مع إساءات الإعلام المصري.. علِّمهم شيئاً يا معلم الشعوب

نعم قد يكون لمصر يد تاريخية في توصيل أنبوب التعليم والمعرفة للسودان في مراحل سابقة وذلك بحكم ظروف سياسية وجغرافية وتاريخية.. هذا لا ننكره لكننا وحين نتمعن في تعاطي إعلام جيراننا المصريين معنا ومع قضايانا ومع القضايا المشتركة بيننا.. ونقارن ذلك بطريقة تعاطينا نحن مع قضايا الآخرين وخاصة قضايا جيراننا بمن فيهم المصريون وغيرهم.. حين نقارن بين طباعنا وطباعهم وبين طريقة تعاملنا مع الحياة وطريقة تعاملهم معها.. نتوصل إلى نتيجة أكيدة ونقولها مهما يكن قول التاريخ فيها.. نتيجة يقينية بأننا كسودانيين نختلف عن الشعب المصري الجار لنا اختلافاً كلياً..
نختلف تماماً عنهم في طباعنا وطريقة تفكيرنا ودرجة وعينا.. هذه النتيجة نعلنها ونقولها بكل أدب وبكل احترام.. أننا لسنا شعبا واحدا يا سادة كما تترنمون وكما يقولون، مهما حشدت أمامي من وثائق وشواهد تاريخية لمستوى الاحتكاك والتواصل التاريخي والحالي على جميع المستويات الإجتماعية والثقافية فهي حقيقة لا خلاف حولها.. إننا برغم كل هذا التراكم من الاحتكاك والتاريخي نختلف تماماً عن جيراننا المصريين.. وهذه هي الحقيقة الأهم التي يجب التأكيد عليها .
يجب التأكيد عليها حتى نحفظ لأنفسنا حقها وخصوصيتها ونحفظ لشعبنا حقه وخصوصيته وتميزه الكبير، وحتى لا نؤخذ بالعواطف على حينِ (نيلٍ يجري بيننا).. أو مصاهرات اجتماعية لي أنا شخصياً وللكثير من السودانيين منها نصيب.. لكن الاختلاف موجود وكبير إن لم نقل إنه اختلاف كامل .
والنيل الذي يمر بيننا يعرف هذه الحقيقة.. ولكم أن تسألوه عنها..
نحن على كل حال مجتمع آخر غير المجتمع المصري ومن حقنا أن نقول بأننا مجتمع ليس متميزاً أو مختلفاً فقط عن المجتمع المصري بل عن معظم المجتمعات العربية والأفريقية.. نحن شيء آخر تماماً وهذا ما يزداد يقيني فيه في كل يوم جديد بأن المجتمع السوداني يمتلك مقومات حضارية لا تتوفر في معظم المجتمعات المجاورة لنا، بكوننا وبرغم كل الظروف والتحديات التي نعيشها كدولة تخوض مراحل تفاعل قاسية جداً بين مكوناتها الثقافية والاجتماعية بما فيها من تنوع وتعدد قبلي وعرقي وثقافي كبير وتخوض هذه المرحلة في ظل ظروف اقتصادية وسياسية عنيفة، لكن برغم كل ذلك يحتفظ أو يحافظ هذا المجتمع السوداني على نوع من القيم والمبادئ النادرة في هذا الزمان الذي يسحق المبادئ ويطحن القيم داخل النفوس..
لدينا طباع من ظلمنا لأنفسنا أن نلخصها في مختصر الكرم والحلم والصبر والحكمة فقط بل هي باقة ذهبية من الطباع تعكس مستوى وعي وتحضر يتعجب عندها من يمتلكون المال ويعيشون واقع استقرار وتتوفر لمجتمعاتهم فرص تعليم وتقل عندهم ظروف المكابدة للعيش والفقر لكنهم لا يتمتعون بهذا الوعي الذي يتمتع به الشعب السوداني .
لك التحية أيها الشعب السوداني..
نعم نحن شعب يختلف عن بقية شعوب العالم، شعب يتمتع بمهارة صبر على الأذى.. شعب متحضر حقاً وكبير في عقله..
لن أزيد عن هذا الحديث الذي استدعاني إليه فخري كسوداني بسودانيتي هذا الفخر الذي يتألق أكثر كلما أطالع مثل تلك التعليقات السخيفة المتكررة التي تصدر عن إعلام بلد جار نرجو أن يتحقق لنا في يوم من الأيام معه معنى مصطلح الشقيق بحكم قدر الجغرافيا والتاريخ.. الشقيق الذي لا يحقن شريان شقيقه بسموم الإساءة والأذى، الشقيق الذي يمتلك القدرة على التعلم من خبرته مع شقيقه الشقيق الذي لديه قابلية لأن يوفر في نفسه الشروط التي تؤهله لأن يكون شقيقاً أو حتى صديقاً من غير أصدقاء السوء .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا على الكلمات الجميلة
    عاشرت معظم الشعوب العربية و في كل مرة تزيد قناعتي ان السودانيون لا يشبهون احدا
    نحن شعب مختلف تماما
    حتى من يقول نحن خليط ، اقول له ، نحن لسنا خليط ، نحن سودانيون فقط
    دليلي بسيط و سهل التطبيق..
    لماذا اي سوداني يستطيع ان يعرف اي سوداني في اي مكان في العالم بمجرد النظر اليه.
    أي سوداني من أي مكان في السودان من اي قبيلة تستطيع التعرف عليه بكل سهولة من وسط مأئة واحد و تقول له ازيك يا زول فيرد مبتسما و عليكم السلام من وين يا زول؟

