مقالات سياسية

التلصص على الحسابات المصرفية !!

* لو صح أن جهات رسمية طلبت من بنك السودان معلومات عن حسابات وأرصدة بعض الصحفيين ــ وليس هنالك، حسب علمنا، أمر قضائى أو قانونى بذلك ــ فانها تكون سابقة خطيرة وكارثة كبرى، ليس على النظام المصرفى وحده، بل على الأمن الاقتصادى الوطنى والدولة بأكملها، لأن مثل هذا الطلب يعنى، باختصار شديد، انهيار الثقة فى النظام المصرفى الأمر الذى يقود الى إحجام الناس عن التعامل مع المصارف، وبالتالى انهيار النظام المصرفى، وانهيار الدولة ، فليس هنالك نظام مصرفى بدون ثقة، وليس هنالك دولة بدون نظام مصرفى، والثقة هى رأس المال الفعلى الذى يعتمد عليه العمل المصرفى، وليس النقود أو الودائع او شهادات الاستثمار أو الذهب أو أى شئ آخر، الثقة أولا وأخيرا ، وإذا انهارت هذه الثقة، انهار كل شئ، ولو صح بالفعل ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى، فإنها تكون جريمة كبرى فى حق الدولة، وإننى من هنا، ومن هذا المكان أتقدم الى وزير العدل بطلب لفتح بلاغ عاجل للتحقيق فى الموضوع وتقديم الجهات المسؤولة عن هذه الجريمة الكبرى والكارثة الوطنية الى القضاء !!

* وحتى لو كان الخبر كاذبا ولا يوجد شئ مثل هذا، فان الأمر يستدعى فتح تحقيق عاجل، لأن مجرد نشر خبر كاذب كهذا أو شائعة يمكن أن يدمر الثقة فى الجهاز المصرفى ويكون له نفس آثار وتداعيات الخبر الحقيقى، بل إن نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، قد يكون له فى كثير من الأحيان أثرٌّ تدميرىٌّ هائل، أكبر من الخبر الصحيح الذى يمكن تبريره أو وضعه فى إطاره الطبيعى وحجمه الحقيقى، أو حتى إنكاره ونفيه إذا استدعى الأمر، أما الاخبار الكاذبة والشائعات، فإنها تظل تدور وتتداول وتتوالد، وتولّد شائعات أكبر وأخطر تقود لأضرار أكثر فداحة، وكلنا نعرف أنها احدى الوسائل التى تستخدمها الدول فى الحروب أو تحقيق المنافع أو الإضرار بالآخرين، وهنالك أقسام خاصة فى أجهزة المخابرات الوطنية لصناعة الشائعات ومكافحتها، وهنالك القوانين التى تجرّمها وتعاقب عليها!!

* لقد حرصت الاعراف والتقاليد المصرفية والقوانين، ومنذ نشأة الاعمال المصرفية، على مبدأ السرية المصرفية الذى صار حجر الزاوية فى العمل المصرفى والركيزة الاساسية التى يقوم عليها هذا العمل، ولقد قضت المحكمة العليا البريطانية فى عام 1924م، بأن الإلتزام بالسرية المصرفية إلتزام قانونى نتيجة للعقد الذى ينظم العلاقة بين البنك والعميل، وبموجب هذا العقد هنالك شرط حتمى وأساسى يلزم البنك ويحتّم عليه الحفاظ على السرية المصرفية وكتمانها، بل إن المحكمة قالت بصراحة إن التزام البنك قانونى وتعاقدى، وليس مجرد إلتزام أخلاقى أو أدبى، وعليه فإن إخلال البنك بهذا الإلتزام القانونى التعاقدى يمنح العميل الحق فى المطالبة بالتعويض عن جميع الأضرار التى لحقت به، وحسب المحكمة فإنه لا يجوز الافصاح عن المعلومات لأى شخص أو جهة إلا بحكم قضائى أو قانون أو بطلب من العميل، أما غير ذلك فهو اخلال بالسرية المصرفية وممارسة غير قانونية (د. عبالقادر ورسمة غالب، المستشار القانونى ومدير دائرة الشؤون القانونية، بنك البحرين والكويت/ د.كمال عبدالكريم ميرغنى، بنك السودان “سابقا”).

* ولقد تأسس على هذا الحكم وغيره إلتزام صارم بالسرية المطلقة للعمليات المصرفية فى بريطانيا وكل دول العالم، بل إن دولا مثل ألمانيا وسويسرا ذهبت الى أبعد من ذلك وسمحت بفتح حسابات للعملاء باستخدام أرقام سرية بدلا عن أسمائهم، وسنت القوانين التى تعاقب جنائيا على الإخلال بسرية تعاملاتهم، وليس فقط تعويضهم ماليا، وذلك من أجل توفير المزيد من الثقة فى النظام المصرفى واجتذاب المزيد من الناس للتعامل معه، بغية تطوير وحفز الاقتصاد الوطنى، ويكفى كدليل على أهمية الثقة فى النظام المصرفى، ان اقتصاد دولة مثل سويسرا ، بل إن وجودها، قائم على هذه الثقة التى تعتمد بشكل اساسى على الخصوصية الشديدة للعلاقة بين البنوك والمتعاملين معها والإلتزام الصارم بها!!

