مقالات وآراء

رحى الحرب أيّان يا برهان مرساها !!!!؟

سيد محمود الحاج

 

هي بالطبع ليست حرب السودان ولا شعبه كما يزعمون ، فليس لأي منهما يدٌ فيها .. وإنما هي حرب تقف وراءها أطماع نفر وقِلّة تُعدّ على أصابع اليد … نفرٌ لم تكفهم عقود ثلاث من القهر والإستبداد وتسخير كل مقوّمات الوطن لمصالهم الشخصية ، ولم يكتفوا بما قتلوا من الأنفس وما نهبوا وما خرّبوا وما أفسدوا .. فالوطن وشعب الوطن بريئون من كل علّة ألمّت بهذا الوطن المعطاء . فما يحدث الآن لا يزيد عن كونه صراع على السلطة من قبل الشقيقين اللذان ظلا في خندق واحد وهما ينكلان بالوطن وأهله . فالجيش لم يعد ذلك الجيش المهيب منذ أن أحيل شرفاء قادته وضباطه إلى المعاش قسراً وأستبدالهم بمن لا ولاء لهم لغير الآيدولوجية التي توجههم وبعد أن أصبح مؤسسة يديرها نفر من الإسلامويين والذين هم صانعوا هذا الوحش جاهلين حقيقة أن غريزة الوحش لا بدّ أن تعاوده يوماً . وكم من صوت علا منادياً بخطورة هذا الوحش ولكن كان الجزاء وخيماً لكل من قال أن في الإبريق بغلة .

 

إنّ بذور الحرب موجودة أصلاً في تراب هذا الوطن المتعدد الأعراق والأعراف والثقافات الأمر الذي ينذر ببروزها على السطح يوماً إن لم يتم التعامل مع هذا الوضع بالحكمة والتبصّر و تحقيق العدالة و المساواة ، إلّا وأن الحكمة غابت أو غيّبت تماما لدى أولئك المستبدون بل وعلى النقيض فقد عملوا على إزكاء نار الجهوية وإثارة الفتن عبر رفع شعارات رجعية كان نتيجتها موت أكثر من مليوني شخص في حرب الجنوب ثم تمادوا في مكرهم حتى تحقق لهم فصل الجنوب ليحتفلوا من بعد بما أنجزوا .

 

تسعى الأمم إلى السلام وتعمل بكل السبل لتفادي الحروب لأن الحرب وهي نائمة تكون كالحيّة في سباتها لا يُخشى لها بأس ، لكن إذا ما نشبت فإنها تغدو كأفعى ذات سبع رؤوس فبين دخانها وغبارها تكون الفرصة مؤاتية لأجندة خفية ينتظرها أصحاب الغرض من القُربى والغُرباء وهذا ما نخشاه الآن مع تعالي صوت الكراهية وبروز الأحقاد الدفينة وبوادر التشرزم والإنقسام والتي لا ريب في أنها باتت الآن تمثل تهديداً وجوديّاً لذلك البلد الذي عرف من قبل بالتسامح والتآلف برغم تعدد الأعراق والإثنيات والثقافات . ولكن وللأسف فإن من أوقدوا نار الحرب هم أناس ظل مفهوم الوطن لديهم لا يتعدّى الإمساك بالسلطة لتكون حصناً يقيهم (شرّ) العدالة ويمكنهم من الإستمرار في جرمهم وتنفيذ أغراضهم الدنيئة وفي سبيل ذلك فلا يعنيهم أمر وطن ولا أمر شعب فليذهب كلاهما إلى الجحيم فداءً لأطماعهم وضمان بقائهم . وهذا هو الوضع الماثل أمامنا الآن … (بل بس) .. لا تفاوض .. لا سلام ولو إستمرت الحرب لألف عام علماً بأن الوطن لم يعد به ما يجعله يصمد لعام واحد بعد أصبحت معظم مدنه خرائبا ًوأطلالاً وانعدمت فيه كل مقومات الحياة … وطن أصبح خالياً من أهله الذين تشتتوا في كل صوب بين ويلات النزوح وذلّ اللجوء ومعاناة الجوع ومرارة الفقر .

 

ورحى الحرب دائرة ومازالت تدور ، وصوت العقل يرفعه أصحاب الوجعة غير أن أصحاب المصلحة في آذانهم وقرٌ فهم لا يستمعون لسوى صوت شيطانهم يغريهم ويغويهم ويمنيهم بنصر لن تحققه البندقية التي باتت في عرفهم هي صاحبة المجد ولا لغيرها مجدٌ ، فلو كان كذلك لما ألقى اليابانيون أسلحتهم عندما أيقنوا أن الحرب لن تأتي إلا بالمزيد من القتل والدمار لشعبهم وقد كانوا قادرين على مواصلة حربهم ضدّ أميركا ، وعندها تنازل إمبراطورهم الذي كان يُعتبر في مقام الإله ، تنازل عن ألوهيته وقال قولته الشهيرة ” فليحدث لي ما يحدث لكني أريد النجاة لجميع رعايايا ” !! فهل تنازل (رب الفور) عن ربوبيته لأجل سلامة الوطن وشعبه مثلما فعل (رب) اليابانيين !!!؟

 

فلتكن الآن (الحصة وطن) كما قلت ذات يوم ، ولا أدري هل كانت قولتك تلك نابعة من إيمان بالوطن أم كانت لا أكثر من كلمة مقولة لا تقضي مقضيّاً ولا تستجلب آتياً … فكل المعطيات والشواهد تنذر بأن بقاء السودان كدولة ذات سيادة بات على كفّ عفريت وقد تعددت رؤوس الأفعى وانتصبت في إنتظار لحظة الصفر التى لن يطول أوانها … فهل أصغيت لصوت العقل دون صوت ذلك الشيطان !!!؟

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..