أخبار السودان

احترامي للحرامي

لم أكتب عن سرقة شجرة الصندل من داخل المتحف القومي، والتحقيق الذي يجري حالياً مع كبار المسؤولين بالمتحف، لسبب واحد فقط وهو انتظاري عودة حاجبي الدهشة إلى وضعهما الطبيعي وقد طال انتظاري، ومع ذلك أقول إن الحادثة تعتبر تحوّلاً كبيراً جداً في عملية الاعتداء على المال العام، وفي تقديري أن هذه الجرأة و”قوة العين” لم يصلها نَهَبة المال العام إلا عبر مراحل اطمأنوا من خلالها وتأكدوا أن المال العام لا بواكي له، وما وُجد هذا المال السائب إلا لتعليم الناس السرقة .
كنتُ في كل عام استشف “قوة عين” لصوص المال العام من خلال تقارير المراجع العام، وأتوصل إلى درجة من اليقين توحي لي بأن مردة اللصوص لم يعودوا يخشون شيئاً، لا القانون ولا المحاسبة ولا أجهزة الرقابة ولا الإعلام ولا حتى الفضائح، لأن التكالُب على الموارد العامة والاعتداء على المال العام في تزايد مضطرد كأنما قوم استبد بهم العطش فطفقوا يتزاحمون على مورد عذب بلا حسيب ولا رقيب ..
ثم جاءت الآن حادثة سرقة شجرة صندل طولها “6” أمتار، وعمرها أكثر من “50” عاماً وسعر الرطل الواحد منها يساوي “3” ملايين جنيه، والأغرب أن السرقة تمت من المتحف القومي منذ 2014، ولم يثَر الأمر إلا قبل أسبوع، فهل اختلف اللصوص بعد 3 سنوات من “الوفاق”… هذه الحادثة بهذه النقلة الكبرى في مسيرة لصوص المال العام تعكس جملة من المؤشرات منها:
1/ إن حرامية المال العام لم يعودوا خائفين من أي ردع قانوني أو مساءلة لأن اقتلاع شجرة بهذا الحجم والعمق والضخامة يحتاج إلى “أمان” و”تأمين” و”طمأنينة” مما يستدعي السؤال الجوهري من الذي وفّر الأمان والتأمين والطمأنينة للحرامية حتى بدوا مطمئنين لا يخشون عقاباً ولا حساباً، وأخشى أن يكونوا حصلوا على فتوى أيضاً.
2/ بدا لصوص المال العام من خلال هذه الحادثة أكثر طمعاً وأن سقف طموحاتهم في السطو أصبح لا يحتمل المحدودية باعتبار أن قيمة شجرة صندل بهذا الحجم يمكن أن يكسبوا منها مليارات الجنيهات بما يعادل حجم الاعتداء على المال العام في المركز والولايات في عام كامل (مش أحسن ليهم قبضة محترمة زي دي)، عوضاً عن اختلاس بضعة آلاف، أو تزوير تصاديق، أو سرقة عُهَد..
3/ الحادثة أيضاً كشفت انعدام تام للرقابة والتأمين، وأكدت أن الحكاية أصبحت سائبة جداً مما قد يُدخل كل منسوبي المتحف ومسؤوليه الكبار في دائرة الاتهام حتى تنجلي الحقيقة كاملة.
4/ ثمة مؤشرات أخرى تستعيدها الحادثة للأذهان وهي أن من أقبلوا فرادى أو جماعات على هذه الخطوة سبق لهم السطو على المال العام وتمادوا في السرقة حتى وصلوا هذه الدرجة من قوة “العين” والجرأة… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تُحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة

تعليق واحد

  1. وكذلك.. اين ذهبت المصوغات الذهبيةالاثرية بالمتحف والتي تقدر قيمتها بعشرات او وقد تكون بمئات البلاين؟

  2. وكذلك.. اين ذهبت المصوغات الذهبيةالاثرية بالمتحف والتي تقدر قيمتها بعشرات او وقد تكون بمئات البلاين؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..