* إذا كان لأية جهة شك فى حسابات او مصادر أموال اى شخص، صحفى أو غيره، فإنها تستطيع أن تتخذ الاجراءات القانونية المناسبة لتأكيد هذا الشك أو نفيه، أما أن تتلصص على حسابات الناس فى البنوك بالطريقة التى تناقلتها الأخبار (إذا صحت)، فهى جريمة اخلاقية وقانونية وكارثة اقتصادية لا بد ان تُسأل عنها وتُعاقب عليها، ومن يظن أن مثل هذه الأخبار أو الأفعال تخيف الصحافة الحرة النزيهة فهو واهم !!

الجريدة

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا استاذ زهير متعك الله بالصحة والعافية .. ليس هنالك ما يستدعي روعك ودهشتك من هذا الفعل فقد مورس هذا الدمار في الثقة بين البنوك وعملائها من قبل ابان تبديل العملة السودانية 1991 وتم تمليك بنك السودان الذي قام بدوره بتمليك المعلومة لجهات نافذة من بينها جهاز امن الدولة كل حسابات افراد الشعب السوداني في كل المصارف العاملة وجرى خصم 2% على كل حسابات التجار والمهنيين اضيفت حصائلها لجهات غير معلومة وتم ارفاق كشوفات الارصدة واستقطاعاتها الى تلك الجهة ومنع السحب من الارصدة الا في حدود 5% ومن بعد اطلاق سراحها تم تجنيب نسبة 20% لا اعلم ماذا كان مصيرها وكان افراد واتيام البنك المركزي يدسون انوفهم في كل اسرار العملاء ويصدرون التوجيهات بدلا من مدراء البنوك طيلة فترة تبديل العملة .. ليت الامر توقف على انهيار الثقة بل تعداه الى ضياع الحقوق وانتهاك الخصوصية والاعتداء الصريح على اموال الناس .. هذا الفعل ان شئت التحري عنه اسال اي مصرفي عاصر تلك التجربة .. سلطة المؤتمر (الوطني) لم يعد لديها شيئا تخشاه .

  2. مشكلة الذين نطلق عليهم النخب يتعاملون مع هذا النظام كتعامل بقية الخلق مع دول حكامها محترمون ويعرفون أصلا معنى كلمة (دوله) وليتهم فهموا وعلموا ووعوا بأن النظام الحالي منذ أن أطل في ذلكم الليل الحالك البهيم حول البلاد من اقصاها الى أقصاها لملكيه خاصه يتصرفون فيها كيف ما شاؤا وهذه المعلومه لاتحتاج الى دليل انظر الى كل شيء فقد استباحوا كل شيء.. كل شيء لم يتركوا صغيره او كبيره وإلا وقد استباحوها ولم يعطوا لمن كانوا شركاء وطن في يوم من الأيام حتى حق الشفعه ومن الواضح ان بعض نخبنا وازعم بأن الدكتور زهير واحد منهم تآثروا بما يجرى في الشقيقه مصر التي دخلت غرفة الإنعاش لمدة عام واحد أيام حكم الاخوان ثم تولاها الله بعنايته فإستعادة وعيها وعافيتها!! هناك يا صديقى حيث القضاة الشوامخ والنائب العام الممثل لشعبه وإحترام القانون ولعل الدكتور زهير وبعض الكتاب يحاولون إجترار ماضى قُبر مع قضاة شوامخ ونواب عامون لا يخشون إلا خالقهم، اى نائب عام تناشد يارجل يا طيب يا مسكين وانت اعلم بأنه ومن كانوا قبله في هذا الزمن الاجرب كلهم خاصون وبالتعبير المصرى (ملاكى)،فهؤلاء لهم قوانينهم الخاصه وقضاتهم الخاصون ونائبهم العام الخاص والدليل على ذلك ما جرى قبل أيام قليله والحُكم (الرادع جدا جدا)الذى أصدره قاضي من قضاة الزمن القيهب في حق نجل نائبة وزير العدل وضع تحت نائبة وزير العدل ما شاء لك من خطوط وارجو ان تفكر مستقبلا اكثر من الف مره وانت تهم بمناشدة من تعتقد واهما إنهم سوف يلتفتون الى ما تكتب او يعيروه إهتماما .

  3. يا معشر الصحفيين الم تفهموا ما قاله السيد الرئيس (الصحفيين حقينا بقوا ضدنا ) كان يعنى ان جهة ما تدفع لهم كما يدفعون هم للصحفيين حقينهم ويمكن كشف ذلك عن طريق كشف حسابات البنوك وكشف حسابات البنوك ليس جديدا على النظام حتى المنع من السحب من الحساب ليس جديدا على النظام ..شوفوا شغلة تانية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..