كفيف يدرس بالجامعة ويبيع الكتب محمد بلة.. زول يعيش وليهو قيمة

الخرطوم: محمد بدر الدين
لم تمنعه حقيقة كونه كفيفاً، من أن يرتقي بطموحاته وأحلامه لينافس بها المبصرين، فبحسب بصيرته التي استطلع بها جوهر الأشياء، فإن الإعاقة ليست حاجزاً دون النجاح.
محمد بلة، طالب بجامعة أم درمان الإسلامية، كلية الدعوة، المستوى الثاني، ينطلق كل صباح من مسكن أسرته بحي مايــو (جنوبي الخرطوم) ممسكاً بتلك العصا المميزة ذات الخطوط البيضاء والحمراء، يهش بها على آماله، ويتوكأ عليها وعلى عزيمته، فعندما كان في الثالثة من عمره، أصيب بمرض الحصبة، ونجا من الموت من بأُعجوبة، غير أن الداء أخذ منه بصره بغير رجعة.
بمساعدة والدته، استطاع محمد أن يقهر المستحيل والظروف، فاستكمل مشواره التعليمي، حتى بات الآن قاب قوسين من التخرج داعية إلى الله وإلى الحق.
لم يكتف الشاب محمد بالذهاب والعودة من الجامعة، خاصة وهو يعلم يقيناً، أن الظروف تحاصر والدته وإخوته منها، فاختار أن يساعدهم عن طريق بيع كتب الأطفال، والكتب الدينية، وبعض المستلزمات البسيطة، حيث وقع اختياره على موقع يطل على شارع المك نمر، بالقرب من بوابة كلية التمريض بجامعة الخرطوم، وهكذا ما إن تنتهي محاضراته في الجامعة حتى يهرع إلى موقعه ذاك، يفرش الكتب على الأرض، وهو راضٍ بما قسمه له الله.
ولكن الظروف لا ترحم، فمحمد يحتاج إلى جهاز حاسوب، ليسجل عليه المحاضرات، فهو ما زال يعتمد على التسجيل بالموبايل، وأحياناً على أشرطة الكاسيت، ولكن في كثير من الأحيان يفقد جميع ما سجله، بفقدان ذاكرة أو شريط، أو بالتلف.
يؤكد محمد في حديثه لــ”التغيير” إنه يتعامل في بيع الكتب لأكثر من عشر سنوات، وبين أنه يتمكن من التمييز بين فئات النقود المختلفة، بوضع كل فئة في جيب على حدة.
التغيير