ضبابية وقتامة العلاقة بين دولتي السودان

ضبابية وقتامة فى علاقات الدولتين (شما ل – وجنوب) السودان
تسود حالة من الضبابية والقتامة اجواء العلاقات بين جنوب السودان وشماله – ورغم توقيع اتفاق اديس ابابا الاخير ،والذى يعتبر بادرة حسن نية فى سياق تصحيح مسار العلاقات المتوترة بين الدولتين ?فان العلاقة الان يمكن وصفها بانها حذرة من كلا الجانبين ?ولا توجد نقاط التقاء كثيرة فى سبيل دفع العلاقات الى مستوى احسن .
وحتى اذا افترضنا جدلا ان الاتفاقيات الكثيرة جدا والتى تم توقيعها وكان الهدف الاساسى منها جعل العلاقة بين الدولتين مستقرة وامنة ?فشلت فشلا ذريعا فى تحقيق اهدافها ولم تصمد طويلا فى ظل التوترات الكثيرة ،والتصريحات النارية والتى يشتمُ منها رائحة الحرب والبارود ?كمثل التصريحات التى اطلقها البشير سابقاً عندما وصف الحركة الشعبية ب(الحشرة الشعبية)-تصريحات مثل هذه غير انها مستفزة تعتبر صادمة ولا اخلاقية حتى ،عندما تأتى من رئيس دولة ?الذى يدعى اقامة الدولة على اساس المشروع الاسلامى الحضارى المزعوم ?اضف لذلك التصريحات التى يطلقها المتشددون الاسلامويون الذين يدعون النقاء والطهر والانتماء الى العروبة التى دائماً ما تلفظهم امثال (الطيب مصطفى )وبقية السلف الصالح المزعوم من ائمة المساجد وهيئة علماء الانقاذ اقصد السودان الذين قالو ان الاتفاقية باطلة ولا تجوز وهى ضد الاسلام والعروبة ،والطيب مصطفى وحزبه منبر الظلام الفاشل (السلام العادل ) سعى وسيسعى الى جعل الاتفاق احد الموبقات السبع ?وقد ظهرت سؤء نياته عندما ارسل رسائل عبر الموبايل لمختلف شرائح المجتمع يحذرهم فيها ما اسماه بالفتنة الكبرى ويقصد بذلك الحريات الاربعة ?ورغم ذلك لاقت الاتفاقية والحريات الاربع بالاخص استنكاراً واستهجاناً فى الجنوب اكثر من الشمال .
ان علاقات الشمال والجنوب ?علاقات حتمية ولابد منها ان لم يكن غداً ففى الوقت الراهن هى مهمة لكلا الجانبين ،فالدولتين تعانى من مشكلات داخلية كثيرة وبل تشترك ايضاً فى ازمات متعددة.
(1) الاقتصاد المهزوز والمنهار :——-
ادى اهتزاز الثقة فى كل من الاخر الى قفل انابيب البترول مما ادى الى تضرر اقتصاد الدولتين ?وظهرت كوارث اقتصادية مثل ارتفاع اسعار الدولار ?والمواد الاستهلاكية الاخرى ?كما ارتفعت معدلات التضخم فى الدولتين ?وشهد الشمال اندلاع مظاهرات ?والحقيقة ان قفل انبوب النفط كان احد المحفزات لقيام الثورة فى السودان بجانب اشياء اخرى كثيرة- مظاهرات منددة بالوضع الاقتصادى ومطالبة بتنحية البشير عن السلطة ?ولكن كعادة الانظمة الشمولية-تم قمع المظاهرات بعنف،وقُتل فيها من قُتل وتم اعتقال عدد منهم ?فى حين كان اقتصاد الجانبين يحتضر ويستصرخ متوسلاً من اجل فتح انابيب البترول ?الذى يؤدى الى انعاش اقتصاد البلدين كان الضرر الاكبر على اقتصاد الشمال اكثر من اقتصاد الجنوب وحتى لانتهم بأننا رومانسين نذكر الاتى:————
(1) فقدت الخرطوم حوالى 75% من اجمالى النفط السودانى البالغ 480الف برميل فى اليوم.
(2)فقدت ايضاً حوالى 36% من ايرادات الميزانية العمومية .
(3) ارتفعت اسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية بشكل كبير جداً.
(4) اصبحت هناك شح وندرة فى الدولار وارتفع الى اسعار قياسية ،وفقد الجنيه السودانى قيمته امام الدولار وهبط هبوطا كارثيا ?مقارنة مع جنيه جنوب السودان الذى ارتفعت قيمته امام الجنيه السودانى بعد ان كانا متساويا فى القيمة وما زال جنيه جنوب السودان يحتفظ بقيمته حتى الان .
(5) اندلاع مظاهرات وتحولها من مظاهرات اقتصادية الى سياسية مطلبها الاساسى اسقاط النظام الذى ادخل السودان فى نفق مظلم اقتصاديا-
(6) تمت خصخصة بعض مؤسسات الدولة وبيع اخرى الى دول اجنبية (مشروع الجزيرة ?الفشقة-سودانير للطيران ?واشياء اخرى خفية)
اما الضرر الذى حاق باقتصاد الجنوب ،فيتمثل فى ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية ?وازمة فى الوقود وقل ندرة احياناً ان شئت .
