زراعة الجوع فى السودان كتاب يجب أن يقرأه الثوار و قوى قحت والعسكر
محمد يوسف وردي

لو كان الامر بيدى لأصدرت قرارا يلزم كل من يريد ان يمارس السياسة فى بلادنا قراءة كتاب ( زراعة الجوع فى السودان ) تأليف الدكتور تيسير محمد احمد من الغلاف للغلاف وتسميعه للجيران والحلة قبل الخوض فى وحل ساس يسوس .. ليت ثوارنا عقدوا له حلقات نقاش ابان مليونياتهم عندما بدا واضحا ان مندوبى التفاوض مع العسكر لم يتعلموا دروس التاريخ ، وعندما اطلت المحاصصة الحزبية وسياسة شيلنى واشيلك مع تشكيل الحكومة الانتقالية ، وعندما تم تخريب الثورة واستبدال أهدافها بأجندات ما انزل الله بها من سلطان .و ليتهم سلطوا أنواره الكاشفة على ساحة الاعتصام امام القيادة ، ليتهم لحنوا كلماته على إيقاع التم تم وصدحوا بها بدلا عن أهازيج دسيس مان ، لو انهم تغدوا بالتفاصيل التى حملها الكتاب لما سمحوا للذئب ان يتعشى بثورتهم بعدما حولها لأنثى الثور ، لو انهم استرشدوا بالفنارات المبثوثة فى كل صفحة من الكتاب لفتحت اعينهم مثل الفنجان لكى على يتفادوا وقائع خيبة جيل الآباء المرعبة ولكى يتجنبوا المشى فى ذات سكة الفشل .. وربما كانت قادتهم لخلخلة بنية وعى قريعتى راحت صاحبة اليد الطولى فى وأد و اجهاض احلام التغيير و تحويل ثورات السودان الممتلئة عنفوانا الى ثورات ناقصة.
هذا كتاب لا مثيل له فى المكتبة السودانية وان شئت الدقة لم تقع عينى على كتاب غيره قام بتحليل الطبقات الاجتماعية والدولة مرورا بالدولة الكولولنيالية الى دولة ما بعد الاستقلال على نحو غير مسبوق ، و تتبع جذور الأزمة التى أوقعت غالبية اهل السودان فى شرك المجاعة والحرمان المادى ، .
زراعة الجوع عمل ضخم يهتك اسرار الماضى و يفصل بالأرقام كيف امسك اصحاب المصالح من الأرستقراطية الدينية و المدنيين والعسكريين بقرون بقرة السودان وحلبوها وحدهم تاركين الريف العريض بزراعه وعماله يرزح فى جهله ومرضه وجوعه المستمر . ويكشف ايضا كيف سد المنتفعون الطرق امام ابناء السودان المخلصين وهمشوهم حتى لا يساهموا فى البناء الوطني.
يركز الكتاب على سياسات التنمية بخاصة الزراعية التى انتهجتها الحكومات المتعاقبة وانتهت الى الفشل ، لان الأحزاب الحاكمة والطبقة السياسية المسيطرة على كراسى الحكم طوال فترة ما بعد الاستقلال عجزت عن طرح برامج سياسية واضحة ومحددة او اية فلسفة واضحة لطرق الإنتاج وملكية أدوات الإنتاج علاوة على اعتماد البيروقراطية السودانية على الممارسات والتوجهات الموروثة تاريخيا من الادارة الكولونيالية.
وليتهم فعلوا ذلك لتحقيق طفرة ووفرة فى اقتصاد البلد وزراعته وصناعته … لم ينجزوا شيئا لان كل سياساتهم سارت بلا هدف او خطة او استراتيجية.
وحسب تيسير : فان القيادات السابقة لمؤتمر الخريجين و التى قامت بتكوين الأحزاب التى لم تعتمد على اى جهد فعال فى كسب تاييد جماهير الشعب من خلال التصدي لأحلامها وتطلعاتها، ” ولدت هذه الأحزاب وترعرعت فى احضان الأرستقراطية الدينية، التى منحتها ليس الدعم المالى ، بل وهذا هو الاهم منحتها بحكم مكانتها الدينية الكبيرة تاييد انصارها واتباعها الذين يشكلون معظم سكان السودان ، فالحزبان الرئيسيان اللذان تكونا فى منتصف الأربعينات لم تكن لهما اية برامج سياسية محددة كما انهما لم يكونا يقومان بجمع اى اشتراكات منتظمة من الأعضاء ، وفيما يتعلق بمصادر تمويلها فقد كانا يعتمدان على تبرعات الأرستقراطية الدينية ومساهمات البرجوازية الزراعية والتجارية المحلية وعلى المساعدات الأجنبية احيانا ”
لقد كانت الأحزاب الرئيسية تتميز عن بعضها فقط فى بعض المصالح الاقتصادية الضيقة وفى الأسلوب والخصوصيات الصغيرة اكثر من اية اختلافات أيدولوجية متناقضة و محددة، فكل من الحزبين كانت تسيطر عليه فئة راسمالية معينة وما يجمعهما معا اكثر مما يجمعهما مع جماهير الشعب .
