مقالات سياسية

الزراعة بارقة أمل

د. عمار بابكر موسى

المنعطفات الاقتصادية الكبيرة التي مرً بها السودان والأزمات التي توالت عليه , هي نتيجة سوء تخطيط سبق خروج البترول , حيث أن موارد البترول خلال المرحلة التمهيدية ما قبل الانفصال كان من الممكن لها أن تسهم إسهامًا كبيراً في إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني بما يتوافق مع واقع جديد , إِلَّا أَن التدفقات النقدية السهلة وقتها مع الترهل الكبير في النظام الإداري كان سبباً للأزمات الاقتصادية التي توالت منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا .
كل المعالجات التي أعقبت خروج البترول ظلت تدور حول الحصول على موارد نقدية لمعالجات آنية لأزمات اقتصادية ظلت تتنامى في الاستفحال , وحالنا من حيث الموارد ( كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول ).
القطاع الزراعي في السودان من القطاعات التي ينبغي لها اختيار إداراتها بعناية فائقة , إدارات تتمتع بعلم و مواهب وخبرات كبيره من حيث التجارب العالمية في كيفية الدفع بالقطاع الزراعي ليكون فاعلاً في الناتج المحلي الاجمالي , ومسهماً فيه بأعلى المستويات بالمقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
إدارات تتمتع بالخبرات الكبيرة والأفكار الابداعية في كيفية توسيع الوعاء الاستثماري في القطاع الزراعي وكيفية تكوين أو اِستِقطاب رؤوس أموال محلية وأجنبية قادرة على النهوض بالقطاع الزراعي والاستفادة من المزايا النسبية لبقاع السودان ( شماله وشرقه وغربه وجنوبه ) , ادارات متسعة الأفق , ملمة بمحيطها الاقليمي فيما يخص التجارب العالمية والمنتجات الزراعية ذات القيم الاقتصادية الأعلى , وتفعيل دور البحوث الزراعية , والعمل على ادخال منتجات جديده تضاف الى صادر القطاع الزراعي .
التسويق للاستثمار الزراعي في السودان هو تسويق لقطاع آخر , وهي الصناعات التحويلية , فان استطاب رؤوس الأموال الأجنبية , والتسويق للمناخ الاستثماري في السودان , هي أولى الخطوات الصحيحة برأينا في كيفية زيادة موارد السودان من النقد الأجنبي – وهي الشراكات التي تحفظ للوطن ماء وجهه عند حاجته للموارد النقدية , وخير من التعويل على المنح والهبات والقروض , والاعتماد كلياً عليها في معالجات ثقوب الميزانية.
من المتغيرات و المؤشرات الجيدة في الذهنية السودانية , اهتمام الشباب السوداني بالزراعة النوعية , ومن أميز المجموعات بالوسائط الإلكترونية مجموعة ( الزريع السوداني ) , فقد تضمنت تجارب فعليه لزراعة أشجار ونباتات في المنازل , وأهمية تلك المجموعة في تبادل الخبرات من خلال استعراض تجارب فعلية لمراحل نمو أشجار ونباتات وميزاتها الاقتصادية والبيئية , وقد وجدت تلك المجموعة رواج واسع , وكذلك مجموعة أخرى تبنت مشروع سودان أخضر بتوزيع أشجار فواكه مجانية بغرض الزراعة المنزلية , وفي احدى المناطق بالولاية الشمالية وزعت حوالي 1000 شجرة مجانية لتزرع في المنازل خلال الشهر المنصرم.
تلك المبادرات في الغالب تبنتها مجموعات شبابية جمعت بين التعليم التخصصي والهواية , وكذلك ابتغاء الأجر والثواب ( في كل كبد رطب أجر ) , وهي مبادرات تشير الى أن السودان موعود بنجاح القطاع الزراعي اذا ما تم التخطيط له بخطط واستراتيجية قصيرة وطويلة الأجل , وتسخير الامكانيات المتاحة لنهضة زراعية من الممكن ان يقدر لها ان تكون تجربة رائدة على مستوى القارة الافريقية , لما يتمتع به السودان من موقع جغرافي وتنوع مناخي وتربة .

د. عمار بابكر موسى
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..