كل تلك رسائل أنبأتنا بأن الثورة لم تنتصر بعد

* من الطبيعي جدا ان تواجه الثورة السودانية كل هذه التحديات والتناقضات والمواقف الحرجة والاحداث المفاجئة والايقاعات غير المتناغمة او المنسجمة مع اهدافها ومراميها، لهذا لابد من ضبط ايقاعاتها، والمحاولة بإتقان دوزنة اوتارها برفق، وعلينا ان لا نشد بعنف، حتى لا ينقطع وتر يفقد لحن الثورة حسها الوطني ونغمتها المتفردة الجميلة!! .
* بعقولنا قبل عواطفنا يجب ان نستحضر دائما، انها ثورة ولدت بمخاض عسير في ادغال واحراش النظام السابق الملطخة بدماء الابرياء، ولدت جنبا الى جنب في غرفة انعاشه بعد ان توقف قلبه عن النبض ، مما أدى لصياغة وثيقة دستورية هشة غير مكتملة لا تتناسب مع المرحلة الانتقالية، سلبت وانتقصت الكثير من حقوقها، وكرامتها، واصابتها بالضعف، فأنجبت قيصريا وعلى عجل توأمين مختلفين غير متشابهين يمثلان المرحلة الحالية:
– “قيادات عسكرية” ترعرعت وشبت وكبرت وتغذت من ثدي الأم الانقاذية الممتلئ بالخيرات، يفتقد افرادها أجمعين “لكاريزما القيادة” والانضباط العسكري ، فكأنما تلك الأم الانانية المتسلطة اغفلت عن عمد في ان تزرع صفات مكتملة ومتفردة في إبن من ابنائها وأصابتهم بمرضها حتى لا يشب عندما يكبر عن طوعها ويحلم ان يكون قائدا تنجذب الاعين اليه.
قيادات عسكرية تعنتت بدهاء ومكر للانتصار الشعبي وتضحيات النضال وجلبت لنفسها همس وسخط الشارع عليها، مترددة، غير مستوعبة لصدمة التغيير وسقوط النظام ، قاومت وماطلت كثيرا وتراجعت بعدها امام تصلب وضغط الشارع في التوقيع كشريك لقوى الثورة وضمنت بتلك الخطوة ان تكون حارسا وفيا وأمينا على اصولوممتلكات وإرث وشفرات اسرار النظام السابق .
– و”قيادات مدنية حديثة العهد بالسياسة وأخرى حزبية ” تفاعلت بحماس مع الثورة وقفزت على السطح الثوري يملأها الطموح ، تشبثت بالحشد الجماهيري حتى لا ينكشف وجهها، تقود الجماهير الغفير وتحلق في الفضاءات البعيدة تحلم بزوال النظام السابق وببسط معاني الحرية والديمقراطية.
ووجدت نفسها في واقع يضج بالازمات والتحديات، ومكبلة على صهوة وطن موثقة أيادية وارجله بالقيود والعقوبات ومعزول ومأزوم اقتصاديا، وفوق كل ذلك أسيرة ومكبلة ببنود الوثيقة الدستورية، ولا تملك خيارات الرفرفة عاليا والانطلاق وحرية اتخاذ القرارات المصيرية .
* بالساحة الآن قطبين مختلفين في قوتهما، متنافرين في جوهر تطلعاتهما، يقودان دفة الحكم الانتقالي في البلاد ويبدوان للعيان انهما متفقان ولكنهما غير ذلك.
هل يستطيع المدالشعبي الثوري، ان يصحح مسارات الثورة التي لم يكتمل بناء مؤسساتها بعد ويعيد اليها ولقياداتها ألقها وبهائها وقوتها دون ان تنقسم على نفسها؟!
|وهل تستطيع بمواكبها #البمبانية# ان تعيد العسكر لمعسكراتهم ومعاقلهم، ولقواعدهم، ولواجباتهم الاساسية كقادة جيش قومي، وحماة للوطن الكبير، ولثورات الشعوب، وليس كرؤساء يمارسون السياسة، وتفطمهم عن تعاطيها ، وتتجاوز كل تلك التداخلات السافرة في اتخاذ القرارات التي تربك المشهد وتضعف الثقة ؟!!
برير القريش
[email protected]