أول موكب مركزي!!

الصباح الجديد
أشرف عبدالعزيز
اليوم تتجدد ذكرى أول موكب احتجاج مركزي بالخرطوم والذي كان من العلامات الفارقة والحاسمة في تاريخ الشعب السوداني المناضل ..في مثل هذا اليوم 26 ديسمبر 2018 وصلت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام إلى أعلى مراحلها صعوداً سواء من خلال التظاهرات الليلية في العاصمة أوانتفاضة المدن وانضمام المهنيين والإضرابات العامة من قبل الأطباء والمعلمين.
كذلك تنوعت تكتيكات الثوار في احياء العاصمة ووسطها وفي الولايات بصورة أربكت الاجهزة الامنية وخلقت فارقاً كبيراً نقل المبادرة لخانة الثورة بصورة ملحوظة ودفعت النظام لزاوية الاجهزة الامنية.
وفي المقابل بدأت بوادر عديدة لتصدع النظام وأجهزته وتكتيكاته الدفاعية إذ ظهرت بوادر انحياز بعض ضباط القوات المسلحة للمتظاهرين واحجام عدد كبير من قوات الشرطة عن ضربهم مما قاد إلى اضطرار عناصر الأمن الشعبي والأمن الطلابي وغيرهم للنزول إلى الشوارع واستخدام الرصاص الحي في محاولة لاستعادة السيطرة مهما كلف الثمن.
من جانبه (يومها) وجه قائد الدعم السريع حميدتي اتهامات جديدة لقادة النظام، وأشار مجددا لبراءة قواته من قتل المتظاهرين أو اشتراكهم في قمعها..غير أن هذه التصريحات الايجابية دفنت يوم فض اعتصام القيادة العامة الدموي.
وفي ظل التخبط السياسي للنظام ، وجه قادته بما فيهم الرئيس (المخلوع) البشير اتهاماً لاسرائيل وجهات أجنبية أخرى وحركات مسلحة وأحزاب معارضة بالتواطؤ، الأمر الذي سخرت منه تل أبيب نفسها، كما سخرت منه القوى السياسية مشيرة إلى اتجاه الخرطوم نفسها إلى التطبيع مع اسرائيل مؤخرا في محاولة يائسة لفك عزلتها الدولية وانهيارها الاقتصادي.
ما أشبه الليلة بالبارحة بل الليلة أقبح بكثير منها فالانقلاب عطل كل محاولات الاصلاح الاقتصادي وعاد السودان رجل أفريقيا المريض مرة أخرى وتعطلت فيه كل القطاعات الانتاجية وأصبح الغلاء والكساد متلازمتين وعنوان لوزارة جبريل ، فضلاً عن التعامل الفظ والعار والقمع الوحشي الذي تمارسه القوات الانقلابية ضد المتظاهرين السلميين والذي يسقط جرائه كل يوم شهيد.
من الواضح أن الثورة خلقت وعياً وسط الشباب عالي جداً بقضايا الوطن وهذا الوعي يمثل نجاح الثورة وأولى العتبات لسودان ديمقراطي ومدني حر وإن كل هناك ما ينبغي الاشارة إليه هو أن رضوخ العسكر وقبولهم بالاتفاق الاطاري يعود لضغوط هؤلاء الثوار.
لأول مرة في تأريخ السودان هناك من يخرج ويقول بملء الفن آن الآوان ليعود العسكر للثكنات فهذا الشعار لأول مرة يطلق بهذه القوة وهذا الإصرار ويحقق مطلقوه الانتصار تلو الانتصار فالجيش السوداني استلم السلطة أكثر من مرة تارة منقلبا على الأحزاب وتارة أخرى يستغلها ويعود منقلبا عليها وينكل بقادتها كما فعل النميري بالشيوعيين والبشير بالترابي وقبلهم عبود بعبد الله بك خليل فحتى هو كان مكانه الرجاف ودائماً يكون نتاج التحالفات بين الجيش والمدنيين هو أن ينال المدنيين جزاء مثل (جزاء سنمار).
اليوم تتجدد ذكرى أول موكب مركزي والمجد والخلود للثوار وكامل الشفاء للجرحى والعودة للمفقودين.
الجريدة
والله الناس بقت تقول يا ريت الشعب في ذلك اليوم قبل على الحيطة ونام حتى لا ينجب الجوع والبؤس والفقر وضيق الحال وانهيار كل مقدرات الأمة.
الحقيقة المريرة:
كان ذلك اليوم يوما مشؤوما دفعنا بعده مئات بل الاف الأروح الارواح الغالية لنعود الاف السنوات للواراء!