تعددت التكتلات السياسية المعارضة والأزمة تراوح مكانها..قوى المستقبل للتغيير نموذجاً

بسم الله الرحمن الرحيم..

مازالت الأزمات السودانية بكل صورها وأشكالها تراوح مكانها حيث لا حلول تلوح فى الأفق. ففي الوقت الذي مازال فيه نظام الخرطوم يدفن رأسه في الرمال ولا يرى بديلاً في حكم السودان إلآ هو ، نجد المعارضة السودانية تتخبط يمينا وشمالا وتهرب إلى الأمام من خلال انشاء تكتلات جديدة بدعوى تغيير النظام القائم رغم اننا رأينا من قبل تكتل قوى الإجماع الوطني ، ثم الفجر الجديد ونداء السودان ، لكننا لم نرى حلولا تخرج السودان من أزماته المستمرة.
يوم الثلاثاء 23 فبراير 2016 ، تبنى ائتلاف سياسي معارض في السودان تحت مسمى ( قوى المستقبل للتغيير) ويضم 41 حزباً ، خيار الانتفاضة الجماهيرية لتغيير النظام ، الأمر الذي يجعل المرء يتساءل ويعتصره الألم والحيرة.. ما جدوى هذا التكتل الجديد لطالما سبقته تكتلات مشابهة لكنها لم تضيف شيئا جديدا -أي لم تستطع جميعها اسقاط النظام أو على الأقل اجباره على تغيير مواقفه المتعنتة المتصلبة تجاه كافة المشاكل؟.
هذا الجسم الجديد لم يكن الأخير في حياة الأحزاب السياسية المستهبلة التي تسمي نفسها بالمعارضة كما ذكرت في الأعلى ، بل ستولد أجسام جديدة من رحم نفس الأحزاب التي تكتلت اليوم… ولكن على أي حال لم يكن بمقدورها تغيير شيئ ما ، لضيق رؤيتها الوطنية لتتخذ من هذه التكتلات والإئتلافات السياسية العبثية ستاراً لها للهروب إلى الأمام كلما وجدت نفسها أمام زهجة وململة شعبية جماهيرية ، وذلك لدغدغة عواطف ومشاعر الناس وامتصاص غضبهم.
السودانيون إذا انتظروا المعارضة الحالية بشقيها السلمي والمسلح أن تنتصر لهم بتغيير النظام الحالي ، فإنهم سينتظرون طويلاً وربما للأبد ، ذلك أن جهاز أمن عمر البشير قد تمكن منها من خلال شراء ذمتها بالأموال العامة حتى قِيل والعياذ بالله من قِيل وقال ان رؤساء تلك الأحزاب المعارضة ، يعتبرون اليوم من أغنى أغنياء السودان مما يعني انهم فعلا مستفيدون من بقاء الوضع كما هو وأن يوم سقوط النظام سيكون يوماً أسوداً لهم جميعاً.
في هبة سبتمبر 2013 الشعبية التي راح ضحيتها أكثر من 300 مواطن سوداني أعزل معظمهم من طلبة الجامعات والمدارس ، كانت الجماهير الشعبية جاهزة ان تقودها تلك الأحزاب السياسية المعارضة نحو اسقاط النظام ، لكن آمالها خابت لتواجه وحدها القتل والتعذيب والتنكيل والسجن ، ليس هذا وحسب ، بل ان رؤساء هذه الأحزاب اتهموا المتظاهرين بممارسة البلطجة وتخريب ممتلكات الدولة وغيرها من التُهم المجانية.
وفي الفترة ما بعد اعلان عمر البشير الحرب على جبال النوبة والنيل الأزرق ، وهي الفترة الممتدة من يونيو 2011 حتى 2014 ، قدمت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبر جيشها الشعبي الضغط العسكري والإنتصارات الميدانية ضد النظام ، لتقوم المعارضة غير المسلحة من جانبها بقيادة التظاهرات والإنتفاضة الشعبية والعصيان المدني ، إلآ ان هذه المعارضة كانت حريصة جدا ان لا يخرج أي سوداني إلى الشارع ، لأن ذلك يعني نهاية النظام الذي لا تريد هي ذهابها.. فما الجديد حتى تخرج علينا بهذا الجسم الهلامي المسمى بــ( قوى المستقبل للتغيير)…مستقبل شنو وتغيير شنو؟.
ولطالما هذا هو حال المعارضة السودانية اليوم ، فهي إذن بعيدة كل البعد عن مطالب الجماهير المتشوقة للتغيير ، بل هي مجرد ضجيج بلا طحين ، وأصوات زاعقة بلا سواعد فاعلة ولا تصلح بالأساس لتبني خطاب معارض ، الشيء الذي جعل النظام لا يلتفت إليها ، بل إنها متورطة مع النظام القائم في كثير من الملفات الخطيرة الغامضة ، وهي إذن بهذا المعنى تدعم المنطق الاستبدادي للنظام ، وعامل دفع لإستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. ويبدو أن أقصى طموحاتها هي تحقيق مصالحها الشخصية وليس تحقيق مطامح الناس وآمالهم في التغيير ومستقبل سياسي ديمقراطي.
نعم ، المعارضة بمختلف أطيافها تدور في نفس الحلقة التي يدور فيها النظام ، وتأبى أن تغادر تلك الحلقة المرسوم لها لأنها تعاني أصلا من اختلالات هيكلية واضحة تضعف من بنيتها وتجعلها مجرد ديكور غير باهي للسلطة ، ولتأتلف وتتكتل كما تشاء كونها لم تفكر يوماً ما العمل كتحالف قوي موحد جدي لصالح الجماهير نتيجة لتضارب مصالحها واتساع رقعة عدم الثقة بينها ، وأنها لمسألة وقت فقط ، أيها القراء الكرام حتى ينفك ويتطاير الإئتلاف أو التحالف الجديد الذي ينادي بالتغيير والخاسر الأكبر من هذه اللعبة السياسية القذرة هم بسطاء السودان.
والسلام عليكم..
ABDULGHANI B NIMMIR

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..