إعلان حالة طوارىء!ا

تراســـيم..

إعلان حالة طوارىء!!

عبد الباقي الظافر

الطبيب السوداني الشاب كان يسير في شارع واحد الذي يشق المدينة الأمريكية .. من حين لآخر كان يداعب طفله الصغير ياسر الذي يبلغ من العمر ست سنوات يسأله عن انطباعاته عن البلدة الجديدة التي اتخذوها وطنا.. ثمّ يمضى خياله بعيدا ليقارن بين هذه المدينة ورياض السعودية التي تركوها من خلفهم بعد اغتراب دام سنوات طوال. فجأة وبدون سابق انذار تصمت ماكينة العربة عن الهدير.. العربات تسرع الخطى في طريق مخصص للمرور السريع.. ساعة الذروة في ظلام دامس يجعل كل سيناريو متوقع.. الأب الحنون أسقط في يده.. كان عليه أن يختار بين العربة والصغير.. مضى إلى أقرب شجرة ظليلة.. جعل ابنه تحتها بعد أن أوصاه ألا يتحرك.. وعاد يترجى العربة أن تخرج على أقل تقدير من مسار الخطر. بعد أقل من خمس دقائق لمح عربتي شرطة تتوقفان ناحية ابنه.. و(خواجية) بدينة تندفع لتحضن صغيره..هرع الإب إلى مسرح الأحداث .. يصرخ في الجميع هذا ابني.. والطفل الصغير يبكي ويطلب إعادته إلى حضن أبيه. الأب الحنون يحرم من مصاحبة ابنه فى ذات السيارة.. ويمضي الجميع إلى قسم الشرطة.. السلطات تتهم الأب بتعريض حياة طفل صغير للخطر.. والرجل يحاول أن يقنع الحكومة أنه حاول تجنيبه الخطر.. بعد الاقتناع بحسن النوايا.. والأخذ في الاعتبار أنّ الطبيب قادم جديد للأراضي الأمريكية.. كتب الوالد تعهدا بحسن رعاية أسرته. لم ينته الأمر عند هذا الحد.. وكتب على هذه الأسرة أن تستقبل ضيفاً من شعبة حماية الأطفال كل حين.. لم تنقطع هذه الزيارات الفجائية حتى اطمأنت السلطات أنّ ذلك الحادث كان عرضياً.. وأن هذه الأسرة تحسن معاملة بنيها. أسرة تتصل على زميلنا الصحفي التاج عثمان.. تخبره أن أسرة ما في أمدرمان تحبس ابنيها لمدة ثلاثة عشر عاماً.. والصحفي النابه يجد متسعاً من الوقت ليزور موقع الحدث.. ويتصل بالشرطة التي تزور الموقع زيارة استكشافية. في اليوم التالي يتجمّع موكب كبير يقوده المعتمد شخصياً ويضم كبار قادة الشرطة.. تصحبه كاميرات الصحافة.. يقتحمون البيت.. يكتفون بالبكاء على الأطلال.. ثمّ يخرجون على أمل الطلة بعد يوم طوله أربع وعشرين ساعة.. الصحفي يجتهد ويطلب من الجنرالات توفير حماية خارجية للمنزل عسى أن تحاول الأم تهريب الأبناء المعتقلين. الآن منذ أن علمت السلطات بالحادثة وحتى تشرع الشرطة في خطوات الإنقاذ الفعلي ستمضي نحو ثماني وأربعين ساعة.. سيدة غير مستقرة ذهنياً تقول للشرطة إنها بصدد معالجة أبنائها في الصين.. يترك تحت مسئوليتها شابان مختلان عقلياً لمدة يومين إضافيين. السؤال متى تعلن السلطات حالة الطوارىء بأعجل ماتيسر.. لن يحدث ذلك أبدا إن لم يقترب العدو من الإذاعة لإعلان البيان رقم واحد نحن الآن في أمس الحاجة لمعادلة تضع إنسان السودان أولاً.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..