ويستطرد تيسير : ” اما فئة برجوازية الدولة التى تم اختيارها من بين القيادات السابقة لمؤتمر الخريجين لم تقم فقط بتنظيم هذه الأحزاب بل قامت بملأ مقاعد لجانها التنفيذية ، والأخيرة كانت تقوم بدور اخر .. فموظفو الدولة بحكم تدريبهم المهنى وإتقانهم للغة الانجليزية بالاضافة الى معرفتهم بطرق حياة الإداريين البريطانيين ، قبل ذلك كانوا قد وجدوا ثقة الأرستقراطية الدينية عندما استخدمتهم كإداريين وفنيين و مستشارين لمؤسساتها الاقتصادية . لذلك فان تكوين هذه الأحزاب فى تلك الفترة المبكرة يبدو اشبه بتكوين مؤسسات اقتصادية اكثر من كونها مؤسسات للمشاركة الشعبية والتحرر الوطنى. و تبعا له لم يكن دور هذه الأحزاب فى تحقيق الاستقلال اكثر من قناة توصيل لقرارات كانت تتخذ فى مكان اخر. فرض الاستقلال قبل ان يكون هناك وجود لطبقة حاكمة متماسكة بل مجموعة فئات طبقية مفككة كل منها كانت عاجزة عن فرص سيطرتها على السلطة والفئات الاخرى ”
أسئلة حارقة يطرحها الكتاب :
أسئلة حقيقية و عميقة، لماذا كانت أنظمة الحكم البرلمانية المتعاقبة عاجزة عن اعداد وصياغة اى خطة اقتصادية واجتماعية.
بماذا نفسر ان كل الخطط الاقتصادية التى شهدتها فترة مابعد الاستقلال قد قامت بإعدادها وصياغتها أنظمة عسكرية
ولماذا ظلت أهداف السياسات الكولونيالية وطرقها الاساسية مستمرة فى محتوى كل خطط ما بعد الاستقلال
لماذا لم تكن هناك اى محاولة لاعادة صياغة الاقتصاد الوطني عن طريق تغيير أنماط الإنتاج وإعادة تنظيم و ترتيب الملكية وإعادة تخصيص وتوزيع الفائض الاقتصادي
لماذا لم يتأسس نموذج جديد للتراكم رغم تغيير الأنظمة السياسية بشكل متكرر
و يفسر تيسيرا : لقد ظلت سياسات الدولة فى السودان ثابتة دون تغيير طوال فترة مابعد الاستقلال . انتهجت الخطط الاقتصادية لدولة ما بعد الاستقلال نهج الحكم الكولونيالي فى الاستيلاء على الفائض الاقتصادى المتولد من إضطهاد المزارعين و نشاطاتهم الإنتاجية الزراعية.
وهذه الوضعية تعني عدم قدرة القوى المهيمنة طوال هذه الفترة على مواجهة الدولتية السلطوية
وكل ما يرتبط بها من تدهور في المشاركة الديمقراطية الحقيقية وحقوق الانسان الاساسية، فقط الهيئة الطبقية لم تتغير كثيرا ، والأشكال الديمقراطية احتاجتها البرجوازية السودانية فقط فى فترة الانتقال الى الاستقلال وبعد ذلك اصبح الغطاء الديمقراطى غير ملائم ولا بد من خلعه وعودة جهاز الدولة الى طبيعته القمعية الكولونيالية.
اما الأرستقراطية الدينية و مجموعات الرأسماليين المحليين الذين عملوا فى مجالات الزراعة والتمويل والتجارة بالاضافة الى عناصر المتعلمين السودانيين فقد قامت بتشكيل القوى المهيمنة التى حققت الاستقلال وسيطرت على دولة ما بعد الاستقلال.
