كلهم هذا الرجل ..!

«لا تنعقد محكمة الضمير إلا نادراً لغياب القاضي» .. مفيد فوزي!
(1)
المجلس الوطني الذي ظل يشكو دهراً من الترهل لبعده عن اللياقة الديمقراطية في ألعاب القوى السياسية، قرر قبل فترة ? وبوازع من التظاهرات السياسية التي أحيتها الثورات العربية ? أن يدخل الملعب، ليس شيئاً، فشيئاً، بل على طريقة القفز بالزانة، وبلا مرونة أو لياقة تذكر .. لذا وعوضاً عن طعن الفيل انشغل بقضايا الظل .. فأصبحت الصحف ساحة لمعارك هو فيها دون كيشوت أما طواحين الهواء فحدث ولا حرج! .. الفارق بين مواقف رئيس المجلس الوطني وقادة حزب المؤتمر الوطني كان لا يُعتد به (إلى أن أمسكت بعض الثورات العربية ? أثابها الله! ? بأكتاف الحكومات وهزتها هزاً، فتفاوتت ردود أفعالها ما بين قبول الإصلاح أو التظاهر بالقبول، حتى يطير الدخان) فأصبح لا يعتد به ..!
(2)
حضور المعارضة السودانية في المسرح السياسي ? من يومه – مثل حضور الكابتن هاستنغز، صديق المخبر السري، بوارو، في روايات أجاثا كريستي (لست بحاجة إلى أن تكون من قراء الروايات البوليسية حتى تؤمِّن على أنه مثل قلَّته!) .. الصراحة تقتضي ? أيضاً ? أن نقول عن قناعة الشعب السوداني علاقة الفكر السياسي بسلوك النخب الحزبية في السودان إنها تختلف باختلاف نسبة خضوع الثابت الفكري لدورة المتغير (العمري) في سلوك القادة.. لأجل هذا كانت أحزابنا السياسية، وما تزال مسرحاً للرجل الواحد ..!
(3)
الخطاب السياسي الداخلي في الدول الديمقراطية أكثر إرهاقاً للحكومات من الخطاب الخارجي، فالهدف هو المحافظة على استقرار شعور «الناخب» و»دافع الضرائب» بالرضا عن مشاريع الدولة .. وهنا تكمن خطورة فن «صناعة الرأي» من خلال مخاطبة (لا وعي) المواطن عبر وسائل الإعلام .. بإمكان الإعلام المرئي في السودان أن يتبنى دور المحكِّم القومي بين مختلف الفئات والجهات، لكن تبقى أمزجة الحكام، وذائقة الفئات العرقية المهيمنة ثقافياً العائق الأكبر في نجاح التلفزيون في تقديم صورة منصفة للهوية القومية التي لا تعني أكثر من سلام قومي ..!
(4)
التظاهر ضد الحكومة مثلث قوامه مواطن فاعل .. ونظام حاكم مفعول ضده .. ووطن مفعول لأجله .. أما الأول فيعيش مأزق أيدلوجية وإعادة صياغة .. وأما الثاني فمصاب سرطان الدولة الجديدة فإما أن يموت وإما أن ينجح في استئصال أورامه وفي كل الأحوال صورته الراهنة إلى زوال .. وأما الثالث فيحتاجنا كما لم يكن من قبل .. يحتاج وقفتنا كي نعبر به مزالق الانقسام ومهالك التشرذم .. نحن لسنا تونس وإن كنا معها .. لسنا مصر وإن كنا قربها ..!
الراي العام
أناغريق كتاباتك تشعرني وكأني أتنفس هواء الحرية ولكني سرعان ما أفيق حتى لأكادإختنق فدعيني وشأني أرجوك.