إلى مَحجـوْب شـريْـف

إلى مَحجـوْب شـريْـف..
شعر: كامل عبدالماجد
هَل غادرَ الشّـعراءُ قبْـلي
مِن قـوافٍ أو مَقــالْ
لأقـول شعراً في وَداعِــكَ
يا حبيـْبَ الشّعـبِ يا دَمِـثَ الخِصـالْ
والشـعرُ بَعـدكَ هَل تليـنَ قنـاتهُ
يَـوْماً لغيـرِكَ كَـي يُقــالْ
عامـانِ قبـلَ رَحيْلـكَ الأبَـديّ
مّرّا بيـنَ ظعـنٍ وارتحـالْ
عامـان تَحجبـكَ المَشـافي النّائيـاتِ
فلا سـبيل إلـى وِصـالْ
يَتسَـقّط الأخبـارَ عنـكَ النـاسُ أفواجـاً
وَيسـأل عنكَ مَوطِنـك الذي أحببـتْ
حباً لا يُدانــى أو يُطالْ
وَطنٌ تُحاصِـرهُ وَتدمـي رَكْبـَهُ
المِحَـنُ الثِقـالْ
القَـوْمُ أجفـلَ جُلّهُـم صَـوْبَ المَنافـي
بَعـدَ انْ أفلـتْ كواكبُـهُ
وأفرَخَ في حـدائقِــه القِتــالْ
وَمكَثـتَ كالطّـوْدِ الأشـمِّ تَـزوْدَ عَنْـهُ
وَهـوَ يَمْضِي مُســرعاً
نَحـوَ التمزّقِ والتشَـظّي والزّوالْ
عامَـان كُنـْتَ تعـوْدَ مَـراتٍ
لتفـْرِدَ مَـرَّةَ أخرَى جَنـاحَـكَ للرّحالْ
وَأراك بيْنَ الحِـلِّ والتِّـرحَـال لـكِن
بعدَ أنْ عَظُــمَ العيـَـاء
وَدَبّ في الجَسَـدِ الهُــزالْ
زمَنٌ وأنتَ تُصـارع السّـقمَ العُضَـالْ
سَــقَمٌ توَطّن فيـْـكَ
وَشـقّ صَدْرَكَ مِن نِحـوْلٍ وَاعتِـلالْ
سَـقمٌ تَصُـدَّ جيـوْشَــهُ قهْــراً
وَيُرهِقـكَ النِـزالْ
سَــقمٌ تُقارِعَ نَصلهُ
تتكسر الأرماح رمحاً بعدَ رُمْحٍ فيْــكَ دامية
وَتنغَـرِزَ النِبالْ
وَلأنتَ أمضَى ما تكوْن صَلابةً
ولأنتَ أكثرَ مَا تكوْن جسَــارة وَهًـدؤَ بالْ
وَكأنَّ شــيئاً لم يَكُنْ
تمْضِي بعزْمِـكَ ذلـكَ المَشهوْد
لا جزعٌ يُصيْبكَ لا تبرُّمُ لا مَلالْ
والشِّـعر يَمضِي وَالحياةُ كـدأبـِها
والأنسُ والتّـرحَابُ بالزوّارِ يَمْضِي
تَحـتَ أوعيـة التنفّـس
والأنابيـب الطّوالْ
مَا زلتُ أذكـر كيـفَ كانَ لقـاؤنـا
في ذلك الزَّمَن المُوشّـح بالجَمَالْ
شعراءَ… أنــتَ دليلنـا
والعودُ غَضٌ وَالمَشاعِر مُفعَـمـات بالخيــالْ
وبلادنــا في السِّلم ترفـل
لا صِراعَ وَلا حروْبَ وَلا اقتـتالْ
وَالعيشُ أيْسَـر والحقـولُ بخيرِها
والناسُ أعراقٌ تُعايشـهم
غـدا للكـونِ والدّنيـا مِثــالْ
وَتجيء أزمانٌ تَفـرّقَ شَـمْلنـا فيـهَا
وَصودِرَ شـِعرُنا
فحَمِلتَ عنّا أنتَ راياتِ النضـالْ
ألِفَـتْـكَ أسْـوارٌ السّــجون تلازماً
صبراً طويلاً وإحتمالْ
مَا إنْ تفارق بابَـها لهُنـيْهَةٍ
