العالم مع دوسة !ا

تراســـيم..

العالم مع دوسة !!

عبد الباقي الظافر

قبيل نحو شهر دخل علينا شاب سوداني ونحن نهم بإرسال الصحيفة إلى المطبعة.. الشاب ألحّ في الحديث إلينا وأقنع موظف العلاقات العامة أن موضوعه لا يحتمل التأجيل.. هذا المواطن أخبرنا أنه خرج اليوم من المستشفى بعد الاعتداء عليه من ضابط شرطة.. المجني عليه كان يدرك أن الصحافة ستنصره لهذا طرق بابها.. بالفعل نشرنا شكوى المواطن وعنونا نداءه لمدير الشرطة. بعيد نحو شهر جاءت الشرطة تبحث عن معلومات الشاكي بعد أن كونت مجلس تحقيق في الاتهام.. تبدو البيروقراطية واحدة من معيقات تحقيق العدالة في السودان.. لو أن هذا الحدث جرت وقائعه في بلد آخر لكان الإيقاع مختلفاً.. القضية ستتحول إلى قضية رأي عام.. متابعتها ستكون من وزير الداخلية شخصياً. الأسبوع الماضي حقق السودان إنجازاً طيباً.. جهود وزارة العدل أخرجت بلدنا من تحت عيني المراقبة الدولية التي كان يفرضها مجلس حقوق الإنسان لسنوات.. سوء حالنا جعل المجتمع الدولي يخصص خبيراً دولياً مستقلاً لمراقبة تعامل حكومتنا مع شعبها.. الأمم المتحدة اختارت شاندي التنزاني الجنسية والمسلم الديانة استجابة لتحفظات السودان من سلفه الذي كان يتطلع بالمهمة تحت عنوان المقررالخاص لحقوق الإنسان. التطورات الايجابية في عهد وزير العدل مولانا دوسة مصحوبة مع تغيرات كثيرة جعلت بلادنا تخرج من تصنيف دولة تحتاج إلى مراقبة دورية إلى دولة تحتاج العون القانوني وبناء القدرات.. المشكلة أننا إذا لم نحسن استيعاب الدرس الماضي ربما نعود إلى ذات الوضع السابق مستقبلاً. أولى القواعد التي يجب أن تعلمها أن العالم ليس ضدنا.. نظرية الإحساس بالمؤامرة من تحركات الأسرة الدولية يكذبها إجماع سبعة وأربعين دولة على أن الأوضاع في السودان حققت تقدماً يستحق المكافأة.. القاعدة الثانية أن السياسة الخارجية ترسمها وزارات الشأن الداخلي.. لن تنجح وزارة الخارجية في تبيض صورتنا إن لم تساعدها السلطة القضائية ويؤازرها الجيش ويقف من ورائها رئيس الجمهورية. حتى أقرب الصورة أقدم لكم مشهداً.. مراسل قناة الجزيرة كان يغطي الأحداث في الدمازين.. سمع المراسل صوت إطلاق نار كثيف.. مهنيته تلزمه بنقل الحدث في شكله الابتدائي ريثما ترد التفاصيل.. السلطات المحلية اعتبرت نشر الخبر تعدياً على اختصاصها ومن ثم احتجزت المراسل للتحقيق.. الخبر تحول من إطلاق نار كثيف إلى اعتقال صحفي أثناء تأدية واجبه.. من اتخذ قرار الاحتجاز ربما يكون موظفًا صغيراً أو ضابط قليل الخبرة ولكن من يدفع الثمن وطن بمساحة مليون إلاّ ربعاً. الاهتمام بتغيير الصورة الذهنية السالبة يعني قطع نصف المشوار.. خذوا هذه الحكاية.. الحكومة فطنت أن تعيين حاكم عسكري في النيل الأزرق يعني أن الأحوال على غير طبيعتها.. بعيد ثلاثة أسابيع اختارت اللواء معاش الهادي بشرى والياً مكلفاً.. هل تصدقون أن الحاكم الجديد جاء الى الدمازين في بزته العسكرية التي فارقته منذ أكثر من عشرين عاماً. العالم يمنحنا فرصة أن نكون دولة قانون أتمنى ألاّ تضيع هذه المرة.