ويتابع المؤلف : صعود طبقة أرستقراطية دينية قوية نسبيا وطبقة برجوازية محلية مفككة ضعيفة اقتصاديا ومنقسمة على نفسها نتيجة للمصالح المتناقضة ومطوقة برأس المال الأجنبي ، أوجه الضعف والقصور لا تميز البرجوازية المحلية فقط بل كل القوى المهيمنة ، ولذلك ظلت تلعب دورا كبيرا فى تعميق وتفاقم التناقضات الداخلية وسط طبقات و فئات هذه القوى الطبقية المهيمنة، ومع ازمة التراكم الرأسمالي ، يخضع الاقتصاد لسيطرة ونفوذ راس مال اجنبى يرتبط بحالة من عدم الاستقرار ناتجة بشكل اساسى من تقلبات أسعار السلع الأولية فى السوق العالمى ، ما جعل مجمل هذا الضعف الهيكلى فى التشكيلة الوطنية السودانية ينعكس فى دولة ما بعد الاستقلال فى تركيب فئاتها وأحزابها الحاكمة.
و طبقا لتيسير فقد مثل سقوط النظام العسكرى الاول بداية مرحلة جديدة فى تاريخ التشكيلة الاجتماعية السودانية ، تميزت باشتداد الصراع بين القوى الاجتماعية المختلفة وبشكل مفتوح ، فمنذ اليوم الاول للإضراب السياسى العام ، قدم المحامون والأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات الذين استطاعوا تعطيل نشاط جهاز الدولة بكفاءة وحماس ملحوظين ، قاموا بتكوين جبهات الهيئات التى ضمت كل تنظيمات الموظفين والمهنيين فى القطر . ولكن رغم المظاهرات الشعبية ومواكبهم الصاخبة كان المهنيون يشعرون بضعف قاعدتهم الاجتماعية ولذلك فتحوا الطريق الطريق لتنظيمات العمال والمزارعين لدخول جبهة الهيئات. وما ان بدات الجبهة مفاوضاتها مع القوات المسلحة لارجاع العسكريين الى ثكناتهم حتى تسارعت احزاب الامة والوطني الاتحادى والشيوعي والإخوان المسلمين الى تكوين الجبهة القومية للأحزاب السياسية لتشارك جبهة الهيئات فى مفاوضاتها . وقبل نهاية اكتوبر توصلت الجبهتان الى تكوين حكومة وطنية من رئيس وزراء وستة وزراء من جبهة الهيئات ووزير واحد لكل حزب من الأحزاب المذكورة ، و شملت الحكومة لاول مرة وزيرا لكل من العمال والمزارعين… وتحت ضغط المظاهرات والمواكب الشعبية قامت الحكومة الجديدة بإصدار عدة قرارات وقامت بتطهير واسعة فى الجيش و الخدمة المدنية شملت الذين تعاونوا مع الحكم العسكرى السابق والمتورطين فى قضايا الفساد .. وكونت لجنة للتحقيق فى الظروف والقوى التى كانت وراء انقلاب 1958″
ولكن حسب تيسير ” لم تستمر رياح التغيير طويلا ولم تكن قادرة على اجراء اى تغيير ملموس فى الحياة السياسية السودانية.. و نتيجة لقلقها وانزعاجها من التكوين الجديد وتوجهاته السياسية
وتمثيلها الضعيف فى الحكومة الجديدة ، طالبت البرجوازية التقليدية بتكوين حكومة جديدة ” تمثل الرغبات الحقيقية للشعب السودانى ، وبإجراء انتخابات سريعة ، رغم انها هى التى تسببت فى استلام العسكريين للسلطة عام 1958. وذلك تحت شعار المصلحة الوطنية العليا . وقامت الأرستقراطية الدينية باستعراض عضلاتها بشكل مكشوف ، حيث تدفق الى داخل العاصمة عشرات الالاف من أنصار حزب الامة فى غرب ووسط البلاد ،وظلوا يطوفون شوارع الخرطوم بحرابهم وينشدون اناشيد الحرب المهدوية، فى محاولة واضحة للضغط على قوى جبهة الهيئات وتحقيق المطالب المذكورة. وفى مواجهة هذا التهديد الواضح من قبل القوى التقليدية ، ونتيجة لتطهير اعداد كبيرة من الموظفين بدأت الجبهة تفقد وحدتها و تماسكها ، فقام رئيس الوزراء بحل الحكومة وفتح الطريق لتكوين حكومة جديدة، وقبل تعيينه سفيرا فى وزارة الخارجية.
