أخبار السودان

تعود جذورهما لليمن وعاشا بوجدان سوداني شفيف الطيب عبد الله وناجي القدسي.. كيمياء التشابه الغريب

كتب: سراج الدين مصطفى

(1)

الفنان المطرب الأستاذ الطيب عبد الله اسمه الكامل الطيب عبد الله أحمد الذبحاني مواليد مدينة شندي 1941شمال الخرطوم، وهو مطرب وشاعر وملحن سوداني من أصل يماني مشهور ذاع صيته وبزغ نجمه عالياً منذ بداياته الأولى في الستينيات في سماء الطرب إبان العصر الذهبي للغناء والفن السوداني.. اشتهر الأستاذ الطيب عبد الله بعذوبة صوته ذي الطابع الحزين وتمكنه من امتلاك القرار والجواب في الأداء الغنائي وانتقاء الكلمات الرقيقة البالغة الحساسية. وأجمع الكثيرون من معجبيه بأنه فنان استماع بالدرجة الأولى.

 

 

(2)

نشأ وترعرع في مدينة شندي لأسرة لأب يماني- المرحوم عبد الله أحمد الذبحاني- كان تاجراً وقد قدم من اليمن من لواء تعز من قبيلة ذبحان من منطقة التربة الحجرية المعروفة ليستقر في مدينة شندي بالسودان في أوائل العشرينيات، شارك للمرة الاولى بوصلة غنائية في حفل بمسرح السينيما بمدينة شندي في أوائل الستينيات، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يراه مسؤولون كبار من لجنة إجازة الأصوات حضروا من إذاعة أمدرمان بالخرطوم وأبدوا إعجابهم الشديد به، ودعوه للحضور إلى إذاعة أمدرمان بالخرطوم. اهتم به أحد كبار رجال الدولة والسياسة في الحكومة السودانية آنذاك وهو الدكتور إدريس البنا الذي كان رئيساً لمجلس رأس الدولة في منتصف الثمانينيات.

(3)

الفنان الكبير الطيب عبد الله فرض مدرسته الغنائية ذات الحزن الخاص، وأصبح في زمان ما هو الناطق الرسمي باسم كل الحزانى والعاشاق، أغنياته كانت تعبيراً حقيقياً عن صدق الشعور واحتشاد العاطفة البريئة في أغنياته التي كانت تعبر عن تجاربه الشخصية في الحياة، وذلك الصدق واقعيته كانت سبباً في أن تكون كل أغنياته جزءاً من الحياة اليومية السودانية، وحزاينية الطيب عبد الله أكثر ما تتضح في أغنيته الكبيرة “السنين” ويتجلى في “يا غالية يا نبع الحنان”، ويمتد إلى “فتاتي”، ولكن غياب الطيب عبد الله الطويل عن أرض الوطن جعل غنائيته في حدود ضيقة ولا تجد مثل ذلك الانتشار القديم. والطيب عبد الله الذي يتواجد الأن بمدينة جدة من أصول يمنية حيث أن والدته سودانية ووالده يمني.

(4)

يعد الموسيقار ناجي القدسي من أهم عباقرة الموسيقى السودانية.. كما يعد صاحب بصمة خاصة في التراث الموسيقي السوداني بشكل خاص وتراث السلم الموسيقي الخماسي بشكل عام.. وأثره على الوجدان السوداني والأفريقي شديد العمق منذ بدأ رحلته الفنية أوائل ستينيات القرن العشرين، من خلال ألحانه المميزة التي تعبر عن مشروع موسيقي اجترحه بوعي واشتغل عليه بإمعان.. وأمتع الناس به.. وقدم عبره تراثاً جعله موضع تقدير السودانيين جميعاً.

 

(5)

عاش الموسيقار الموجوع دفيناً مع عبقريته في ظلام الأزمة والعزلة والحصار غير المفسر الذي ضرب عليه.. فقد تحاشت حناجر المطربين ألحانه… وأدى هذا إلى تأزم علاقاته بكل من حوله… وظل عذابه يتفاقم حتى أصابه اليأس من أي انفراج فغادر السودان نهاية عام 1976م إلى السعودية… حيث عاش هناك متنقلاً بين العمل في مكتبات شارع الجامعة، وشركة تهامة للدعاية والإعلان… وقدم أثناء ذلك للفنان الكبير محمد عبده لحن (دعوا الوشاة) من شعر البهاء زهير، وسجل هو لإذاعة جدة بمصاحبة أوركسترا الإذاعة عملين موسيقيين هما (ليالي جدة) و(ليالي بحري) إضافة إلى لحن (غبت عني فما الخبر) من شعر البهاء زهير.. أداه بصوته.

