فكن عوناً لهم.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كلام طيب، فقد بحت أصواتنا ونحن نقول بأن النفير هو نهضة الإنتاج والمنتجين، فليترك أحمد هارون حكاية الهلال والكورة ومشاكلها ويشوف مشاكل ومعوقات التنمية الحقيقية، المهم في الأخبار يوم أمس تعيين محمد حامد سليمان الضو وزيرا للزراعة والثروة الحيوانية والتنمية الريفية وتعيين النور عوض الكريم محمد مفوضا للاستثمار.

  2. كلام طيب، فقد بحت أصواتنا ونحن نقول بأن النفير هو نهضة الإنتاج والمنتجين، فليترك أحمد هارون حكاية الهلال والكورة ومشاكلها ويشوف مشاكل ومعوقات التنمية الحقيقية، المهم في الأخبار يوم أمس تعيين محمد حامد سليمان الضو وزيرا للزراعة والثروة الحيوانية والتنمية الريفية وتعيين النور عوض الكريم محمد مفوضا للاستثمار.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..