وهكذا بعد سبعة شهور فقط من سقوط الحكومة العسكرية ، وفى أعقاب الانتخابات التى جرت فى صيف 1965 “ رجع السودان الى أوضاعه القديمة المعروفة بالتغييرات الوزارية المتكررة ومشاكل الجمعية التأسيسية والتحالفات السياسية وسقوط الحكومات و تمسكها بكراسي الحكم وإشاعات التحالفات والاندماجات الحزبية والنزاعات الحادة. نزاعات حول قضايا تافهة وليست حول القضايا الهامة، والأحزاب الكبيرة ظلت تتلاعب بالحكم فيما بينها ، وذلك لان افكارها حول الاقتصاد والعلاقات الخارجية ومشكلة الجنوب ظلت رغم مرور السنين الطويلة كما هى دون تغيير “.
اذا حالفك الحظ وقرأت هذا الكتاب ، واوصلك دعاء الوالدين لاخر صفحة فيه ، بلا جمجمة تنفجر او ارتفاع فى الضغط ، احمد الله وش و ضهر وتأكد ان المطبات التى تواجه الحكم الانتقالي الحالى – والمنقولة حرفيا عن طريق ” كوبى وبيست ” من صفحات الآباء – لا تحدث لان السودانيين يحبون الماضى حبا جما ولا يثقون فى رؤى المستقبل ، بل لان ذات القوى صاحبة المصلحة لا تريد التغيير غير الذى يحقق رغباتها دون غيرها !!
محمد يوسف وردي
كلام عادي هسه ممكن أرص ليك صفحتين فيها تفاصيل أكتر من كدا!
مشكلتكم ما عندكم طب اسنان .يعني استهلك سنوني واعالجها كيف ابيع الوراي والقدامي .
انتو تبع الفراعنة والاحباش .البياكلكم مين .البيمينكم ديل بياكلوكم بلخ المدينة بس .ههههههههههههه
انت خايف مالك يا استاذ محمد من مواجهه الحقيقه ، ما تخش في الموضوع عديل و تقول انو كان في عنصريه و جهويه من الناس اللي استلموا البلد من اول يوم من الانجليز و اللي كانوا يرصدون أموال الدوله و ثرواتها بصوره مغننه الي جهات بعينها دون الاخري و يتعمدون تجهيل مناطق بعينها و حرمانها من ميزانيتها التنموية و تكديسها في جهات بعينه مع تلاعب في اداره الإحصاء و التي تعتمد عليها توزيع الميزانيات التنموية و تقسيم دواير الانتخابية و كل ذلك من اجل حرمان جهات بعينها من دخول في دواير صنع القرار بحيث انهم كانوا يكثرون الدوائر الانتخابية عمدًا في أماكن معروفه بقله سكانها لكنها كانت الجهات المرغوبة لديهم و يقللون الدوائر في الجهات التي لا يرغبونها مع كثره عدد سكانها ، ثم بعد ذلك يتم توزيع الاموال علي عدد الدوائر الجغرافيه بظلم واضح ، و مع ذلك هناك وزارات و سلطات كانت شبه محجورزه لجهات بعينها و كل من يعارض هذه التقسيمات يتم محاربته بشده في رزقه حتي يغادر او يقتل ، حتي كل وسائل التنميه من طرق قوميه و لاييه و خطوط امداد كهرباء و مشاريع منتجه كلها مركزه في الجهات المرغوبة بما فيها المؤسسات التعليمية بشكل مفضوح بجانب البعثات التعليمية للخارج كلها مرتكزه بين أصناف بعينها و كل المؤسسات الخدميه أيضا مفضوحه ، و كل من يجرء يتحدث عن ذلك يرجموه بالجهوية و العنصريه و يرهبوه لكي يسكت و لا لاحقوه حتي يدمروه تماما . انا اري السبب الأساسي في تخلف السودان الحسد السياسي و العنصريه و الجهويه و القبلية و الشلليه و عدم الموسسيه و التفلت من العقاب .
ما مسكو السودان ناسكم من اول انتخابات وعبد الرحمن المهدي من وين؟
وبعدين أقاليم الشمال دي زراعية ومافي حكومة دعمتها، لكن ناسكم بتاعين نهب وسلب ودي عاداتكم وسبب تخلفكم. ومنو الدرس في جامعة الخرطوم غيركم يا كرور.