ستبقى الغالبة وهو المنتصر في النهاية؟

عين على مصر: هل سينحني الشعب المصري ويستكين أمام موجة العنف والارهاب التي يشنها الاخوان المسلمون وهل ستستجيب السلطة الانتقاليه للضغوط التي تمارس عليها من الخارج وتتخلى عن خارطة الطريق أم أن ارادة الشعب
ستبقى الغالبة وهو المنتصر في النهاية؟
بقلم الدكتور محمد مراد
شهدت العاصمه المصريه وكبريات المدن والمحافظات تظاهرات جماهيريه كبيرة الحجم دعى لها وقام بتنظيمها جماعة الاخوان المسلمين تطالب باطلاق سراح الرئيس المعزول محمد مرسي, ةاعادته الى كرسي الرئاسه بحجة العودة الى الشرعيه, المظاهرات التي بدأت في أول الامر سلميه جابت كل شوارع وميادين القاهرة رافعة شعاراتها ومطالبها أمام مؤسسات الدوله وعلى رأسها رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزارة الداخليه والمؤسسات العسكريه ممثلة في الحرس الجمهوري. حيث يعتقد أن الرئيس المعزول معتقل هناك.
تطورت المظاهرات وتصاعدت وتيرتها لتصل الى مستوى الاعتداء على مراكز الشرطة والاعلام , وقفل الشوارع والطرق والكباري, الامر الذي من شأنه أن يعرقل ويعطل حركة الحياة,سواء كان لاجهزة الدولة والمواطنين.
الاشتباك بين المتظاهرين والحرس الجمهوري أمام مبنى قيادة الحرس الجمهوري أمام مبنى قيادة الحرس مما دعى الى سقوط عدد من المتظاهرين يشكل بداية انتقال هامة في طابع المظاهرات من السلميه الى استخدام العنف بكل أشكاله المرفوضة.
في الوقت الذي لم تتوقف فيه المظاهرات في كل مكان, مصحوبة بالعنف والصدام, دعت قيادة الاخوان الى العصيان والاعتصامات في الميادين العامة في كل المدن المصرية. تم الاستجابة للدعوة بسرعة ملحزظة وبصورة محكمة في القاهرةحيث انجزت كل الاستعدادات لاعتصام طويل الاجل في ميدان رابعة العدوية, وميدان النهضة بالقرب من جامعة القاهرة. والتجهيزات التي تمت لم تقتصر على جانب تنظيم الحياة المعيشية والنشاط السياسي السلمي . بل شملت تحصينات عسكرية وأمنيه مما ترتب من الناحيه العسكرية. نستطيع القول أن قيادة الاخوان المسلمين اتخذت من ميدان رابعة والنهضة مركزا تباشر من خلاله قيادة المعركة التي تخطط لها تحت عنوان عودة الرئيس واستعادة الشرعيه, من على المنصة التي شيدت في ميدان رابعة العدوية, زودت بأحدث وسائل الاتصال الالكترونية من مكبرات صوت وادوات تصوير وتسجيل, تحدث قادة الاخوان المسلمين على رأسهم المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر عضو مكتب الارشاد ونائب رئيس حزب الحريه والعداله عصا العريان ومحمد البتالي وغيرهم معلنين بطلان ماتم من اجراءات وقرارات وتدابير بدء من مظاهرة الجماهير التي فاق تعداد المشاركين فيها الثلاثون مليون, تنادي بنزع الشرعيه من الرئيس مرسي وتكوين حكومة انتقاليه تعمل على كتابة دستور تنظم على أساسه انتخابات رئاسية وبرلمانيه في فترة لاتتعدى ال6 أشهر , في ظل مناخ يسوده الامن والاستقرار,يسمح بالمشاركة الجماهيريه الفعليه,جاءت ردود الفعل المؤيدة تطالب الجماهير التي خرجت في الثلاثين من يونيو من قيادة الجيش ممثلا في الفريق عبدالفتاح السيسي وشيخ الازهر احمد الطيب وبابا الكنيسه الارثوذوكسيه الاب تادرس والدكتور محمد البرادعي ممثلا لحركة الانقاذ ثم رئيس حزب النور, الذين أصدروا بيانا أعلنوا فيه خارطة طريق المستقبل التي تمثل برنامج الفترة الانتقاليه التي يتم على أساسها تعيين رئيس مؤقت للجمهورية, وتعيين مجلس وزراء حكومة مؤقته, وقد تم ذلك دون اعتراض الا من جهة الاخوان المسلمين.
