أخبار السودان

ديسمبر .. الذكرى الرابعة.. صراعات تغيب صناع الحدث

الشيوعي: الاحتفال للممسكين بجمرة الثورة وليس للموقعين

عبد القادر محمود: ذكرى ١٩ ديسمبر ستصنع هبة جديدة في الحراك الثوري !

البعث العربي: مواكب الغد ستقطع الطريق على الإطاري

قيادي بالمركزي: التوقيع لا يلغي خروجنا للمواكب لتحقيق الديمقراطية

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

ذات المشهد في ١٩ ديسمبر ٢٠١٩، يتجسد الآن ثوار في الشارع، وعساكر وسياسيون يتنافسون على الصعود بسلم الثورة بلافتات مختلفة، ومراقبون يتحسرون على عدم تنفيذ فكرة القيادي بالاتحادي الديمقراطي الراحل محمد علي حسنين بوقف التفاوض وإعلان حكومة الثورة من أمام القيادة العامة. وغداً تحل الذكرى الرابعة لتزيد من توتر المشهد، لجان المقاومة تتمسك بالميثاق، والمركزي يحمل في إحدى يديه الاتفاق الإطاري وفي اليد الأخرى يحمل هتافات الشارع ويؤكد أنها أحد معينات الحل السياسي، لكن البعث العربي قال إن التفاق الإطاري يساعد العسكر على شراء الوقت، بينما وصف الشيوعي ما يجري بـ(الهيصة) المصنوعة لإعادة الشراكة، وكل هؤلاء أعلنوا عن احتفالهم بالذكرى الرابعة، وسط توقعات مراقبين أن مواكب اليوم ستحدث اختراقاً في المشهد سيضعف على أقل تقدير الاتفاق الإطاري إذا لم يحيله أثراً بعد عين.

الضغط على الإطاري!

زادت الغضبة متعددة الجهات على الاتفاق الإطاري، لا سيما بعد وصف مني أركو مناوي في تصريح لـ(اليوم التالي) له بـ(اتفاق الوثائق السرية)، ومطالبة القيادي بالحرية والتغيير الوفاق الوطني الأمين داوود للمكون العسكري بالخروج على الهواء مباشرة حسب وصفه في حديثه لـ(قناة الحدث)  وتمليك المواطنين المعلومات حول العملية السياسية الجارية الآن، ووصف داوود الإطاري بالاتفاقية الثنائية التي تعقد ولا تحل، كذلك صب رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور عبر حديث لـ(الحدث) جام غضبه على الإطاري واصفاُ ما يجري بين المركزي والمكون العسكري بأنه (مساومات).

ورغم الحديث المستمر للمجلس المركزي والبعث العربي الاشتراكي، وكذلك الحزب الشيوعي السوداني عن دعم لجان المقاومة لهم، فجل تصريحات اللجان تنفي ذلك بشدة وتتمسك بميثاق سلطة الشعب والمواكب، وبين هذا وذاك وصف مراقبون خطاب البرهان الأخير بـنه حمل إشارات تراجع ونوايا تأطير للاتفاق الإطاري بمقولته: (لن تكون هناك تسوية سياسية، بل اتفاق يجمع كل القوى بدون استثناء).

عمال وكنداكات!

حزب البعث العربي الاشتراكي الخارج للتو من تحالف الحرية والتغيير اعتبر أن الحدث الجوهري في الذكرى الرابعة للثورة السودانية قطع الطريق أمام الحل الزائف للأزمة أو ما يعرف بـ الاتفاق الإطاري)، وقال متحدث البعث  العربي عادل خلف الله لـ(اليوم التالي) أمس إن ١٩ ديسمبر غداً ستعبد الطريق أكثر أمام المطلبيين والمهنيين والبعث ولجان المقاومة مع العمال والكنداكات، وكل المكونات الشعبية لمواصلة التجمع في الجبهة الشعبية العريضة لإسقاط الانقلاب، وأضاف عدد مقدر من ولايات السودان التأمت فيها الجبهة الشعبية العريضة لإسقاط انقلاب ٢٥ أكتوبر، لا سيما النيل الأبيض وولاية الجزيرة التي ظهرت فيها باسم (أشرقت)، وتمسك خلف الله بأن الحرية والتغيير المركزي لم تعد المعبر الأنسب عن المحتوى الثوري، وأن خطها السياسي بالتوقيع لن يقف عند حد إكساب المشروعية للانقلاب،  بل هي تساعد الانقلابيين على شراء الوقت، لافتاً أن ذلك يشكل مخاطر جمة على مستقبل الديمقراطية بالبلاد.

