الرفع الذي يأتي بسيرة الرفع..!

معروف للجميع أن سياسة رفع الدعم عن السلع الرئيسية هي برنامج معلن ومطبق عملياً وقد سلمنا أمرنا لله وتحملنا منذ سنوات مرغمين قدراً موجعاً من جرعاته التي من المفترض أنها جرعات تدريجية..
وقبل رفع العقوبات بأيام كان السيد وزير المالية الفريق الركابي قد أكد أن أي حديث عن وجود رفع دعم في موازنة العام 2018 هو (حديث سابق لأوانه) وأن رفع الدعم من السياسات التي يتم تنفيذها بصورة تدريجية.
وبعد ذلك بأيام وتحديداً بعد أسبوعين من رفع العقوبات الأمريكية أعلنت وزارة المالية عن إيداع مشروع موازنة العام 2018م، منضدة البرلمان أوائل ديسمبر القادم، ولم يستبعد الوزير الركابي هذه المرة أن تشتمل الموازنة على رفع دعم تدريجي عن السلع .
لكن الركابي نفسه وبعد أسبوعين آخرين من تصريحه الذي كان يحتفظ فيه بمفردة (تدريجي) ولا يقطع بشمول الميزانية لقرارات رفع دعم عاد وطالب أول أمس، برفع الدعم عن الدقيق كلياً وأكد أنه لا سبيل لمعالجة أزمة الخبز إلا عبر تحرير هذه السلعة بالكامل..
غابت مفردة (تدريجي) عن لسان الركابي مما يعني أن الرفع القادم سيكون رفعاً كاملاً لما تبقى من دعم للقمح .. لقد غابت كلمة تدريجي وحلت (كلياً) محلها بعد حذفها، لكن لم تغب عن لسان الوزير العبارة الحكومية المتوارثة وغير الصادقة تلك (إعادة توجيه الدعم لمستحقيه)..
يا سيدي يا وزير المالية المحترم، كان عليك أن تحذف هذه العبارة أيضاً وبشكل نهائي لأن المواطن السوداني لا يحتفظ بـ(قنبور) في رأسه حتى يصدق حكاية إعادة توجيه الدعم وهو الذي ظل يناول المرفوعات من الدعم ولا ينتظر منها شيئاً لن تقدمه أصلاً.. أي (إعادة توجيه) تلك التي تتحدث عنها وزارة المالية؟.. ارفعوا ما تبقى من الدعم عن القمح دون أن تبحثوا عن تبريرات لذلك فقد جربنا نتائج المراحل السابقة من برنامج رفع الدعم الحكومي ولم يتبق من الدعم أصلاً ما يستدعي البحث عن مبررات من شاكلة منع تسريب وتهريب الدقيق أو الحرص على توجيه الدعم لمستحقيه، فالحقيقة تقول إن الحكومة تريد تقليل الإنفاق وتوفير ما تدفعه في بند دعم الخبز والوقود.. هذا هو السبب الرئيسي وهو يتقاطع كلياً مع فكرة إعادة توجيه الدعم لأن إعادة توجيه الدعم تعني دفع نفس المبلغ لكن بصورة موجهة لمن يستحق.
كنا نعتقد أن وزارة المالية يمكن أن تتفادى في هذه المرحلة اتخاذ خطوات طاحنة من شاكلة رفع الدعم عن الخبز.. كنا نتخيل أن تقليل الإنفاق الحكومي ليس متوقفاً الآن عند محطة خبز الحياة.. وكنا نظن ونأمل بل نتفاءل بمفردة (الرفع) التي تعبأت فينا بمعنى الانفراج في أدبيات رفع العقوبات خلال الأيام الماضية لكن يبدو أنه موسم الرفع الذي يستدعي حروفه ويأتي بسيرة رفع الدعم..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

اليوم التالى