حزب الحفر والتصفيات

أسماء جمعة
لا يختلف إثنان أن سياسة المؤتمر الوطني منذ أن وصل إلى السلطة عملت على إضعاف الشعب السوداني حتى يسهل عليه حكمه، فسعى لتمكين نفسه من خلال سياسات ممهنجة ما زال يمارسها حتى هذه اللحظة، منها سياسة فرق تسد والغاية تبرر الوسيلة والتجارة بالدين والتمكين وتدمير الاقتصاد وإضعاف المجتمع وشغله بمشاكل الحياة وعزله عن العالم وتدمير التعليم والصحة وغيرها، فكانت النتيجة أن أصيب المجتمع السوداني بالفقر والعطالة والجهل والصراعات والمخدرات والجرائم والظواهر السالبة، فتحول إلى مجتمع ضعيف منكسر يناسب مقدرات المؤتمر الوطني.
المؤتمر الوطني حتى يستمر في السلطة حافظ على استمرار سياساته تلك، وأبقى السودان سجيناً في البيئة الفاسدة التي وفرها له، وكلما سمع الشعب يحتج أو يتذمر ويطالب بتحسين الأوضاع ومحاربة الفساد، يخرج لنا مسؤولوه بالتوجيهات والوعود والتغزل في الحزب أمام حشود من البسطاء المغيبين والعطالة المستأجرين جياع الخلاوى ليملأوا بهم الساحات ويخاطبونهم أمام الكاميرات، فتخيلوا إن تلك الشعوب هي كل الشعب.
أول أمس وقف مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب فيصل حسن إبراهيم أمام حشد من ذاك النوع، وحذر منسوبي حزبه مما أسماه تصفية الحسابات و(الحفر) والاصطفاف القبلي والجهوي، لأن المؤتمر الوطني حزب يقوم على القيم والمبادئ والدين والأخلاق الحميدة وليس المصالح الشخصية والجهوية والقبلية، وطلب من عضويته على إثبات ذلك للشعب السوداني، الذي وقف مع الحزب طيلة السنوات الماضية.
الشعب السوداني لم يقف مع المؤتمر الوطني، وإنما هو عمل على إضعافه حتى لا يتحرك ضده فزين له إنه يقف معه، ومن خصال المؤتمر الوطني الحفر وتصفية الحسابات ولسنا بمجال أن نعد الحفر والحسابات، وقد ظل طيلة 29 سنة يعمل من أجل المصالح الشخصية ويؤصل للجهوية والقبلية حتى أوقف كل عوامل بناء الأمة القوية والدولة القومية.
السيد فيصل قال (نحن ماجينا عشان نستمتع بمناصب الدولة)، ونحن نقول له كل تصرفات الحزب وعضويته تثبت إنكم ما جئتم إلا لتستمتعوا بمناصب الدولة وأموال الشعب، وإلا فأين إنجازاتكم في الصحة والتعليم والاقتصاد وغيرها؟!، ثلاثة عقود لم يستطع حزبكم توفير مياه شرب نقية للخرطوم فقط التي ترقد على ضفتي نيلين ومصادر أخرى.
السيد فيصل قال إن النجاح الحقيقي هو كسب ود وقلوب جماهير الشعب السوداني. وأن الحزب قادر على وضع المعالجات للأزمة الاقتصادية مقترحاً أن زيادة الإنتاج هي الحل الرئيسي للضائقة الاقتصادية. و أن نعمتي الأمن والاستقرار اللتين تتوفران بالبلاد تستحقان الحمد والشكر لله وابتلاؤنا أخف من غيرنا وحذرمن كثرة الاجتماعات والتقارير المكتبية، وطالب القيادات بالنزول إلى القواعد والتعرف على مشكلات الناس، وقال إن (رضا الناس هو المقياس)..
في الحقية المؤتمر الوطني هو من صنع الأزمة الاقتصادية وتعمد تدمير الإنتاج، ومنذ وصوله إلى السلطة لم ينعم السودان بالاستقرار وما وقع فيه لا يقل عن ابتلاء اليمن وسوريا وليبيا، وهو لن يعالج الأزمة الاقتصادية ولن يزيد الإنتاج حتى لا يجد الشعب الحياة الكريمة فيقوى، وهو لا يريد النزول إلى القواعد ولكنه يعرف كل المشاكل لأنه هو من يصنعها، فمن يرضى عن حزب مفتون بالمناصب والحفر والتصفيات والتدمير؟!.
التيار