مقالات وآراء

ق.ح.ت … ودرس ” الأسماء الخمسة”

أبو الحسن الشاعر
كان درس اختيار أعضاء المجلس السيادي الخمسة .. درسا نحويا قاسيا لقوى الحرية والتغيير حين استعصى عليها الإعراب وتعثرت في ” التشكيل ” فلم تعرف المرفوع من المجرور .. كما أخفقت في الإعراب عن أشواق الجماهير المتطلعة لبداية حازمة ومبشرة ووفاقية وموفقة.. وظهر مما جرى في الخلاف والاختلاف أن هذه القوى لم تكن على قلب الشعب الواحد ولم تكن مستعدة لهذه المرحلة فطفقت تبحث عن أسماء في اللحظات الأخيرة بلا ” آلية ” واضحة تحدد معايير الاختيار وأسبابه واستحقاقات المرشحين له.
كنا ننبه دائما أن هناك فرقا كبيرا بين إدارة الثورة وإدارة الحكم. .. وحين تم التوقيع بشق الأنفس وشق الصف بين قوى الحرية والتغيير كنا بمثابة من رجع من النضال الأصغر للنضال الأكبر .. وكان ينبغي أن يدرك أولى العزم من الثوار أن المسؤولية ستكون أعظم وأن من كان في البر أصبح في لجة من فوقها موج ومن تحتها موج من أعداء الثورة ومن ينتظرون خلافاتها وفشلها أو على الأقل تعثُّر خطواتها الأولى لإشاعة فرضيات الفشل في المستقبل.
نقر بأن الكثيرين أصيبوا بالإحباط الشديد مما جرى من خلاف واختلاف وتردد وتبديل وتغيير وأنباء متضاربة وبيانات نددة ومواقف رافضة وتسريبات مقلقة وحديث عن مناطقية وجهوية وحزبية وقبلية وعشائرية إلخ .. وكل هذا بسبب غياب ” الآلية ” المنصفة والمتفق عليها في الاختيار.
وأعتقد أن مجلس السيادة هو مجلس تشريفي فلا هو تنفيذي ولا تشريعي ومهامه وصلاحياته محددة بحيث لا تستدعي كل هذا الذي حدث.. فهم ليس مطلوب منهم في غالب ما يقومون به سوى اعتماد ما يرفع إليهم أو القيام بمهام شرفية من قبيل “حضر و استقبل وودع ” ولذلك فلا ينبغي أن يكون ” كيكة ” يسعى كل طرف لأخذ نصيبه منها والاقتتال دونها وتهديد تماسك هذا الوفاق الوطني غير المسبوق بسببها.
وإذا كان درس ” الأسماء الخمسة ” قد أرهق وأقلق قوى الحرية والتغيير فإن درس ” الأفعال الخمسة ” سيكون أشد صعوبة وتعقيدا وأن المعلم الأكبر وهو هذا الشعب الصابر الصامد لن يسمح بأي إخفاق فيه وهذا الدرس هو الإدارة الفعلية للملفات المعقدة المتمثلة في الاقتصاد والأمن والتعليم والصحة والسياسة الخارجية .. خاصة ونحن ندرك جميعا أن معالجة الخلل المدمر الذي تركه النظام السابق ليس أمرا سهلا ولن يتأتّي إلا بوحدة قوى الحرية والتغيير وحراسة الشعب لثورته والانتباه للمتربصين بالثورة من بقايا النظام السابق الذين سيستغلون أي تباين في الرؤى أو المواقف.
وإذا كنا قد تخطينا عقبة ” الأسماء الخمسة ” بصعوبة فإن هذا ربما يكون مبعث قلق ونحن ننتظر اختيار ” عشرين وزيرا ” وهي وزارات الجهاز التنفيذي التي ربما يتطلع الكثيرون للتنافس عليها وتأتي بعد ذلك مرحلة تصفية مراكز الدولة من أشرار النظام السابق المفسدين واستبدالهم بالشرفاء من أهل الخبرة والكفاءة والنزاهة .. ولن يتحقق النجاح ما لم نترفع فوق الرغبات ونتحلى بنكران الذات ونضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل مصلحة ونطبق قولا وفعلا ما قطعناه من عهد على أن يكون الأمر خاضعا للكفاءة فقط ولا شيء غيرها وأن تلتزم الأحزاب بما أعلنته عن زهدها في المشاركة في الحكم على مستوى المجلس السيادي ومجلس الوزراء ورفض المحاصصة في كل إدارات الدولة وعندها فقط يمكننا أن نتفاءل بمستقبل مبشر للسودان تسود فيه الحرية والعدالة والسلام.
إضاءة :
تأجيل وصول رئيس مجلس الوزراء لا مبرر له خاصة بعد تحديد موعده والتحضير لاستقباله مما يستدعي الاعتذار .. كان الأجدر به أن يصل البلاد بمجرد التوافق عليه فهو الوحيد الذي لم يفاجأ بالاختيار، وهو في نهاية الأمر مواطن كان ينبغي أن يبادر ليكون وسط الجماهير وبين أبناء الشعب قبل تسلُّم منصبه والبدء في مهامه الرسمية .. ولعل ربط وصوله بالموافقة على المرشحين لعضوية مجلس السيادة ، فيما يبدو ، لم يكن موفقا ذلك أننا في زمن أصبح لزاما علينا أن نحسب لكل خطوة لأنها لن تؤخذ بمعزل عن مجريات الأحداث وسيتم البحث في دلالاتها إيجابية كانت أم سلبية، مع أمنياتنا للوزير ووزرائه بالتوفيق ولقوى الحرية والتغيير بالتوافق والاتفاق وللوطن بالازدهار وسنظل نتابع الأداء بالنقد البناء فالثورة أمانة في أعناقنا لن يحميها ويحرسها غير الانجاز وحسن الأداء .

أبو الحسن الشاعر

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..