  2. جزاك الله خيرا على الكلمات الجميلة
    عاشرت معظم الشعوب العربية و في كل مرة تزيد قناعتي ان السودانيون لا يشبهون احدا
    نحن شعب مختلف تماما
    حتى من يقول نحن خليط ، اقول له ، نحن لسنا خليط ، نحن سودانيون فقط
    دليلي بسيط و سهل التطبيق..
    لماذا اي سوداني يستطيع ان يعرف اي سوداني في اي مكان في العالم بمجرد النظر اليه.
    أي سوداني من أي مكان في السودان من اي قبيلة تستطيع التعرف عليه بكل سهولة من وسط مأئة واحد و تقول له ازيك يا زول فيرد مبتسما و عليكم السلام من وين يا زول؟

  3. قمة النرجسية عزيزي كاتب المقال . ولا ادري ،الى متى نظل في هذا الوهم المدمر بأننا شعب لا مثيل له في الكون؟ ما اسهل ان نقول نحن الاعلون ، قبلنا قال المتنبي :

    سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ،،، بانني خير من تسعى به قدم ،

    قالها ببجاحة وغرور اعمى رغم ان ذلك المجلس كان يضم ممدوحه سيف الدولة الحمداني امير حلب الاشهر.
    والله اننا ان لم نتخلص من هذه الاوهام ونترك هذا النفخ الفاضي فلن نخطو خطوة واحدة الى الامام، وسنظل فيما نحن فيه من تخلف الى يوم الدين.

    تقول ان الشعب السوداني معلم الشعوب ، رجاءا” استلق على ظهرك وخذ نفسا” عميقا” وانت تنظر للسقف ثم اعطني ما يلي :
    1) قائمة بالشعوب التي علمناها.
    2) قائمة بالعلوم التي درسناها ،،
    وان كنت تطلب خيارات فلك ان تحدثني عما يلي : الشعب الهندي ، الشعب الصيني ، الشعب الاثيوبي ، الشعب الجزائري، الشعب الماليزي .
    ولك ان تختار مما علمناهم ما يلي : احترام الوقت ، نزاهة الحكام ، تجويد العمل ، المحافظة على المرافق العامة ، نظافة المدن ، احترام الطابور.هذا مع مودتي واحترامي .