كما أسلفنا واعتبر الاخوان المسلمون ماحدث لاعلاقة له بالشرعيه ويمثل انقلابا عسكريا قاده الفريق عبدالفتاح السيسي ويجب مقاومته وافشاله في الوقت الذي بدأت فيه السلطه الجديدة في التكوين بعد تعيين رئيس الجمهورية المؤقت والحكومة ووزارة الداخليه والخارجيه,بدأ الاخوان في تنفيذ خطتهم المعدة سلفا لاجهاض النتائج الاوليه لانتفاضة الثلاثين من يونيو وماترتب عليها , وبدأوا في الفوضى واشعال النيران والصدام مع قوى الامن والشرطه واحراق مؤسسات الدوله والمرافق العامه والخاصة والكنائس , الامر الذي أدى الى ترويع وارهاب المواطنين على الرغم من الخطابات التي وجهها رئيس الجمهوريه السيد عدلي منصور ورئيس الحكومة حازم الببلاوي ,بالكف عن استخدام القوة والتخريب وضرورة الالتزام بالهدؤ والسكينه والمحافظة على أمن البلاد ووحدتها. أبت الجماعه الاستماع والانصياع لصوت العقل والالتزام بالقانون. زاد الاوضاع تأزما وخطورة وساد القلق كل أفراد المجتمع بعد أن أشتعلت جبهة سيناء حيث تكبد الجيش خسائر في أرواح الجنود والضباط على يد الجماعات الارهابيه ذات الصله والارتباط بجماعة الاخوان, أكبر دليل على صحة مانقول التصريح الذي أدلى به محمد البتالي أحد القادة البارزين في تنظيم الاخوان الذي قال, ان الاحوال ستهدأ في سيناء في ثوان معدودات في حالة الاستجابة لما يطالب به التنظيم.
في ضؤ كلما أسلفنا ذكره يتضح فيما لايدع مجالا للشك أن مصر واستقرار أهلها معرض لخطر عظيم وان السلطة الانتقاليه قد مدت حبال الصبر أكثر مما يلزمظو الامر الذي أدى الى تذمر ونفاذ صبر قطاع واسع من الشعب المصري.
اعلان حالة الطواريء وتنفيذ القوانين المصاحبه لها بحزم أمر يتطلبه أمن مصر القومي وسيادتها الوطنيه وفقا للاعراف والمواثيق الدوليه. المشهد المصري في تجلياته وتفاصيله واضح للعيان, المراقبين والمتابعين الذين لهم علاقات ومصالح مع الدوله المصريه.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الصمت وغض الطرف عن السياسات والاجراءات والقرارات والاخطاء الكبيرة التي اتخذها الرئيس المعزول محمد مرسي والتي أدت الى اثارة غضب الملايين من أفراد الشعب المصري؟ الايعلم قادة ورؤساء العالم الحر أوباما وكاميرون وفرانسوا ارورنج وميركلوبقية رؤساء دول الاتحاد الاوروبي ,عندما كان الرئيس المعزول محمد مرسي يسرع الخطى ويكاد يسابق الزمن ليضع خلال عام واحد حجر الاساس والهياكل التي تقوم عليها دولة الاخوان المسلمين المرتقبه والتي تشكل العمود الفقري لحركات الاسلام السياسي في كل العالم العربي؟.
لماذا جاء السيناتور ماكلين والسنتور جراهام الى القاهرة في تلك اللحظة الحرجة من عمر الثورة المصرية, وفي نفس الوقت وقف أوباما خلف الستار يهدد بقطع المساعدات واعادة النظر في العلاقات بين الدولتين, واذا لم تنصاع القيادة في مصر الى تعليماته وتوجيهاته التي لاتسمن ولاتغني من جوع.
