الخطوط الحمراء..اا

تراســـيم..

الخطوط الحمراء!!

عبد الباقي الظافر

فوجئ شباب ميدان التحرير بالمخابرات المصرية تعتقل صديقهم الصحفي الأجنبي.. ايفران غرين قدم لهم نفسه باعتباره صحفياً أجنبياً متعاطفاً مع نبض الشارع الصحفي المطالب بالحرية والتغيير.. (الخواجة) غرين كان كريماً جواداً.. يتصدق على المعتصمين بالابتسامات ويشاطرهم الطعام ويحثهم على التصدي للشرطة الباطشة.. ثم يذهب مع أفواج العابدين إلى مسجد سيدي الحسين.. وأحياناً أخرى يقف مع قبط مصر حاثاً إياهم على رفع صوتهم في أيام الثورة.. أخيراً تم اتهام الزائر الأجنبي بأنه جاسوس إسرائيلي يمارس المهنة تحت غطاء الصحافة. أمس الأول نشرت الزميلة المحرر (منشيتاً) يتهم مجموعة من الصحافيين بتلقي مرتبات من السفارة الإيرانية بالخرطوم.. الصحيفة المتحدثة باسم الجماعة السلفية أكدت أن ثمانية صحفيين حددت أسماءهم بالأحرف الأولى هم من زبائن السفارة الإيرانية بالخرطوم.. مضى الخبر مثل الطيف.. اتحاد الصحفيين لم يصدر بياناً.. الأجهزة الأمنية لم تطلب توضيحاً. في ذات اليوم الأسود كان والي القضارف يتهم صحفياً حدده بالاسم بالابتزاز.. الصحافي في رواية كرم الله كان يشارك معه بهمة في حملته الانتخابية.. بعد انجلاء المعركة طلب زميلنا المبجل حقه نقداً من الخزينة العامة عبر إنشاء مركز إنتاج إعلامي. الدكتور عبدالحليم المتعافي وزير الزراعة قدم اتهاماً مبهماً للصحافة.. المتعافي الذي ينشط في التجارة والسياسة قال: (هم عارفين وأنا عارف) ثم سكت عن الكلام المباح.. قراءة ما بين السطور تؤكد أن الرجل الذي كان يتحدث للزميلة السوداني يرمي الصحافة بالابتزاز والتكسب غير المشروع. من قبل اتهم رئيس البرلمان الصحافة بالتجسس والعمالة.. ومن فرط حساسيتنا وعدم تصديقنا استخدمنا مع مولانا الطاهر فقه الملاعنة.. وفي إحدى المرات اتهمت الحكومة صحافيين بالقبض من منظمات أجنبية.. في وقتها رغم أن الخطب أقل فداحة إلا أن الغضب كان كبيراً.. زملاء مهنتنا كذبوا الاتهام وفي درجة أقل ساقوا المبررات التي تفسر الأمر بأنه من نتائج العوملة. الصحافة تمثل أيسر بطاقة توفر لصاحبها سهولة التجوال الدولي.. أجهزة المخابرات الآن تستقي نحو تسعين بالمائة من معلوماتها من مصادر مفتوحة.. (ثرثرة) وزرائنا على موائد السفارات في إطار الاحتفالات الرسمية كانت مادة دسمة يحتفي بها الدبلوماسيون الأجانب حتى كشفت عنها (ويكليكس). بعد عشرين عاماً من الإنقاذ نكتشف أن (الرشوة) تحتاج إلى قانون جديد حتى تصبح جريمة تراها آلية مكافحة الفساد.. وأن الجاسوسية مسموح بها إلى حين معاودة البرلمان انعقاد الجلسات للبحث عن قانون يكافح التجسس. تنشر صحيفة قائمة من الصحفيين الجواسيس ولا تجد مسئولا يقبل رأسها شاكراً لها حسن الصنيع.. تحدد صحيفة المحرر السفارة الإيرانية بالاسم ولا تصدر السفارة نفياً رسمياً.. تمضي الأسماء وتعانق أعين القراء ولا يفتح الله على اتحاد الصحفيين بكلمة تدين الأمر أو مجرد بلاغ في مخافر الشرطة يتهم الصحيفة بالمبالغة والكذب والافتراء. ليس بعد القبض من السفارات ذنب.. أعيدوا ألوان، وأطلقوا سراح رأي الشعب.

التيار