مقالات سياسية

مليونية رد الجميل لشرفاء الجيش

يوسف السندي

لم تكن المؤسسة العسكرية في حاجة إلى العناد وركوب الراس في مواجهة الشعب الذي رفض الإحالة للصالح العام في حق من حموا الثورة والثوار ، انحياز هؤلاء الضباط صغار السن ومن معهم من الجنود وضباط الصف للمعتصمين في ابريل كان هو التعبير المشرف للجيش والذي تأخر كثيرا جدا بعد أن سألت أنهر الدم وامتلأت السجون بالمعتقلات والمعتقلين وتحول السودان باكمله إلى زنزانة وبيت عزاء .
الثورة تعرف ابناءها وتعرف من وقف بجانبها ولن تنساه ، والجماهير لن تقبل في ظل انتصارها الثوري ان يتعرض الشرفاء إلى الفصل والتشريد بيد حكومة الثورة ، وهذا معلوم من الثورة بالضرورة فلماذا ارتكبت لجنة شئون الضباط هذا الفعل ؟! وحتى بعد أن اتخذت قرارها وصدر تصريح بعودة الامور الى نصابها من عضو مجلس السيادة محمد الفكي لماذا سارع الناطق الرسمي باسم الجيش للتصريح بأن عودة محمد صديق غير واردة وكأنه أراد مصادمة عضو مجلس السيادة ؟! مع العلم بأن الاستاذ محمد الفكي بنص الوثيقة الدستوريه من موقعه في المجلس السيادي يمثل القيادة العليا للجيش وتصريحاته اوامر لكل الضباط ماعدا زملاؤه في المجلس السيادي من العسكريين ، وليت الناطق الرسمي اكتفى بالتصريح بل عاد وأصدر بيانا رسميا عدد فيه المخالفات التي أدت إلى إحالة الملازم أول محمد صديق إلى الصالح العام ، وكأنه يصر على تحدي تصريح عضو المجلس السيادي وعضو القيادة العليا للجيش !! وهو تصرف لا يمكن تبريره بحماية لوائح الجيش ، فلوائح الوثيقة الدستورية أكبر وحاكمة على ما سواها.
ليس من مصلحة الوضع الانتقالي تعمد تفجير مثل هذه القنابل التي يعلم مطلقوها سلفا انها لن تكون محل ترحاب من الشارع ، كما أنه من غير اللائق في حق مجلس السيادة ان يصدر تصريح لعضو المجلس السيادي محمد الفكي فيتم الرد عليه من الناطق الرسمي للجيش بدل ان تعالج القضية داخل مجلس السيادة ويخرج فيها تصريح رسمي موحد يحسم الجدل الدائر عن موقف المجلس السيادي من هذه القضية .
قضية الضباط الذين حموا الثورة ليست قضية لوائح وإنما قضية شرف ، الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءا للوطن والثورة لا يسأل احد عن ماضيهم ولا يحاسبهم احد بما سلف ، فهم قد دفعوا الضريبة الأعظم وقدموا اغلى ما يملكه الإنسان فداءا للوطن والثورة ولذلك أصبحوا فوق النقد وفوق المحاسبة وحجزوا مكانهم في تاريخ الشرف والكرامة والوطنية ، وهذا ينطبق على الملازم محمد صديق فهو حين خالف التعليمات ووقف لحماية الثوار كان يعلم أن ثمن هذا الموقف قد يكون رأسه اذا لم تنتصر الثورة ، ولكنه لم يبالي ، لذلك لا يبالي الشعب اليوم بما ارتكب محمد صديق قبل موقفه هذا ، فإن موقفه هذا في عقيدة الشعب قد جب ما قبله .
القوات المسلحة ليست في حاجة لمزيد من الصراع مع الجماهير ، فهي مازالت في نظر الكثيرين مقصرة وخاصة بعد مذبحة فض الاعتصام التي وقعت على بوابة قيادة الجيش، ورغم ان الجماهير أظهرت تقبلا للجيش في الفترة الماضية الا ان بعض القرارات الغريبة تشعرك كانما هناك أيدي خفية تلعب بهذا الملف وتريد أن تضرب الشعب بالجيش في كل مرة ، وكأنها تهدف لشيء واحد فقط وهو انفجار المشهد كله وغلبة الفوضى .
تعرض مليونية رد الجميل لشرفاء القوات المسلحة اليوم لاي اعتداء أمني او عسكري سيكون بمثابة صب النار على الزيت وقد يحرق كثيرا من حسن الظن الذي بدأ ينمو في الشعب تجاه المؤسسة العسكرية ، وقد يقود مباشرة إلى ضغط شعبي بلا هوادة لإشراك المؤسسات المدنية في عملية هيكلة وإصلاح المؤسسة العسكرية وهي خطوة بلا شك سوف تزلزل اقدام الكثيرين من الذين ظنوا أن حصون الزي العسكري مانعتهم من غضب الشعب الجبار .
يوسف السندي

