أخبار السودان

الإصلاح الاقتصادي.. أساليب وخيارات لنفض الغبار 

الخرطوم: علي وقيع الله

عدة سنوات مضت وتوالت أخرى ولا زالت الأزمة الاقتصادية تزيد من حدتها في أرجاء البلاد، وسبق أن الآمال كانت معقودة على تحسن الاقتصاد حتى إن كان ذلك تدريجياً، وتبدو أن النتائج المرجوة لا تدعم هذه الافتراضية المنشودة، فالتفاؤل الذي تبعثه حكومة ديسمبر ذات الأنظمة المتعددة لم يكن موثوقاً لطالما المواطن يكابد مرارة هذا التردي الاقتصادي، ورغما عن ذلك فإن الفرص مؤاتية لإعادة تدوير موارد البلاد لمجابهة التحديات التي تواجه العباد والبلاد.

فرصة سانحة

ورغم واقع البلاد المتردي اقتصادياً، تبدو الفرصة سانحة أمام الاقتصاد السوداني للتعافي والنمو، ويدعم تلك الفرضية وجود مقومات هائلة في عدد من القطاعات الاقتصادية، تحتاج لسياسات رشيدة وإدارة سليمة، وتبدو الحكومة الانتقالية مدعوة بجد لنفض الغبار عن ثلاثة قطاعات اقتصادية، يأتي في صدارتها استخراج الذهب، والزراعة، والثروة الحيوانية، وهي قطاعات مرجو منها تحسين اقتصاد دولة عانت على مر ثلاثة عقود من عقبات عديدة، ذاتية وموضوعية، تتنوع الفرص في كل القطاعات الاقتصادية وتتصدرها الطاقة والزراعة والتعدين، حيث يمكن للسودان إنتاج ما لا يقل عن 100 طن من الذهب سنوياً، وهي أقل من أرقام الحكومة السابقة، التي تقول إحصائياتها إن إنتاج الذهب السنوي يبلغ 130 طناً، لكن مختصون يقولون إن الإنتاج الحقيقي يتجاوز 160 طناً، يهرب 70 بالمائة منه مما يفقد الخزينة العامة نحو 6 مليارات دولار سنوياً، وهو مبلغ كاف لسد العجز في الميزان التجاري.

محصلة عامين

وخلال عامين وأكثر هي عمر حكومة الثورة لم يشهد الوضع الاقتصادي تحسناً بقدر ما تفاقمت مشكلاته، حيث ما يزال المواطنون يواجهون صعوبات بالغة في توفير متطلبات المعيشة، كما تفاقمت الأزمات الاقتصادية التي شملت نقص الوقود وارتفاع التضخم وانفلات أسعار الصرف مع انقطاع مستمر للماء والكهرباء، كما تباطأت أنشطة الأعمال، ولا يزال الاقتصاد يرزح أيضًا تحت إرث الحكومة السابقة.

عقبات داخلية

وتشكل عدة عقبات داخلية حجر عثرة أمام الاستفادة الكاملة من القرار الأخير، أبرزها ضعف أداء الحكومة الانتقالية، حيث يشير مراقبون إلى أن الحكومة ما تزال عاجزة عن معالجة وحل المشكلات التي أدت إلى الثورة، حيث ما تزال مؤشرات ضعف الحكومة السابقة ملتصقة بحكومة ما بعد الثورة مثل غياب الحوكمة، (الرقابة المالية والإدارية)، للنظام السابق، ولا سبيل بغير تعزيز وصول ثمار الاقتصاد إلى عموم الشعب السوداني وأن يتم معالجة الفقر بجعله الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة، مع توفير فرص العمل الكافية وتنشيط القطاعات المنتجة، ودعم القدرة على المنافسة بالمزيد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التي تستوعب البطالة حتى تستطيع أن تتغلب على التحديات التي تراكمت قبل الثورة أو كنتيجة لها.

سطوة الموازي

كما يشكل “الاقتصاد الموازي” عقبة أمام الحكومة الانتقالية بالنظر لما يشكله من ثقل وتأثير، حيث تدار مئات الأنشطة الاقتصادية بعيداً عن سيطرة الحكومة، وتدر عائدات ضخمة لا تجد طريقها للقنوات الرسمية على شكل أموال سائلة وأرصدة غير مالية، وتحتاج الحكومة لقرارات شجاعة ومدروسة لتتمكن من توفيق أوضاع الاقتصاد الموازي، وضمه إلى الاقتصاد الرسمي بجانب الإسراع في تحصيل المتأخرات الضريبية وذلك باعتبار أنها خطوة مهمة من خطوات الإصلاح الاقتصادي.

إشكاليات مؤثرة

ربما عدم الاستقرار الاقتصادي هو أحد الإشكاليات التي تؤثر في عملية جذب الاستثمارات، بجانب قضية الإنتاج والإنتاجية، التي لم تتحقق فيها أهداف الاستثمار وهو زيادة الصادرات من الصمغ العربي والماشية والمعادن والقطن، وأن يتم تخفيض استيراد القمح والأدوية وزيوت الطعام التي يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي منها بقليل من الدعم الحكومي، وتحتاج الحكومة اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها النهوض بالاقتصاد والتي تشمل ترشيد الإنفاق العام بالإضافة إلى إعلان التقشف مثلما فعلت دول كبرى عديدة بجانب تكثيف مكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي.

أساليب جديدة

ويأتي مطلب حسن الاستخدام الأمثل للموارد ضمن العقبات، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى التفكير في أساليب جديدة لرفع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، في ضوء التحديات التي تواجه مصادره الرئيسة، والتي تسجل جميعها تراجعاً ملحوظاً خاصة الدخل من الصادرات الزراعية والثروة الحيوانية والثروة المعدنية، وزيادة عجلة الإنتاج، والحد من الواردات غير الأساسية، وخفض حجم استيراد السلع غير الإستراتيجية وتشجيع الصناعة المحلية والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي.

المتغيرات الاقتصادية

تعد أزمة المصانع المتعثرة إحدى الملفات الشائكة، نتيجة لعدم قدرة تلك المصانع على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية الأخيرة، وكذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج الصناعى من ناحية بجانب عدم المقدرة على الالتزام بالمستحقات المصرفية والمالية الواقعة عليها من ناحية أخرى، كما أن هناك أسباباً أخرى، مثل تعثر المصانع جزئياً وكلياً، وفي واقع الحال تعاني بعض المصانع لدرجة أنها تعمل بأقل من 50% من طاقاتها الإنتاجية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..