أخبار السودان

عطش في العاصمة.. يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

الخرطوم – أماني خميس

إذا أردت أن تشاهد دراما لا نظير لها فلا تذهب إلى الفضائيات بل قم بجولة على أحياء العاصمة وانخرط في فرجة حية وواقعية على رحلة البحث عن قطرة ماء تغنيك عن كل (دراما الدنيا).

ها هن النساء يحملن الجرادل والجركانات على كتوفهن ورؤوسهن بحثا عن قطرة ماء يجبن شوارع الحي الواحد ويرحلن من حي إلى آخر في مشاوير صباحية وأخرى مسائية وكأن الخرطوم مدينة تقع في صحراء كلهاري أو الربع الخالي، فيما الواقع يقول إن الأنهار تجري تحتها.

للأسف، إلى الآن لم تقدم السلطات المختصة ما يبرر حالة العطش القصوى التي تشهدها المدينة، لذلك جالت (أرزاق) على بعض الأحياء وجابت شوارعها للوقوف على أسباب الانقطاع المتواتر للإمداد المائي.

أغيثونا أغيثونا

يقول جمال حسن، مواطن من شرق النيل (الحاج يوسف الردمية) مربع (12): “لأكثر من شهرين نعاني انقطاع إمدادات المياه”، يضيف: “من وجهة نظري ليس هناك شح في الماء لأن الشح معناه أن الماء ليس موجوداً أو (قليل) لكن في واقع الأمر فإن النيل على مرمى حجر منا، رغم ذلك فنحن لا نتمتع باستقرار في إمداد المياه ونضطر دوماً لجلبها من خارج الحي”، واستطرد: “أعتقد أنه لا يوجد أي مبرر لهذا الانقطاع المستمر، لذلك دعوني أوجه عبركم نداء عاجلاً لهيئة مياه الخرطوم وأقول لها بالصوت العالي (أغيثونا كدنا نموت عطشا)”.

في انتظار القطرات

(أم علي)، من سكان حي الموردة الذي أصبح على حد قولها يسهر بأكمله ليلا إلى ساعات الصباح الأولى في انتظار الماء وتعبئة الأواني والبراميل، تقول: “طبعاً الموردة أصبحت مشهورة بانقطاع الماء، لكنها أحسن من غيرها من الأحياء المجاورة حيث توقف الإمداد في بعضها تماماً حتى أصبح المواطنون يشترون الماء من (بتاعين الكارو) بأسعار عالية، فقد بلغ سعر البرميل في بعض الأحيان ما بين (50 إلى 70 و80) جنيهاً، وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها فإن هذا يمثل عبئاً إضافياً لا حيلة لنا فيه”، وتساءلت بمرارة: “كيف يعني البحر جنبنا ونعطش؟”، وأردفت: “خلاص قنعنا من الموية دي ذاتو!”.

الحمير بدل المواسير

لا شك أن الاستغناء عن الماء أمر مستحيل، لكن يبدو أن السيدة (أم علي) أرادت أن تحتج بهذه الطريقة. لكن (نجاة تندل)، من مواطنات ضاحية أم بدة بأم درمان، بدت أكثر تفاؤلاً رغم ابتدارها إفادتها بعبارة: “أمبدات دي أصلا ما فيها موية ودا مش من هسي، من زمان الناس بتعاني من انعدام الماء حتى برمجنا أنفسنا على الموية البتجي (بالحمير)، أما المواسير دي فلا تفعل شيئاً سوى الشخير ليلاً، وما بتنزل قطرة موية واحدة إلا بعد كم شهر كدا”.

وجهة النظر الرسمية

وفي السياق عرضنا الأمر برمته على المهندس مكاوي أكيم مدير مياه محلية شرق النيل الذي أرجع الأمر إلى زيادة نسبة استهلاك المياه خلال فصل الصيف خاصة بالنسبة للمربعات (12-16-20) التي تعتبر الأكثر تضرراً.

واعتبر مكاوي أن (المياه شغالة) مقارنة بعدد السكان (المستهلكين) وطريقة استخدامهم من (نظافة، سقي الأشجار وخلافه) الأمر الذي يتسبب أحياناً في هذا الشح، واستطرد: “هناك شح عام في المياه وفي الغالب تتأثر به المناطق العالية وبعض المربعات رغم وجود شبكة للتقوية”، وأشار إلى أنه وبعد اجتماع التأم بحضور والي الخرطوم أثناء زيارته الأخيرة إلى المحلية تم تمويل الخط الناقل بـ(شارع الهوا) وجزء من الخط (24) بوصة وخط (28) بوصة الذي يتوقع أن يصل محطة عِد بابكر قريباً، وبانتهاء العمل فيه ستحل مشكلة مياه محلية شرق النيل نهائياً.

ومضى قائلاً: “أما عن السبب الرئيس في حدوث هذه القطوعات فهو الرواسب التي تتسبب في كسر المواسير وفصلها عن الأحياء بجانب الطمي”. وأردف مكاوي قائلاً: “نحن نعمل على معالجة الطمي الذي يتسبب في العكورة التي تظهر أكثر عندما يكون الإمداد المائي مقطوعا ثم يعود حيث يندفع الماء”، وأكد مكاوي أن العكورة لا تعد مشكلة وليست لها علاقة بالصرف الصحي كما يعتقد البعض، وأن المسافة بين الآبار والصرف الصحي بعيدة جداً، علاوة على أن مياه الصرف سطحية ومعزولة عن المياه الجوفية بطبقة خرصانية وتجرى لها مراجعة دورية كما تفحص مياه الآبار بوساطة المعامل لذلك لا يوجد أي تلوث في المياه.

من جهته أقر المهندس النور خير الله، مدير مياه محلية أم درمان، بحدوث بعض الإشكاليات الأسبوع الماضي، لكنه أكد عدم وجود أي مشكلة في الإمداد المائي في شرق وغرب وشمال وجنوب الموردة، التي تضخ إليها المياه من ثلاث محطات عبر خطوط متكاملة ليست بها أي مشكلة، وأن على أي مواطن لديه مشكلة في الإمداد المائي تبليغ مكتب الطوارئ فورا، والآن الماء متوافر بنسبة 100%، فعدا تلك المشكلة التي استمرت (3 أيام) وعولجت فإن الأمر مستقر الآن خلا بعض التحديات الروتينية مثل (الموتور يمكن يكون عطلان- الشارع مغلق ? الأنبوب مغلق)، وهذه أمور تعالج في مكاتب الطوارئ التي يتلقى الواحد منها بين (40-50) بلاغاً في اليوم إذ يعمل لأربع وعشرين ساعة.

إلى ذلك، أكد المهندس زكي عثمان، مدير مياه محلية أم بدة عدم وجود قطوعات في المياه عدا تلك التي حدثت (قبل يومين تلاتة) حتى استقر الوضع تماماً الخميس الماضي وتوافر الماء بالشكل المطلوب بشهادة اللجان الشعبية، وأشار إلى أنهم في الهيئة وتحسبا لشهر رمضان المعظم وضمان انسياب الإمداد المائي بشكل يومي أنشأوا مضختين وأدخلوا بئرين إلى الخدمة بجانب وجود آبار احتياطية تفاديا لأي قطوعات

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..