حتّى تَعـوْدَ مُكبّـلاً صَلِدَ التراجع والمَنالْ
عُمراً طويْلاً في السّجوْن قضيتهُ
وظللتَ مِن سجْنٍ لسِجْنٍ
تارةً في الشرق ثمّ الغرب
ثم تعود مَخفوْراً لتُسـجَن في الشـمالْ
نهشتك جُـدرانُ الزنازين الرّطيبةُ
فاستحال العـودُ مِنـكَ إلى هُـزالْ
واليـَـوْمَ نَشــهَدُ إنتقــالــكَ
آخرَ المُشوارِ قد سكنَ الجراحُ
وَكلّ حَيٍّ لانتقــالْ
وَنراك أثـبَـتَ ماتكـوْن
وانت تخضع للمشيئة
في رِضَاءٍ وامتثــالْ
وَقبيلَ سـاعـات الرّحيلِ ببُرْهَـةٍ
تُملي رسـالتك الأخيرة مُقسِــمَاً
أنّ البلاد مُجَــدّداً
ستـعوْد تَرفلَ في التصَالُحِ والتعَايــشِ لا مُحَالْ
ها أنـتَ تحـزِمَ يا صَـــديْــقي إذ تُغادِر
كُلّ ذيّــاك التراحُــمِ والوِصَالْ
فبمَن يَلـوْذ وَأنـتَ ترحَـلَ
بَعدكَ الطفلُ المُشرّد واليتـامَى
والذين يَســؤهُم جَهْــرُ السّــؤالْ
مِنِّى إليْــكَ سَــلامُ صَاحِبِـكِ القـَـديْمِ
وَكُلّ نفْـسٍ ذاتَ يوْمٍ للزّوالْ
[email][email protected][/email]




لو أن في هذا السودان عدل …
فيجب أن تنصب تماثيل …
في وسط البلد …
للعظماء من هذا الشعب الصابر …
أمثال الأستاذ ، المربي ، المعلم
المقيم في دواخلنا إلى الأبد …
الأب محجوب شريف ( النضيف ) …
فالعظماء لا يموتون أبداً …
بل تظل ذكراهم ملء عقولنا وقلوبنا …
إلى أن نلحق بهم في علياءهم …
( اللهم أرحم الرجل الصديق الأمين الذي لا لان ولا هادن من أجل قضيته – مناصرة الضعفاء ، المظلومين والمهمّشين ، اللهم أرحمه رحمة واسعة برحمتك التي وسعتك كل شيء ، اللهم أغسله بالثلج والماء والبرد وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من اهله وزوجاً خيراً من زوجه وقه عذاب القبر وعذاب النار ، اللهم أرحمه بقدر ما أعطى ومابخل ، وبقدر ماقدم للضعفاء والمهمّشين والمغلوبين على أمرهم ، اللهم أرحمه بقدر ماكتب من أحرف في حق هذا الشعب العملاق والبلد المنكوب ، اللهم آنس وحشته ونوّر ظلمته وأرحمنا معه إذا صرنا إليه ) .
عُمراً طويْلاً في السّجوْن قضيتهُ
وظللتَ مِن سجْنٍ لسِجْنٍ
تارةً في الشرق ثمّ الغرب
ثم تعود مَخفوْراً لتُسـجَن في الشـمالْ
نهشتك جُـدرانُ الزنازين الرّطيبةُ
فاستحال العـودُ مِنـكَ إلى هُـزالْ
أغلب الشعراء والصحفيين يطبلون ويرقصون وراء نظام الإنقاذ الكالح إلا هو ظل شامخاً كالطود العظيم سجل يا تاريخ .