من لم تسقطه الثورات ــ قد تسقطه الانهيارات الاقتصادية

في ظل الربيع الهادف إلى التغيير والذى انتظم كثير من السوح إقليميا ودوليا سواء ‏أكان ناعما عبر التداول السلمى للسلطة في بعض المواضع ؛ إلا أنه في مواضع ‏أخرى أخذ الربيع طابعا أكثر من كونه خشنا أي عبر ثورات التغيير التي هبت بعنفوانها ‏هنا و هناك راسمة بذلك لوحة راسخة من البطولات الشعبية التي أبت الذل والهوان ‏والانصياع لأنظمة الظلم والفساد . وعلى خلاف هذا المنحى الأخير قد لا تسقط هذه ‏الأنظمة الحكومية الفاسدة بالثورات وإنما يكون جدير وقدير بأسقاطها بدل الثورات ‏الانهيارات الاقتصادية العاتية . ‏
بشأن حكومة السودان تجئ هنا كإحدى الأنظمة الحكومية الظالمة لشعبها والأكثر ‏فسادا عالميا .. والشاهد على ذلك : قالت منظمة الشفافية الدولية في تقاريرها السنوية ‏حول مؤشرات الفساد ما مفاده : (إن السودان ظل يسجل تراجعا باتجاه تفاقم نقاط ‏الفساد “المسجلة “كل عام تلو الآخر بما جعله متصدرا قوائم الفساد عالميا ) وهو ‏ما يفيد دليلا بصورة مذهلة على ارتفاع معدلات الفساد بالسودان .‏
إن الرئيس البشير هدف إلى خلق ثقافة الخوف شكلا أي دون ضمان تغيير على نحو ‏مستدام من خلال اتخاذ تدابير معتبرة تجدى نفعا مثل الميزانية الهادفة والأكثر شفافية ‏وسائر الأمور مثل استقلالية القضاء (إذا أردت أن تكون هناك ثمة مساءلة حقيقية ؛ ‏فإن الجميع سيما “النافذين ” بما فيهم البشير يجب أن يكونوا مساءلين والحالة هذه ‏‏) .وعليه كيف يتم التأكد من أن البشير لا يسئ استخدام سلطته بينما يحاول الإبقاء ‏على حاشيته وعشيرته الأقربين تحت السيطرة متحصنين بمنأى عن أي مجرد محاسبة ‏ولئن كانوا يعيثون فسادا .!!. وهنا يثار تساءل إلى أين تسير سفينة البشير ؟!!. وفى ‏ظل الإصلاحات التي أبداها بشأن الأزمات الأخيرة .. فيا ترى ماذا يريد البشير أن ‏يكون : (مغامر متهور أم إصلاحي جسور) فيما يتعلق بإبعاد الحرس القديم وتكوين ‏مفوضية لمكافحة الفساد والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه محاولة ‏الاقتراب من مقعد السلطة حاشدا قواه في كل مكان وعلى مشارف ضاحية الصالحة ‏بأم درمان قوات الدعم السريع مرابطة بحسبان : (متناسيا السيد الرئيس البشير بهذا ‏المسلك أن هناك ثمة عوامل أخرى هي أجدر وأقدر من الثورات في تغيير أنظمة الحكم ‏وهذه العوامل مثل الانهيارات الاقتصادية التي لا يستطيع حتى الدعم السريع التصدي ‏لها أو كبح جماحها ) .‏
في سياق آخر متصل يتجه البشير زاعما إلى (محاربة الفساد وحماية لمستقبل الدولة ‏‏.. وأيما دولة ..! دولة الإنقاذ ..؟!.) وإنفاذا لذلك يرمى البشير إلى إنشاء هيئة ‏مكافحة فساد وهو إذ يؤسس بذلك للنسخة التالية للإنقاذ بكل استحقاقاتها السياسية ‏وسائر التمكين الاقتصادي . ‏
في خضم ذلك كله .. وقد استشرى الفساد في كل مفاصل الدولة .. فهل يعد من ‏الإمكان بمكان (استنساخ ” انحدار” إنقاذ أخرى من جسد “من رحم معاناة الشعب ‏السوداني “) ..لا أعتقد ذلك قطعا .‏
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..