الاتفاق الإطاري ومحك العدالة

من الآخر
أسماء جمعة
قبل يومين، تم التوقيع على الاتفاق الإطاري بين العسكريين وعدد من القوى السياسية، وقد نص على بداية مرحلة انتقالية جديدة بقيادة مدنيين لمدة عامين، تجري بعدها الانتخابات. وهو- الاتفاق الإطاري- ليس تسوية كما يسميه البعض، بل مجرد خطوط عريضة تحتاج إلى الكثير من النقاش لتصبح اتفاقاً يمكن للناس الاعتراض عليه أو القبول به أو التحفظ عليه.
المهم في الأمر أن هذا الاتفاق من المتوقع ألا يكتمل، وأن يتسبب العسكر في إيقافه في حال مضت الأمور بغير ما يشتهون، ليخرجوا علينا بحجة جديدة، وتبدأ أزمة أخرى. فكل تركيزهم الآن منصب في كسب أطول زمن ممكن، لأنهن يعتقدون أنه لا يوجد حل لمشكلتهم إلا في استهلاك الزمن.
احتوى الاتفاق الإطاري على بعض المبادئ الإيجابية، إلا أنه أيضاً لم يتسم بالشمول، فهناك قضايا لم يذكرها. ولكن بغض النظر عن أي شيء، يعتبر خطوة سياسية مهمة يجب أن تستفيد منها القوى المدنية بجميع أشكالها لمحاصرة العسكر، فهي الآن في موقف أفضل من الفترة السابقة. ورغم ذلك نقول: يظل الخوف من الوقوع في نفس الخطأ الذي حدث بعد سقوط المخلوع قائماً.
فبالرغم من أن القوى المدنية كانت في موقف قوي يجعلها تفرض نفسها وتشكل حكومة ثورة دون تفاوض، إلا أنها منحت العسكر فرصة لم يحلموا بها، وليست من حقهم، إذ إنها تفاوضت معهم وتوصلوا إلى اتفاقية هزيلة سرعان ما انقلبوا عليها.

يتكون الاتفاق من (5) بنود أساسية، أعتقد أن الجميع اطلع عليها. تحدثت عن: مدنية الدولة، وخروج العسكر من السياسة وهياكل السلطة، وإصلاح الأجهزة النظامية والأمنية والعدلية، والاقتصاد، والعدالة التي تعتبر أهم البنود والعقدة الأساسية، وإن حدث أي خلاف فسيكون بسببها هي فقط. فالعسكر لديهم حساسية مفرطة منها، ويرغبون في أن تتجاوزهم بأي طريقة، ليدخلوا التفاوض بهدف إيجاد مخرج من المحاسبة، ودون أن يقدموا اعترافاً أو اعتذاراً.
لكل ذلك، على القوى السياسة أن توضح لهم قبل الدخول في تفاوض، ألا مجال للإفلات من المساءلة، ويجب أن يكون هذا شرطاً لبداية التفاوض، وإلا فلا يوجد داع للتفاوض حتى لا تتكرر المشكلة. فالبرهان لم ينقلب على الفترة الانتقالية إلا حين شعر أن الشعب مهتم جداً بأمر المحاسبة وتطبيق العدالة وإصلاح مؤسساتها. وبدلاً من أن يقبل بها، لجأ إلى خطأ أكبر لم ينفعه.
حقيقة، إن لم تبدأ العدالة بهم أولاً، فلا أمل في إيجاد حل شامل إلا بإسقاطهم كما سقط المخلوع وزمرته. فهم قادة الظلم، يجب أن يعترفوا بما اغترفوا، ويعتذروا ليفتحوا الطريق أمام العدالة الانتقالية. ويجب ألا تمنحهم القوى السياسية الإحساس بأن العدالة لن تشملهم، خاصة أنها أصبحت في موقع قوي، ويجب أن تستغل هذه الفرصة بشكل جيد، وتتعظ من أخطاء الماضي. وليظل الشارع ثائراً كما هو حتى ينصاع العسكر لمطالبه ويغادرة المشهد بالتي هي أحسن، أو السقوط ومغادرته بالتي هي أسوأ.
ي سلام تحليل وقراءة منطقية للواقع الراهن يسلم قلمك ي استاذة صفاء