(2) مشاكل داخلية تعانى منها الدولتين:—————————————–
هناك مشاكل وتمردات فى جنوب السودان كما فى شماله الذى يعتبر اكثر حدة وتأثيراً من الجنوب ?فالسودان يعانى من مشاكل تطرد يوميا وتذداد حدتها من وقت لاخر ?فاقاليم الهامش تتململ كل يوم ?كما فى النيل الازرق ?وجنوب كردفان-ودارفور-وشرق السودان وحتى الولاية الشمالية كما فى اهالى امرى ?وكجبار-والمناصير-وحتى الخرطوم نفسها تشهد يومياً دخول اسلحة تهرب من الولايات الاخرى اضف الى ذلك ان اسرائيل تعقد مشاكل الانقاذ اكثر فاكثربقصفها لمصانع الذخيرة داخل قلب العاصمة ?واسرائيل قصفت اماكن كثيرة داخل السودان ولكن تكتمت الانقاذ عليها ?ومن المضحكات المبكيات ان المهرج السياسى الطيب مصطفى قال ان جنوب السودان هو الذى امد اسرائيل بالمعلومات الازمة لقصف مصنع اليرموك -والحقيقة ان اسرائيل لاتحتاج الى معلومات الجنوب ولاحتى السى اى ايه فالموساد لديه خبرة خمسون عاما للتعامل مع هكذا اشياء ?بل ان السودان نفسه ورق لعب مكشوف للكل ?بعد ان عاثت الانقاذ فساداً فى الارض.
كل ما ذكر سابقاً يعتبر نفق مظلم فى استمرار العلاقات ?وهناك ارتباطات كثيرة وصلات قربى ورحم بين الشمال والجنوب ?واستقرار الدولتين يعود بالمنفعة الجمة على شعبى البلدين ?فالمشكلات التى تعانى منها الدولتين متشابهة لحد ما وتشترك ايضا فى (الجهل والفقر والمرض)وحتما نجاح العلاقة يقوض من اضطراد المشاكل ويخلق خبرات تتبادل الدولتين منافعها مما يسهم فى ايجاد اليات عمل تساعد على التطور وانماء المنطقة ككل .
معوقات قيام علاقات مستقرة:——
(1)ابيى:—–
قضية ابيى من القضايا المعقدة التى ان لم تجد لها الدولتين الحل المناسب وفى الوقت المناسب تصبح نتائجها كارثية اكثر من اى وقت مضى وهى التى تقوض عملية الاستقرار فى المنطقة ?والكل يعلم ان ابيى جنوبية وحتى الانقاذ نفسها تعرف ذلك ولكنها تتشدد ازاء ابيى لتضمن بقائها وقتاً اطول فى السلطة ?ولتنال التأييد الشعبى المفقود-فحالات السخط التى تمر بها الانقاذ واضح للعيان فما هو معروف ان البشير رئيس فاقد للشرعية بحكم انه مطلوب من الجنائية الدولية وغير معترف به ويتحاشى معظم الرؤساء والدبلوماسيين ملاقاته لتصبح المعادلة كالاتى(رئيس مطلوب-وشعب مغلوب-ووضع اقتصادى مهزوز-وتردى خدمى ملحوظ-)وتزداد حالات الخنق من المجتمع الدولى حول البشير الذى اصبح ارنباً بين فكى اسد-لذلك تراه يتشبث بابيى ويرضى بتقسيمها حسب تصريحات المبعوث الروسى مارغيلوف الاخيرة .
(2) نظام الانقاذ نفسه:———-
لاعجب ان قلنا ان الانقاذ نفسها تعتبر معوق فعلى فى سبيل اقامة علاقات تسودها حسن الجوار ?فنظام الانقاذ مستعد لبيع اى شئ مقابل اى شئ فى سبيل بقائه على كرسى السلطة ?فجرائم الانقاذ السياسية والاقتصادية والاخلاقية تضاهى جرائم المافيا ?فقد قتل ?وشرد ?واغتصب-وافسد ?وسيظل يفعل مابقى على السلطة ?ومادفع الانقاذ الى التوقيع على الاتفاقية الاخيرة:—-
(1)اذدادت عزلتها الخارجية والداخلية.
(2)اهتزت ثقتها الداخلية بنفسها كثيراً.
(3)نفذت اجندات واعطت معلومات كثيرة لاجهزة استخبارات دول كبرى وحصدت السراب
(4)انخفض التأييد الشعبى بعد ان وعى الشعب السودانى بخطورة الانقاذ.
(5) وكما يقال الجاهل عدو نفسه فالانقاذ باركت انفصال الجنوب واصبحت تحترم الجنوب ككيان له استقلاليته وقراره واصبحت مرغمة توقع الاتقاقيات رغم انفها ?رغم اختلاف الايدولوجيات والفكر والرؤى.
اخيراً هناك قضايا ان لم تحسم كالمواطنة والحدود واشياء اخرى بشكل جدى، فالحرب واردة وان اختلفت اشكالها (اقتصادية-سياسية الخ——-) ويبقى اخيراً جدا يجب ان يذهب نظام الانقاذ ويقتلع من جذوره هذا اذا اردنا ان تقام علاقات قوية وازلية ومتكاملة تعود بالنفع على شعبى البلدين وهى مسؤلية مشتركة بين الشعبين ?لان السياسين والرؤساء يذهبون ويبقى الشعب وتبقى الدولة.