جدل الدقينات

بشفافية

الدقينات جمع دقينة والدقينة في عربي أهل السودان وربما أمصار أخرى، هي اللحية في العربية الفصحى، وليست الذقن التي هي الموضع من الوجه الذي ينبت عليه شعر اللحية، وإذا كان المراد هو الشعر، فالأفصح أن تقول لحية، وليس ذقناً كما هو شائع حتى عند المشايخ الذين يطلقون لحاهم ويحفون شواربهم، كما ذهب إلى ذلك أحد الدعاة السلفيين، سمعت هذا الداعية السلفي قبل يومين ينطلق في هجوم كاسح في أحد المجالس على من أسماهم أصحاب (الدقينات)، ويبدو أنه لم يتحسس لحيته قبل أن ينطلق في هجومه، إذ إنه صاحب (دقينة) مثلهم أيضاً، ولكن ربما لم ينسَ الرجل (دقينته) وإنما أراد أن يقول إن (دقينة لدقينة تفرق)، ما يُفهم منه أنه ومن هم على نهجه وشاكلته يملكون دقينات ذات رمزيات ودلالات إيمانية صادقة وخالصة لوجه الله والوطن، ومن عداهم ممن هاجمهم ذوو دقينات ضلالية لم يستنبتوها إلا لدنيا يصيبونها بممارسة التضليل والخداع على الناس أو كما قال هذا الشيخ، وعموماً ورغم عمومية حديث هذا الشيخ الذي لن يعدم هو الآخر من يعايره بدقينته كما فعل بالآخرين، فإن الفساد والانحراف الذي قال إنه انتشر بالبلاد وهذا ما نوافقه عليه، قد انتشر في عهد أصحاب الدقينات الذين عرّض بهم من حيث أراد الدفاع عنهم، لجهة أن هذا الفساد الذي انتشر لم ينتشر إلا في زمن انتشار النفاق وكثرة استنبات الدقينات التي برع الشعب السوداني في السخرية منها، فسمى بعضها (من أجل أبنائي) وبعضها (دعوني أعيش) وهلمجرا من دقينات انتشرت في عهد ما بعد الفتح، حتى استحقت قول الشاعر العربي (ألا ليت اللحى كانت حشيشاً فتعلفها خيول المسلمين)، ثم مضى الكذب والنفاق والفساد والانحراف على رأي هذا الشيخ أشواطاً بعيدة مع مضي سنوات الحكم الشمولي القابض، فزادت الدقينات تعشعشاً والكروش تكرّشاً والأوداج انتفاخاً بما يذكر بمقولة المناضل الجسور مدثر البوشي (يا هند قولي أو أجيزي، رجال الشرع صارت كالمعيز، ألا ليت اللحى صارت حشيشاً فتعلفها خيول الإنجليز).. إننا لا ننازع في حق أصحاب الدقينات من مختلف الأشكال والأطوال، من كان منهم في صف هذا الشيخ أو من كان في الصف الآخر الذي هاجمه، وليضحك أبو دقن على (أبو دقينة) حتى يستلقي على قفاه، وليهاجم من يهاجم حتى تبرز نواجذه، ولكن فقط نرجو أن يكون هذا الخلاف والتنازع والتنابذ بالدقينات (في شان الله) ومن أجل الوطن وخير العباد وليس للسلطة والجاه.

حيدر المكاشفي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..