السياسة الامريكية حيال الاوضاع في الشرق الاوسط أصبحت مفضوحة وعلاقة الادارة الامريكية بالجماعه في مصر تفاصيلها معلومة ولو لا ذلك لما تمادى مرسي وجماعته في السير على الطريق الذي أختاروه لانفسهم وجلب لهم ولحلفائهم الهزيمه الماحقة. هذا ما آل اليه مصير الطاغيه حسني مبارك بعد أكثر من ثلاثين عاما من الصداقة مع الامريكان.
الملاحظ حسب ماذكره السيناتور ماكلين أن الوفد لايمثل البيت الابيض بل جاء من الكونقرس الامريكي, كذلك لابد من الاشارة الى ماخرج به وزير الخارجيه جون كيري أثناء زيارته للصين عندما أعطى تصريحا لوسائل الاعلام مفاده انما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا بل تغييرا. ومايهمنا في كل تلك التصريحات والاقاويل والاحاديث هو ماتحمله من مضامين يفهم أو يستشف من خلالها عما ترمي اليه الادارة الامريكية وتوجهاتها حيال عملية التغيير التي اطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي والجهاز الحاكم الذي يهيمن ويسيطر عليه تنظيم الاخوان. السناتور ماكلين كان فظا ومتغطرسا فيما أدلى به من حديث وكأنه دوله ناقصة السادة لايعرف المسئولين فيها أصول الحكم والديمقراطيه وبلغ به الصلف الامريكي التحذير بوقوع كارثة دمويه اذا لم يستجاب الى توجهاته التي وقعت بردا وسلاما على قادة الاخوان الذين كانوا يتوقون الى هذا المشهد ويتوقعون حدوثه.
تابعنا كيف استثمرت وسائل الاعلام التابعة والمتعاطفة مع التيار الاسلامي في مصر والعالم العربي وعن رأيها عن قناة الجزيرة, اذا أضفنا الى ماجاء به الوفد الامريكي وماتمخض عن زيارته للنتائج وتضيف زيارة الوفد القطري مالك قناة الجزيرة المروج الاول لأكاذيب الاخوان والمدافع عن العنف والارهاب الذي يمارسونه والجرائم التي ارتكبوها.
في تقديري أن المسولين في الحكومة الانتقاليه ارتكبوا خطأ جسيما بفتح الباب على مصراعيه لتلك الوفود أن تفعل ماتريد فعله دون الاتفاق على برنامج الزيارة ووضع الضوابط التي تحكم تفاصيل التنفيذ ثم تقييم النتائج من قبل الطرفين بما يتطلبه العرف الدبلوماسي والسادة في بلدان العالم.
يضاف الى ذلك أن مصر تعيش وضعا استثنائيا , وأمنها القومي مهدد وينذر بصدام مسلح يلوح في الافق, واذا سلمنا جدلا أن هدف الوفد الامريكي الزائر التوسط لفض الاشتباك بين الطرفين السلطة الانتقاليه وجماعة الاخوان والتوصل الى حل سياسي للازمة عبر الحوار ولماذا فشلت مهمة الوفد في اقناع قيادة الجماعة بأهمية الانخراط في العمليه السلميه والدخول في حوار؟
خلاصة القول أن المشروع الامريكي الخاص بالشرق الاوسط الكبير الذي بشرت به وزيرة الخارجية الامريكية السابقة رايس , بمخاضه وميلاده لاتستثنى منه مصر بل يراد لمصر أن تتبنى قيادة المشروع وتتولى قيادته.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيصبح المصري العريق الثائر بتنفيذ مايراد وراء تلك التدخلات الخارجيه؟ لايخالجنا أدنى شك في أن الشعب المصري لن يسمح بذلك ولن يقف مكتوف الايدي في ارض المعركة ضد الاعداء المتربصين بثورات الربيع العربي, وان شعبنا سيرفع عاليا شعار الكفاح المشترك بين الشعبين السوداني والمصري ضد العدو المشترك وسيبقى ذلك الشعار حيا وملهما للشعبين على الرغم من تغير الزمن والانظمة والحكام في البلدين
د. محمد مراد براغ اغسطس 2013