وأضاف خلف الله أن مواكب يوم غد الاثنين رسائلها واضحة، ومظاريفها مفتوحة، وستكون نقطة انطلاق جديدة لجماهير الثورة لتجاوز الإرباك الكبير الذي سببه ما يعرف بالاتفاق الإطاري.

التفاوض والهتاف!

القيادي بالمجلس المركزي مصباح أحمد محمد نفى أي شعور بالقلق من هذا اليوم، وأعلن عن مشاركتهم في كل الفعاليات جنباً إلى جنب مع الثوار والقوى الموجودة في الشارع السوداني، وأضاف مصباح لـ(اليوم التالي) أمس أن ١٩ ديسمبر يوم من أيام الوطن الخالدة، أعلن فيه استقلال السودان من داخل البرلمان وبلغت فيه ثورة ديسمبر المجيدة ذروتها وتابع أنه يوم مهم للوقفة مع الذات وتجديد العهد للشهداء، نحن داعمون للخروج في هذا اليوم تلبية لنداءات لجان المقاومة، ومصرون على أن تواصل اللجان دورها في الشارع ودعم الحراك الجماهيري بصورة كبيرة جداً.

ومضى المصباح أن الاتفاق الإطاري لن يحقق مراميه ما لم تسنده قوة دفع كبيرة من الشارع، حتى إذا كانت هذه القوى معارضة للاتفاق فإن حراكها سيكون مفيداً لنا للمضي قدماً فيما بعد الاتفاق، لذلك نحن غير قلقين من هذه الذكرى، بل داعمين للجان وقادرون على إدارة التباينات على المقاومة متابعة دورها، لنزيل هذا الانقلاب سواء بالحراك الجماهيري أو بالفعل  السياسي معاً، وتابع: لذلك نحن ندعو الجماهير للخروج غداً، وسنخرج بيانات داعمة للحراك الجماهيري في هذه الذكرى كذلك سنمضي في اتجاه إنهاء الانقلاب عن طريق الاتفاق الإطاري.

وحول التوقعات بحدوث مواجهات بين الساسة والمتفاوضين مع العسكر قال مصباح: لا أعتقد أن يحدث ذلك لأننا لسنا ضد بعض، لأن قوى التغيير ليس بينهم تضاد، لأن الموقف الوطني مشترك في تحقيق التحول والآليات أيضاً متفق عليها، نحن سلكنا طريق الحل عبر العملية السياسية، وهم يرون أن هذه العملية ربما لن تحقق الأهداف المنشودة، باعتبار أن الجانب الآخر العسكري غير موثوق، وغير مأمون الجانب، وبالتالي نحن أيضاً نتفهم هذه المخاوف، ونعي هذه التحفظات تجاه الجانب العسكري، وذلك بسبب مواقف كثيرة منه مرت على الثورة السودانية كان فيها نكوص عن العهود، وغدر بالمواثيق مما خلق هذه الفجوة من عدم الثقة.

وأضاف مصباح: نحن نتطلع الى أن يستمر حراك الجماهير حتى إلى ما بعد تشكيل الحكومة، ليكون هو الرقيب على عمل مؤسسات الدولة والدافع للحكومة لتحقيق أهداف الثورة. ولفت إلى أن الذين يرون التوقيع على الإطاري يعني عدم المشاركة الجماهيرية في الشوارع  فهم مخطئون، وأكد أن التحالف جزء من الثورة السودانية وإليها.

(الفريم المدمر)!

