محمود في “الحواشة”

بعد مخاض عسير حسمت الحكومة جدلها داخل غرفها المغلقة وتوصلت الي طاقمها التنفيذي الجديد الذي شغلت به نفسها والاخرين كثيرا فقد استمرت عملية الطبخ لشهور عديدة رغم ان العملية بسيطة جدا ولا ينبغي لها ان تاخذ كل هذا الجهد والوقت ولكن يبدو ان العملية بمقاييس الحكومة بالغة التعقيد والتداخل والخطورة وبالتالي هي في نظر “الرئاسة” تحتاج الي اعمال مبدا تحقيق التوازن والحكمة في الاختيار والخوف من الانفلاتات “داخل اسوار المؤتمر الوطني” .
جاء التعديل الوزاري تقليديا كما توقعه البعض تغيير تبدو غايته القصوي ارضاء الشخوص من قيادات الحزب وكوادره ولكن مع هذا التغيير غابت منهجية التغيير في السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج وحتي الافكار التي تبني دولة سودانية مكتملة الاركان والرشد فلم تكن هذه المنهجية حاضرة في هذا التشكيل الحكومي . وهذا بالضرورة يعني ان الحكومة او بالاحري المؤتمر الوطني ارضي قاعدته واهمل مشروع بناء الدولة والذي لن يتحقق ما لم تحدث عملية “انقلابية” في كل ما يطبق او ينفذ من سياسات او قوانين حيث ظلت الحكومة وفي كل مراحلها او تعاطيها مع عملية التعديلات في اجهزتها الحكومية تتعامل بفقه ومزاج خاص قد لا يرضي قاعدة الدولة او مجتمعاتها المتبائنة ولكنه بالتاكيد يرضي رغبة حزبه وقياداته .
وكثير من قطاعات الشعب السوداني كانت تنتظر هذا التشكيل بدرجة كبيرة من الاهتمام والترقب خصوصا ان مؤسسة الرئاسة كانت قد بشرت بتشكيل وزاري كبيرا وشاملا في كافة اجهزة الحكومة المركزية ويطال حتي الحكومات الولائية ففي القطاع الزراعي مثلا كانت قاعدة المزارعين تنتظر وترقب بتمعن ما ستقدمه الحكومة للمزارعين من معطيات جديدة تصلح من الواقع الزراعي . ولكن جاءت الحكومة بالتعديل الوزاري ودفعت بالمهندس ابراهيم محمود حامد الي حقيبة الزراعة دون ان تحمله فكرة او منهاجا او تحدد له سكة اوخارطة لمساره حتي يخرج بالزراعة من عثراتها ومطباتها وموجعاتها فالقطاع الزراعي لازال في قاع اهتمامات الحكومة كان من الاجدي للحكومة ان تبدأ اولا في رسم سكة الخروج من الازمات ومن ثم تبحث عن الادوات والوسائل والقيادات التي تعينها في ان تنتج من الواقع الزراعي المازوم مستقبلا اخضرا وبشري لاهل السودان وفق رؤية ومنهجية علمية وادارية وتقنية تحرسها ارادة قوية من قيادة الدولة ..ولكن ان تجري الحكومة تعديلاتها او تنقلاتها في جهازها التنفيذي دون النظر في مطلوبات والتزامات النهضة الزراعية في بلادنا فان هذا لن يحقق الاصلاح وبالتالي لا جدوي من التغيير .
ملفات عديدة وتحديات قاسية وازمات مستعصية تنتظر المهندس ابراهيم محمود حامد تحتاج لمعالجات جزرية وفورية وسيكون ملف مشروع الجزيرة اكثر الملفات حضورا من بين القضايا الشائكة خصوصا ان الدولة تبحث الان عن خيارات جديدة لتغذية خزينتها الفقيرة وتبحث ايضا عن معادلات اقتصادية جديدة توقف بها نزيف الهجرة والبطالة ليس في مشروع الجزيرة فحسب وانما في المشروعات الزراعية والحد من دخول شرائح اخري من السودانيين الي منظومة الطبقة الفقيرة والكادحة .والمشهد الزراعي بكلياته يفرض ذاته بقوة علي الوزير الجديد ومطلوب منه ان ينزل الي قاعدة المزارعين ويتحسس مشكلاتهم داخل الحقول والحواشات

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..