متى يستخدم.. والي الخرطوم صلاحياته؟!

دهشت وأنا أتابع بعض صحافتنا وهي تولي كل اهتمامها لـ(صلعة والي الخرطوم).. ولا يلفت نظرها الكثير المثير الذي طرحه الوالي في ختام أعمال ملتقى النقل والمواصلات الذي نظمته وزارة البني التحتية بولاية الخرطوم.. مصدر دهشتى أنني حضرت جانبا من الجلسة الختامية لذلك الملتقى.. كما استمعت لجانب من كلمة الوالي في ذات الجلسة.. المدهش بالنسبة لي أن الوالي يومها قد طرح ما تجاوز قضية المواصلات في ولايته إلى ما يمس مجمل الولايات.. وما يتجاوز حكومته إلى الحكومة الاتحادية.. مسألة (الصلعة) جاءت تعليقا عابرا.. أمام أمهات القضايا التي ناقشها ذلك الملتقى وعلق عليها الوالي.. مثل الاكتظاظ السكاني للولاية.. وغني عن القول إن اكتظاظ الخرطوم سببه ليس انفجارا سكانيا يعود لتضاعف عدد المواليد بصورة غير طبيعية.. كلا.. بل السبب في الهجرة المطردة والمتزايدة.. نحو الخرطوم كل يوم.. مما يشكل ضغطا هائلا على الخدمات.. وعلى رأسها بالضروة المواصلات.. وحين نتحدث عن الهجرة فلا شك أننا نتحدث عن غياب التنمية المتوازنة.. ونتحدث عن غياب استراتيجية واضحة على مستوى الحكومة الاتحادية.. يتم التحكم بموجبها في النمو السكاني وفي حركة السكان.. وذلك من خلال توزيع الاستثمارات والمشروعات والخدمات.. والمؤكد أن هذه ليست من مهام والي الخرطوم.. والملتقى والوالي سارا في شارع المواصلات في العاصمة مستصحبين التاريخ والجغرافيا.. التاريخ الذي خطط وأسس لمدينة لا يتجاوز ساكنيها بضعة آلاف.. فصار من المتعذر فتح الطرق الجديدة.. إلا بتكاليف باهظة.. بل صار أشبه بالمستحيل توسعة الطرق القائمة مهما كانت رئيسة.. بل ما يزال الخبراء حائرين كيف يجعلون من مدن الخرطوم مدنا قابلة للتعاطي مع وسائل النقل الحديثة.. من قاطرات ومترو وترام.. إلا من خلال أنفاق تحت الأرض.. أو جسور معلقة في الهواء.. ولئن سألت كم يكلف ذلك.. لفاجأتك الأرقام مهما كانت في حدها الأدنى.. وهناك حقائق الجغرافيا.. حيث تشق العاصمة ثلاثة أنهر.. مما حول الخرطوم الكبرى إلى جزر معزولة.. لا سبيل إلى التواصل في ما بينها إلا عبر جسور.. باهظة التكاليف هي الأخرى.. يقول لي أحد الخبراء.. إن سرعة القيادة في كل الجسور التي تعبر أنهار العاصمة تنخفض إلى نحو عشرة كيلومترات فقط في الساعة في معظم الأحيان.. وقد تتوقف كلية في أحيان أخرى.. وإن أي توقف للمرور أو اكتظاظ في أي جسر من جسور العاصمة.. يتجاوز تأثيره محيط ذلك الجسر إلى عدة كيلومترات داخل العاصمة..! إذن.. الوالي الذي يستيقظ كل صباح وهو يحمل هم ترحيل أكثر من خمسة ملايين موطن داخل ولاية الخرطوم.. والوالي الذي يحمل هم الاختناقات المرورية التي تغطي كل شوارع العاصمة دون استثناء.. ربما يكون معذورا بعض الشيء.. لجهة أن هذه قضايا تفوق قدرة حكومته وسعة ولايته.. لكن الذي يجب أن يقال أيضا.. وبعد كل هذا.. إن الوالي يومها في خاتمة ملتقى النقل والمواصلات في ولاية الخرطوم.. قد بدا شاكيا.. ولا شك أن جل الحضور.. إن لم يكونوا كلهم.. قد تساءلوا: لمن يشكو والي الخرطوم.. ولا شك أن لسان الحال قال يومها: الناس يحتشدون هنا منذ الأمس.. ليشكوا للوالي ما يعانون.. فلمن يشكو الوالي..؟
الوالي الذي جاء يشكو من فوضى المواقف.. ومن زحف الأسواق والباعة الجائلين.. على الميادين والمواقف.. على المواقف.. ومن الفوضى الضاربة أطنابها في أربعة أرجاء الولاية.. يتضح أنه وحده.. الوالي.. من يملك سلطة إعادة ترتيب الكثير من الفوضى.. فمتى يستخدم معاليه صلاحياته..؟!
اليوم التالي
انت حارى و لا متعشى
انت حارى و لا متعشى
طرحة الوالي التمتام المقاومة بالنظر يا محمديا نسيب لص كافوري