تعليق واحد

  1. يا دكتور … حسب قراءاتي المتواضعة :
    البرهان في طريقه الاسبوع القادم لامريكا ….. عليه ان ينفذ ما تمليه عليه الادارة الامريكية ..
    فهو الان اعفى العسكريين لخطة ليس من فراغ ….
    الساحة تمور باحداث يومية البعض يراها عادية وأنا قلبي على وطني لذا اراقب كل حركة وكل خبر عن كثب حيث إن سينايوهات القفز على السلطة من قبل العسكر واحتمالات وقوعها الكل مترقبه والساحة الساسية تعج بالاحداث هناك صراع وعدم انسجام واضح والسبب الايادي الخارجية التي لا تريد للسودان خير ولا استقرار …
    ما يفعله حميدتي وكنزه للذهب ورهن سيادة السودان للخارج وتسلقه عبر مؤسسة الجيش العريقة واضحة ولا تحتاج الى تبيان … لكنه موهوم ومخدوع… لكل ظالم نهاية …
    ما قراته من قرار .. اعفاء بعض الضباط للمعاش وخصوصا اولئك الذين وقفوا مع الثورة والثوار … عبارة عن جس نبض لحركة الشارع .. وما حدث اليوم في الشارع يوضح بجلاء لكل المتربصين ببلادنا الحبيبة وهم يصبون الزيت على النار بين فترة وفترة واشعال نيران الفرقة بين المدنيين والعسكر …
    إن ما حدث اليوم يثبت ان الشارع ما زال نبضه حياً ووقت التغيير لم يحن بعد ليس الان … والحراك له تاثير كبير على المستوى المحلي والدولي …. لذا فالانقضاض عليه لم يحن بعد ….
    واخرس اولئك الذين يحلمون باللحظة المناسبة ….لخيانة الوطن..
    لكنهم واهمون ومهومون ومهووسون بالسلطة … لا اكثر …وجبناء وخونه…واياديهم ملطخة بدماء الشعب…
    عليه أقول إن هذا الجيل جيل مختلف جدا وواعي جدا ليس كباقي الاجيال الذين رهنوا افكارهم للاحزاب القديمة الخربة …
    ما يحدث إن البرهان يجس النبض للشارع والشارع عنيد والثوار ابطال… وما حدث اليوم من مظاهرات (البرهان وسخان) لا للدعم السريع فقط جيش السودان يوضح .. لاصحاب السياسية الخبيثة ان هذا الجيل جيل مختلف … ففي مرة تقل فرصة القفز على الحكومة …
    ما ينادي به الثوار ( الجوع ولا الكيزان) … ينطبق ايضا إن حدث مستقبلا حال البرهان نط في السلطة لوحده .. (الجوع ولا العسكر) .. سوف يحصل صدام دامي وحامي الوطيس وسوف يخرج لنا ابطال جدد في المؤسسة العسكرية …
    مع كل ما ذكرت اؤمن وكلي امل أن القادم افضل وفرص السودان اكبر للخروج من عنق الزجاجة …
    نعم هناك غلاء ودولة عميقة ما زالت جذورها واثار تخريبها لمفاصل الدولة باقي …
    إلا انه افضل لنا مليون مرة حياة بكرامة بدل ان نبيع وطننا ونرهنه للخارج ……
    السودان بلد غني … ما يعطله العسكر وهذه حقيقة … يجب ان نقولها الان …
    العسكر كل مرة يحاولون تكبيل يد الحكومة التنفيذية .. لكنهم يقعون في صداع مع الشارع ..
    وبكرة القريبة دي بنعرف منو القلبو على وطنو ومن الخائن .. والايام بيننا …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..