التيار

تعليق واحد

  1. شكرا اخى عبد الباقى الظافر على ماكتبت وهى بلاشك كتابات نابعة من حب للوطن والرغبة فى الأصلاح للاخطاء حتى يتم تداركها.وانى لارجو ان يهتم هؤلاء الساسة الذين ليس لديهم كياسة ان يهتمو بما تقوله الصفوة من حملة الاقلام.وصدق الله العظيم اذا يقول فى محكم التنزيل (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمو إنما يتزكر أولى الألباب).بلادنا تحتاج الى كل مخلص حادب على مصلحة العباد فهى تعانى كل يوم اذمة جديدة حتى اضحت حلقات تأخذ بعضها برقاب ببعض,فحقا على مثقفى بلادى ومتعلميه أن يبعدو هوى النفس عن أنفسهم وأن يحكموا صوت العقل وأن تكون المصلحة العليا للوطن هى المقدمة على كل مصلحة خاصة حتى نستطيع أن نخرج ببلادنا من وهدتها فقد اضحت بلادنا فى مؤخرة الركب بعد ان ظللنا فى مقدمته ردحا من الزمن.فهل يعود لنا المجد ام ان ذاك زمان قد ولى؟ .

  2. إقتباس
    .. المشكلة أننا إذا لم نحسن استيعاب الدرس الماضي ربما نعود إلى ذات الوضع السابق مستقبلاً. أولى القواعد التي يجب أن تعلمها أن العالم ليس ضدنا..
    إنتهى

    ….

    فعلا تلك مشكلة ولكن …

    أولى القواعد التي يجب أن تعلمها أن العالم ليس ضدنا ولا معنا لذا وجب ان نكون نحن مع أنفسنا. قول الحق اخي الكريم لا يحتمل تجميل الاشياء والمواربة وهي اقرب للنفاق ولا اريد الاتهام فهو لن يفيدني ولا يفيدك.

    محاولة تجميل الاشياء وحصر الظلم الذي لا يخفى على اعمى بأنه مجرد بيروقراطية من وزارة الداخلية ومحاولة تصوير ان رفع اسمنا من الدول التي تحتاج لرقابة بأنه انجاز عدلي هو كلام غير صحيح، لانك تعلم ان العالم ليس ضدنا ولا معنا ولكن تسيره المصالح و (سياسة العصا والجزرة) وليس رفع اسمنا من قائمة ما او ادراجه فيها بمقياس ولكن المقياس هو ما يجري في ارض الواقع او ما تبقى منها. وتحقيق انجاز جزئي (ان صح تحقيقه) لا ينفي وجود الظلم في السودان بشكل لم يسبق له مثيل ولا زال الوقت مبكرا جدا عن الحديث عن انجازات وتجميل الواقع فالمصيبة اكبرمن ذلك بكثير.
    فالمتوقع منك كصحفي تكتب كلاما انت مسؤول امام الله منه ان تقيس بما يجري في ارض الواقع ولا اعتقد ان معرفة الظلم والفساد في السودان (دولة التوجه الحضاري اللا اسلامي) يحتاج الى كبير اجتهاد او بصيرة.

    فيا اخي: بالرغم ان مقالك به جزء من الحقيقة ولكن الاجدى ان تقول الحق كاملا او لتصمت ولكن اياك وقلب الحقائق لتجميل الظلم. اللهم الا إذا كنت منهم اعاذنا الله واياك والذي يقبل توبة عباده.

    الاخ الحبيب المعلق كمال دفع الله-القضارف
    الاية;( ُقلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )
    [الزمر : 9]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..