(6)

نهاية سنة 1980م عاد الموسيقار ناجي القدسي إلى السودان حيث التقى بالفنان الظاهرة مصطفى سيد أحمد وقدم له ألحانه الثلاثة العظيمة التي كان قد أنجزها بين 1970-1971م وهي (مهما هم تأخروا أو أجراس العودة) و(تراتيل) و(وين خمايلك يا بنفسج)، وحاول وقتها محاولته الأولى والأخيرة لبناء أسرة.. حين أقدم على الخطوبة… وكان وقتها قد بلغ سن السابعة والثلاثين من عمره.. ولكن الفشل كان نصيب خطوبته تلك.. إذ لم يكن دافعه إليها ذاتياً بقدر ما كان استجابة لإلحاح أسرته..

(7)

الموسيقار يوسف الموصلي قال إن أغنيته “الأماني السندسية” كانت من وحي لحن أغنية “الساقية” وما قاله الموصلي اعتراف عظيم من موسيقي عظيم في حق موسيقار الأجيال ناجي القدسي، وقائمة الأغنيات التي لحنها القدسي تحكي عن عبقريته الموسيقية المتجاوزة، وأغنيات مثل جسمي انتحل ـ سلم بعيونك ـ أحلى منك ـ ود تكتوك  وخليتني ليه عشت الشقا هي نماذج تؤكد على قدراته المدهشة في التلحين ومعرفته بالمزاج السوداني، ولكن غياب ناجي القدسي الطويل في اليمن ساهم في أن تكون كل أغنياته الجديدة بعيدة وغير قادرة على الوصول بعكس أيام وجوده، ولكن ناجي يعاني الظلم من المسئولين في توفير حياة بسيطة له حتى يقدم ما عنده من ألحان. وناجي القدسي كما معروف أصوله من أرض اليمن عاش فيها حتى توفاه الله قبل أيام.

الصيحة

‫3 تعليقات

  1. اتعجب واستغرب منك يا كاتب المقال , هل لديك مشكلة ما مع الراحل المقيم الفنان الانسان حمد الريح ؟ يااخي من اساسيات الكتابة هو ذكر المعلومة كاملة من غير نقصان . هل من المعقول ان يتكلم انسان سوداني عن ناجي القدسي من غير ذكر حمد الريح؟ وهل الميول الشخصية لفنان ما والاعجاب بفنان اخر يعطيك الحق فى ان تنقص من قدر واحد من جيل الرواد فى الفن السوداني . الى متي تظل هذه النظرة القبيحة لدينا كسودانيين , الانتقاد ثم الانتقاد الجارح الذي يصل الى درجة الاساءة والتجاهل . اذا كنت لاتحب اغاني حمد فهذا شأن يخصك وحدك ونقص واضح فى ذوقك الفني لانك لست موسيقار معروف اوفنان حتي تقيم ولكن عليك ان تعرف ان حمد الريح لديه عشرات الالاف وربما الملايين على مستوي السودان وبعض الدول الافريقية . وعلى فكرة فى مصر القريبه هناك من لايحب الاستماع الى ام كلثوم او عبد الحليم ولكن لا يوجد مصري واحد يستطيع الاسلءة او التجاهل لان الكثير يعتبرهم من رموز الفن المصري وان اختلفت الاراء والاذواق . اتمني ان لا اكون قد ظلمتك بهذه الكلمات ولكن طريقة سياقك للموضوع هي من دفعتني لذلك .. رحم الله ناجي القدسي و حمد الريح ومصطفي واسكنهم فسيح جناته.
    ملحوظة : ناجي القدسي توفي من سنوات ربما تصل الى اكثر من ثمان وليس قبل ايام كما ذكرت

  2. سمعت مرة الطيب عبدالله يتحدث عن اصوله اليمنية بتعالي وكانه من كوكب اخر. كاتب المقال ايضا يحدثنا بإنبهار وببلاهة مملة عن والد الطيب اليمني وكانه ولي من اولياء اللله الصالحين، انها عقدة الذوبان في الآ خر.كل هذا مع تغييب كامل لوالدة الفنان السودانية ، اسمها واهلها الخ. المفارقة هي لو قدر للطيب عبدالله ان يعيش في اليمن لما سمع به احد.

    1. اتفق معك تماما” فى ان الطيب عبدالله اذا عاش فى اليمن لما سمع به احد واكبر دليل على ذلك وبحكم معرفتي بعدد كبير من اليمنيين فى المملكة انهم لم يسمعوا ابدا” بموسيقار اسمه ناجي القدسي لذلك لولا انهما عاشا فى السودان وفي فترة تعتبر هي الاجمل فى تاريخ الثقافة والفن لما سمع بهما احد وهذا طبعا” لا ينقص من قدرهما فى شئ فكلاهما الطيب وناجي مبدعان للحد البعيد . اتمني ان يكون لهذا المقال جزء ثاني للحديث عن ناجي القدسي والطيب عبدالله سودانيي الميلاد..النشاءة..والاهل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..