  4. (….نعم قد يكون لمصر يد تاريخية في توصيل أنبوب التعليم والمعرفة للسودان في مراحل سابقة وذلك بحكم ظروف سياسية وجغرافية وتاريخية…)
    ما اود ان اقول ان انبوب التعليم الذى مدته مصر كما ذكرت هو بحكم ظروف تاريخية وجغرافية وسياسية ولكن لم تسهب لنا فى شرح هذه الظروف التى ذكرتها لا جملة ولا تفصيلأ .. طبعأ لا توجد اى ظروف ولا شى من هذا القبيل ولكنك بحثت عن تبرير لماذا كان يذهب السودانيين للتعلم فى مصر .. ولم تجد .
    السبب هو اننا فى السودان لم نكن محظوظين فى الحصول على قادة سياسين لديهم بعد نظر وتخطيط استراتيجى لمستقبل السودان ولكن لتعاستنا حصلنا على انتهازيين وقصيرى نظر فور اخراج الانجليز بتلك الصورة الدراماتيكية البائسة التى دبروها من كانوا يسمون انفسهم رواد الاستقلال ذلك الحدث التعيس .. بقيادة اسماعيل الازهرى الذى ارسى قواعد الحكم (اللا راشد ) وظن انه سيعزف منفردأ فى دكتاتورية يرسى اركانها هو بنفسه ولكن اكلته نار الطائفية التى كان يريد ان ينال بها هدفه لتقذفه فى يد عسكر 1964 ثم تقذفه مرة اخرى فى يد عسكر 1969 ليموت فى السجن , قصر نظر اولئك هو ما جعل السودانيين يذهبون الى مصر , لثد انشاء الانجليز العظماء كلية غردون لا ستيعاب الطلاب السودانيين فى مرحلة دراسة جامعية وكان حجم الكلية يتناسب مع حجم الطلاب الذين يتاهلون للدراسة الجامعية وفوق ذلك جعل الانجليز فروع الدراسة بهذه الكلية ذات طبيعة تقابل ما يحتاجه السودان من خريجين لقيادة بناء دولتهم لقد كانت كلية الهندسة , القانون ثم مدرسة كتشنر الطبية , ولكن بدلأ من ان ينظر اولئك اصحاب الاستقلال الى التوسع فى التعليم الجامعى انذاك وانشاء جامعة اخرى لمقابلة الاعداد المتزايدة من الطلاب المؤهلين للتعليم الجامعى ذهبوا الى مؤامراتهم ومصالحهم الشخصية وتركوا كل شى او بالاحرى ما كانوا يعرفون شى عن ادارة الدولة , بل طفقوا فى تقديس جامعة الخرطوم بعد ان غيروا اسمها وجعلوها صنم ونسجوا حولها الاحاجى والقصص بانها من اعظم جامعات العالم بل وبعضهم ظن انها لا تدانيها جامعة اخرى فى العالم حتى تلك الجامعات التى انشئت فى القرن السادس عشر , حتى صار ما تستوعبه جامعة الخرطوم ذللك الصنم الورقى لا يتجاوز 2% من مجموع الطلاب الممتحنين للشهادة السودانية , فقد كان ذلك هو اكبر اهدار للموارد البشرية السودانية وضاعت مواهب ومقدرات الالاف من السودانيين الذين كانوا يمكن ان يكونوا مخزون كبير للتنمية وثروة بشرية يستفيد منها السودان ولن كان الايثار ان يظل صنم الورق رمزأ لقصر النظر ولضحالة المعرفة بادارة الدولة وانعدام الرؤى الاستراتيجية حتى جاء جعفر نميرى فى بداية السبعينات لينشى جامعة جوبا التى كانت هى متطلب سياسى اكثر منه التفاتة لضرورة واستثمار فى الانسان ولكنها محمدة تظل ,ثم اردفها بجامعة الجزيرة فى منتصف السبعينات لتضيف اضافة لاباس لها ولكن لم ترتفع نسبة المستوعبين فى التعليم الجامعى لان ذلك التوسع كان فى اضطراد مع اعداد الممتحميين للشهادة السودانية .
    ذلك هو السبب الذى جعل الالاف من السودانيين يتوجهون للدراسة فى مصر , السبب هو قصر نظر القادة السودانيين وضعف مقدراتهم على ادارة الدولة ,وخدمة المصالح الشخصية .. ليست هناك اى ظروف جغرافية ولا تاريخية ولا غيرها , هناك فشل للنخب السودانية فى الالتفات الى متطلبات التنمية وتاسيس الدولة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..