مقالات وآراء

امتحانات لأبناء الأغنياء فقط : صرخة المعلم كمال محمد حسن

حسن عبد الرضي الشيخ

 

في زمن أصبحت فيه المعاناة هي القاعدة وليس الاستثناء ، يبرز صوت الأستاذ كمال محمد حسن ريس كصرخة مدوية تعري الواقع التعليمي المرير في السودان. بمقاله الجرئ “امتحانات لأبناء الأغنياء فقط”، يضع يده على الجرح النازف للتعليم والمعلمين ، كاشفًا عن التحديات الجسيمة التي تواجه ورثة الأنبياء ، في ظل سياسات لا ترحم ولا تبالي بأوضاع البلاد الكارثية. وكما أن التاريخ لا يرحم.

 

في تحليله العميق للوضع ، يؤكد الأستاذ كمال أن ما يحدث اليوم سيكون وصمة عار في سجلات التاريخ إذ وثّق بوضوح كيف حُرم المعلمون ظلمًا من رواتبهم لمدة سبعة عشر شهرًا إضافة إلى حرمانهم من المستحقات الأخرى مثل منح الأعياد ، البدلات ، فروقات الترقيات ، وفرق قيمة العملة. في الوقت ذاته ، أظهرت وزارة التعليم تهاونًا غير مسبوق في حقوق المعلمين، فبدلًا من توفير الحد الأدنى من مقومات العام الدراسي ، لجأت إلى فتح المدارس دون أي استعدادات ، معتمدة على مساهمات أولياء الأمور الذين يكافحون أصلًا من أجل البقاء.

 

إنها امتحانات لمن يملك المال فقط ، كما يوكد الاستاذ كمال فيركز على كارثة فرض رسوم امتحانات الشهادة السودانية ، والتي أصبحت ترفًا لا يستطيع تحمله إلا أبناء الأغنياء. فقد بلغت هذه الرسوم التعجيزية ١٢٠ ألف جنيه في ولاية الخرطوم المنكوبة ، دون أي استثناء للأيتام ، أبناء المعلمين أو حتى أبناء شهداء معركة الكرامة. هذا القرار غير الإنساني ألقى بتلاميذ السودان في حالة صدمة وإحباط تام ، خاصة أن معظم أولياء الأمور فقدوا منازلهم وممتلكاتهم ويعيشون أوضاعًا مأساوية بسبب الحرب.

 

ويا لها من قرارات ظالمة تقود إلى انهيار التعليم. فمن الطبيعي أن تؤدي هذه القرارات الجائرة إلى فشل العام الدراسي في الخرطوم ، حيث لا يزال المعلمون خارج الولاية وخارج السودان غير قادرين على العودة بسبب ظروفهم المادية والنفسية القاسية. والمدارس تعاني نقصًا حادًا في المعلمين ، الإجلاس ، والكتب ، فيما تكتظ كثير منها بالنازحين الذين شُرّدوا من ديارهم. والأخطر من ذلك ، أن الامتحانات القادمة تواجه خطر الفشل بسبب عجز معظم التلاميذ عن دفع الرسوم المطلوبة.

 

ما كتبه كمال يمثل النداء الأخير فهل من مجيب؟ إن ما كتبه الأستاذ كمال ليس مجرد رصد لواقع مؤلم ، بل هو نداء استغاثة يحمل بين سطوره اقتراحات عملية ، لكن وكما قال : “لا حياة لمن تنادي”. إن الدولة التي تتخلى عن معلميها ، وتُجبر تلاميذها على الاختيار بين التعليم والفقر ، تكتب بيدها شهادة وفاة مستقبلها.

 

لله درك أيها الباسل! أخي الأستاذ كمال محمد حسن ، أنت الصوت الذي لا يخاف ، والقلم الذي لا ينكسر. تكتب من أرض الحدث بجرأة نادرة ، تضع الحقائق كما هي دون تجميل أو تزييف، وتدافع عن قضايا التعليم والمعلمين بشجاعة تُحسب لك في زمن بات فيه الصمت سيد الموقف.

 

حسبنا الله ونعم الوكيل ، وعسى أن يأتي يوم يُسمع فيه هذا النداء.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..