الحوار الوطنى أم درء الإنهيار الوطنى؟ (1-2)

مرة أخرى لا أخيرة يثبت المؤتمر الوطنى أنه يجوز له ما لا يجوز لغيره, وبزعم الدفاع عن النفس فى مواجهة العزلة والحرب التى فرضت عليه (وهذا ليس صحيحاً) بعد الإنتفاضة عام 1985, أنه نفذ إنقلاب 30 يونيو 1989 .. ثم تسارع إلى الإدعاء بأن العملية العسكرية المنفذه على نسق (السجن حبيساً والقصر رئيساً) وعلى أعلى مستوى سياسى وعسكرى إنما كانت إبنة دوافعها المتمثلة فى الدفاع عن الأرض والعرض, فضلاً عن إنقاذ الإقتصاد وإيقاف تدهور الدولار وعدم إضاعة الوقت فى كثرة الكلام (مثلما فعل رئيس الوزراء الصادق المهدى)… إلى آخر المبررات التى لم تكن ذات صلة بإنفاذ الإنقلاب الذى كانت أهدافه ومراميه باينة سلفاً للعيان والذى بات السودان بعده متدحرجاً نحو الهاوية. مرة أخرى لاأخيرة, وبإعلان المؤتمر الوطنى للحوار الوطنى ولكن بعد خراب مالطا بعد أن وقعت الفأس على الرأس عوض ملاقاة شعب السودان فى منتصف الطريق ? وليس بعد ربع قرن ? بالإعتراف أن الحل المشروع هو التنحى جانباً لكى تتمكن القوى السياسية المعارضة التى أزاحتها الإنقاذ مع سبق الإصرار والترصد كى تزيل آثار عدوان مافعلته الإنقاذ بوطن لايستحق كل الذى أصابه على أيديها.

ورغم أن الدعوة الأخيرة للحوار الوطنى هى مجرد فصل جديد فى مسلسل قديم من مسلسلات الإنقاذ المزعوم, فإن توقيتها بعد خمسة وعشرين عاماً من الخراب والتشتت والدمار الذى أصاب البلاد جراء ما فعله المؤتمر الوطنى بوطن إستولى عليه بقوة السلاح لينتهى إلى ثلثين بعد أن ضاع ثلثه الذى كان مقدراً له البقاء ضمن مليون ميل مربع هى مساحة السودان الذى كان.

ولايخفى الآن أن المؤتمر الوطنى يفقد الخيار أثر الخيار فى تبرير موقفه الرافض للإعتراف بالهزيمة المنكرة التى حاقت بممارسته الحكم على أن الحكم وفنونه أمر صعب المراس لايكون بالإنفراد وإنما بالجهد والعرق والكدح الجماعى على كافة الصعد (والمعنى واضح), والآن لايخفى أن المستهدف بالحوار هو سعيه لإبقائه فى دائرة الفعل السياسى وليس إنقاذ الوطن بمنطق أولئك الذين يدركون ماحاق بشعبنا ووطننا طوال حكم الإنقاذ من مآسى وويلات.

بهذه الكلمات نود أن نؤكد القول بأن الأزمة السياسية والأمنية التى يعانى من تفاصيل وقوعها الوطن من أدناه إلى أقصاه, أن الحوار الوطنى المفضى إلى وفاق الوطنى قد فقد بريقه وأكفهرت محنته وشاهت الصورة المشرفة التى تنطوى عليها المعانى التى لم تكن سوى كلمة حق أريد بها باطل.

يتبــع …

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..