الحزب الشيوعي السوداني رأى أن غداً الاثنين لن يكون يوماً سعيداً على  الموقعين على الاتفاق الإطاري أو الإعلان السياسي أو الذين تبنوا الدستور الذي زعموا أنه صاغته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وقال متحدث الحزب الشيوعي فتحي الفضل لـ( اليوم التالي) أمس إن كل هذه (الهيصة) يحركها بشكل أساسي المجلس العسكري واللجنة الأمنية لنظام البشير والمجلس المركزي، وأضاف: بالطبع هنالك ضغط من اللجنة الثلاثية  والرباعية، لكن أساس العملية هو محاولة إعادة الشراكة (مركزي _ عسكر) وإعادة فرضها وفرض التسوية السياسية، بإشراف السفارتين الأمريكية والسعودية بالسودان، ومضى الفضل أن الوثائق التي تم التوقيع عليها ستصطدم بواقع الثورة خلال يوم غدٍ، وشدد على أن هذه الوثائق ستفشل كما فشلت جميع الوثائق التي أبرمت في السابق مع العسكر.

ومضى الفضل أن (الفريم) السياسي الذي وقع عليه بالقصر الجمهوري سيواجه الجدل حول البنود الأربعة الصعبة المطروحة داخله (رئيس الوزراء الأمن، العدالة، التفكيك)، ورأى أن أي حوار فيها سيكون بعيداً عن الواقع، لأنه لا يوجد أي نوع من الأرضية المشتركة بين مكونات الموقعين وما يطرحه الجانب القابض على السلطة، وأشار الفضل الى أن رئيس المجلس السيادي بدأ منذ أيام يتراجع وفق تصريحاته عن ما وقع عليه في القصر: (لن تكون هناك تسوية، بل اتفاق يضم جميع القوى دون استثناء)، وبالتالي فإن التاسع عشر من ديسمبر وما يليه سيشهد فشل ما حاولت بعض القوى وبشكل خاص المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إنجازه من حل ثنائي، وتمسك الفضل أنه لا يمكن في هذه الظروف نجاح أي مبادرة تضم اللجنة الأمنية أو من أجرموا في حق الشعب السوداني كحل للأزمة الحاليية. واصفاً ما يجري الآن فيما عرف بالتسوية بأنه جزء من الأزمة واتجاه لتعميقها.

ونوه الفضل أنه من الناحية الأخرى ستسير القوى الحية ممثلة في لجان المقاومة وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي، وكل القوى الحية الأخرى (الناس الماسكين جمرة الثورة) في الاستمرار في نضالها من أجل تحقيق الأهداف الأساسية الممثلة في انتزاع السلطة المدنية والتحول الديموقراطي عبر إسقاط الانقلاب بالإضراب والعصيان، وإقامة البديل الوطني.

سقوط الإطاري

١٩ ديسمبر ستكون علامة فارقة في مسار الثورة السودانية بعد أن تكشفت النوايا وأصبح الأمر غير خافٍ على أحد فيما يخص الثبات على مبادئ الثورة وأهدافها، سيما وأن الاتفاق الإطاري الأخير فرز القوى المدنية بشكل واضح بين تلك القوى التي تتمسك باللاءات الثلاث وتلك القوى المتمسكة بالمحاصصة والسلطة والنفوذ، وبذلك أن الثورة الآن في طريقها الصحيح نحو تحقيق كامل الأهداف وربما الأيام القادمة يحدث ما يخشاه المكون العسكري من التفاف ووحدة قوى الثورة الحية وحينها سيكون للشارع كلمته الأخيرة في كل هذا المشهد السياسي المتداعي.

ذكرى ١٩ ديسمبر لن تكون مجرد ذكرى، وإنما بداية جديدة الحراك الثوري السوداني الذي سيستمر إلى بلوغ منتهاه وتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.

وما أشبه اليوم بالبارحة حين عمد النظام السابق على وأد الثورة من خلال التسوية والاتفاقات مع ذات المكونات السياسية اللاهثة الآن وراء الاتفاق الإطاري وبعدها حدث ما حدث واندلعت الثورة حتى السقوط الكامل لمنظومة الإسلام السياسي.

=-=–

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..